لا حكومة قبل الانتخابات الأميركية

30/09/2020 06:52AM

عندما يفشل الوسيط الفرنسي في تشكيل حكومة فهذا يعني ان لا حكومة في الأفق، لأنه عندما لا تتمكن قوة الدفع الفرنسية التي واكبت التأليف خطوة خطوة وليلاً ونهاراً من تجاوز العراقيل والمطبات والأفخاخ وصولاً إلى ولادة الحكومة، فهذا يعني انّ القوى المحلية غير قادرة منفردة على الاتفاق على طبيعة الحكومة المقبلة.

ومن الواضح استناداً إلى ما أعلنه ماكرون، الذي رَحّل الحلّ الحكومي إلى 6 أسابيع، بأنه يربط التأليف بالاستحقاق الرئاسي الأميركي، فهو لم يعلن ذلك جهاراً، ولكن المدة الجديدة التي التزم بها تؤشّر بوضوح إلى هذا العامل الذي جَمّد كل شيء عملياً على مستوى المنطقة لا لبنان فقط، حيث دخلت كل المنطقة في مرحلة انتظارية إلى ما بعد الانتخابات الأميركية. هذه المرحلة التي تجد القوى المعنية بأن لا مصلحة لها بالدخول في تسويات مؤقتة طالما انّ المدة الفاصلة عن هذا الاستحقاق أصبحت قصيرة جداً.


ومن المستبعد ان لا تشهد هذه المرحلة اي خرق حكومي باستثناء إبقاء النقاش في هذا الملف مفتوحاً، كما انّ الدعوة إلى استشارات التكليف مستبعدة في ظل الخلاف المستحكم على طبيعة الحكومة المقبلة، فلا فريق 8 آذار في وارد تكرار تجربة حكومة الرئيس حسان دياب، ولا هو في وارد القبول بحكومة لا يمسك بمفاصلها، فضلاً عن انّ الحكومات السياسية او التكنوسياسية مستبعدة كلياً لاعتبارات خارجية أكثر مما هي محلية.

وقد شكلت المبادرة الفرنسية الفرصة الأخيرة قبل ان تدخل المنطقة في «ستاتيكو» الانتخابات الأميركية، ولكنها لم تتمكن من ان تحيِّد لبنان عن النزاع الأميركي-الإيراني، وفيما لو تشكّلت حكومة الرئيس المعتذر مصطفى أديب كان نجح لبنان في أن ينأى بنفسه عن السخونة الإقليمية، إلّا انّ حسابات الحقل لم تنطبق مع حسابات البيدر. وبمعزل عما إذا كان هناك سوء إدارة للمبادرة، أو قرار إقليمي مسبق بتعطيلها، فإنّ النتيجة هي واحدة، وأن الحكومة في لبنان أصبحت على التوقيت الأميركي-الإقليمي لا المحلي.

 

ولعلّ الأولوية في هذا الوقت الضائع تكمن في تجنيب لبنان الانزلاق نحو الأسوأ، إن بتخفيف التشنجات السياسية، أو بتفعيل حكومة تصريف الأعمال، لأنّ المطلوب اعتماد سياسة صمود لإمرار هذا الوقت الضائع بأقل كلفة ممكنة على المواطنين الذين يئنّون بسبب تدهور الأوضاع المعيشية.

ولن تتوقف القوى السياسية في هذه المرحلة عن إعلان تأييدها الكلامي للمبادرة الفرنسية، ولا عن سعيها لتأليف الحكومة، ولكن كل ذلك سيبقى في إطار الكلام للكلام من أجل تهدئة رَوع المواطنين والأسواق، وبالتالي العبور إلى المرحلة الجديدة. فيما الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي أعلن تخلّيه عن المبادرة الحكومية، لم يتخلّ عن المبادرة الإنسانية المتعلقة بمساعدة لبنان واللبنانيين، ما يؤشّر إلى رفض فرنسي واضح لأيّ مشروع يرمي إلى دفع لبنان نحو الحرب والفوضى، كما انّ اي مشروع من هذا النوع سيؤدي إلى عرقلة الهندسة الجديدة التي يعمل عليها للمنطقة، لأنّ انفجار النزاع في لبنان ستكون له امتدادات خارجية ولا يشكّل مصلحة لأي طرف خارجي، ولكن يبقى على همّة المسؤولين اللبنانيين اعتماد السياسات التي تمنع تدهور الأوضاع أكثر فأكثر.


المصدر : الجمهورية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa