مشلول وممدّد كجثّة تتنفّس: تعرّفوا الى أحمد.. سجين بلا محاكمة!

26/10/2020 03:36PM

هل تصدقون أن الشاب أحمد.. موقوف منذ سنتين من دون محاكمة في قضية ترويج مخدرات بهدف التعاطي، وهو مصاب بشلل كلي، وغير قادر حتى على الجلوس؟

أوقف أحمد شحيمي، وهو في المستشفى يتلقى علاجه بعد إصابته بطلق ناري في رئته فأصابت أيضا عاموده الفقري، وأردته مشلولا كجثة ممددة تتنفس.

تنقل والدة الموقوف في حديث لـ "السياسة" عن لسان القاضي عندما رأى وضع ابنها الصحي ما حرفيته: " أنا شو بدي أحكم  فيه بعد ؟".

وتشرح الحاجة حالة ولدها الصحية بألم، قائلة " أحمد مصاب بشلل تام، وتورم في كل جسده والتهابات، كما أصيب "بعقر" وجرثومة قضت على فقرة ونصف من ظهره خلال مكوثه 3 أشهر في مستشفى رفيق الحريري الحكومي، بعدما نقله الصليب الأحمر الذي كان أكثر رحمة وشفقة وانسانية من الدولة، وتابع حالته الصحية وقدم له كرسيا متحركا".

لا مطالب لوالدة أحمد سوى الإسراع بمحاكمته والنظر بوضعه الصحي السيء، وتؤكد أن ولدها "سار في الطريق الغلط وقد دفع الثمن من صحته وزيادة، فماذا سيكون عقابه أكثر من ما هو عليه؟"، مضيفة " شلل ابني أصاب جهازه التناسلي أيضا، ولذلك هو بحاجة للميل من أجل التبول، وأنا لم يعد باستطاعتي شراء حفاضات له"، و "رفقاته بالسجن بحمموه وبطعموه وبغيرولوا الحفاض، لو ما هني شو كان صار فيه؟". 

"كذبوا عليّ وقالوا لي أنهم سيأخذونه من المستشفى الى مكان شبيه ليهتم به الأطباء، لكنني تفاجأت أنهم نقلوه وهو في هذه الحالة الصحية الى النظارة ومنها الى قسم الاحداث، في الوقت الذي لم يمض على دخوله المشفى للعلاج سوى 14 يوما، فهل هذا كاف لشخص مصاب بشلل تام؟"، تقول الوالدة منهية حديثها بعبارة " إبني تعاقب وزيادة.. انا بدي إبني ".

من جهتها، تلفت المحامية سهى اسماعيل وكيلة الموقوف الى أن "وضع وكليها الصحي والإنساني لا يحتمل المماطلة في المحاكمات ولا التأجيل، وقد تم تأجيل المحاكمة أكثر من مرة وفي كل مرة تكون المدة طويلة حتى وصلنا اليوم الى طريق مسدود في ظل إقفال المحاكم بسبب جائحة كورونا". 

وعلى الرغم من تقديمها أكثر من طلب لتقديم موعد الجلسة، الا أن الطلب دائما ما كان يُرد. وهنا تشرح المحامية: " تعجيل المحاكمة ضروري في كل الحالات وحق لكل موقوف، فكيف إذا كنّا أمام وضع انساني بهذا الشكل، نحن نريد أن نستفيد من إصدار الحكم كي نتمكن من تقديم طلب عفو خاص نظرا لوضع أحمد الذي لم يعد يحتمل، أو حتى إدغام الأحكام والإستفادة من تخفيض العقوبات". 

وتقول الأستاذة سهى " أحمد مذنب صحيح، ولكن ما من قانون يسمح بكل هذه المدة من التوقيف من دون محاكمة، كما أننا امام وضع انساني يستدعي أن يتم التصرف مع ملف المذنب من باب الرحمة، وخروجه من السجن لن يؤثر على المجتمع".

قضية اليوم، واحدة من بين عشرات القضايا الإنسانية الموجودة في السجون، والتي تُظلم وتُجلد نفسيا وصحيا، بسبب تأخير المحاكمات لأسباب لا مبرر لها. 

وقصة أحمد شحيمي الأليمة، عبرة ومثال لما قد يسببه تأخير المحاكمات مع وجود حالة انسانية صعبة تستدعي التحرّك سريعا، لا المماطلة والتعامل مع القضية كباقي الملفات على قاعدة التأجيل والتغيّب.

فالعدل أساس الملك.. والعدل لا ينفصل عن الإنسانية..

هذه العدالة التي يتوق اليها الإنسان لاسترداد حقه بقصاص "عادل" من المرتكب لا تعني التجرّد من الإنسانية. فالعقاب ليس للتنكيل والتشفي وإنما وجد 

كوسيلة رادعة عن الجريمة، والسجن مركز تأهيلي لمن غاص في "وسخ الدنيا" لا مكانا للتعذيب والموت البطيء.

الموقوفون بالآلاف في السجون من دون محاكمات. هذه المعضلة تحديدا قد تكون السبب الرئيسي لكثرة "الطفّار" ممن قضاياهم بسيطة، إلا أنهم يفضلون الهروب على العيش في سجون غير مؤهلة ومن دون محاكمة فيمضون أعواما تفوق عقوبتهم ويصبح لهم دين عند الدولة.

أحمد شحيمي عينة من بين عينات كثيرة موجودة في السجون تعاني من حالات صحية صعبة، وخروجها من السجن كما وجودها فيه، لا تأثير له سوى أنه عذاب جسدي تفوق قساوته الجرم الذي ارتكبه المذنب.. لكن طالما أن القضاء في لبنان كاللوتو "بيفتح الاثنين والخميس".. فكيف سيتمكن القضاة من إتمام ملفاتهم وعقد الجلسات والتسريع في الأحكام؟ 


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa