مصدر أميركي: العقوبات ضد إيران سترسم "اتفاقاً نووياً" جديداً

06/11/2018 07:11AM

 بديع يونس 

 

يبدو أنّ مرحلة جديدة مقبلة في إيران وفي المنطقة سوف ترسمها العقوبات الأميركية برزمتها الثانية على النظام في طهران. واستخدام تعبير "النظام" هو ما تصرّ عليه واشنطن التي تؤكد أنّ هدفها الأول والأخير ليس قائماً ضد الشعب الإيراني بل ضد النظام الحاكم في إيران.

 

"إيران لم تلتزم بروحيّة الاتفاق النووي" والرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتمد "سياسة حافة الهاوية" ضمن استراتيجيته لإعادة رسم "اتفاق نووي جديد مع إيران بشروط لا تعيد الأخطاء السابقة". هاتان النقطتان ركّز عليهما ديبلوماسي أميركي الذي يشغل منصباً رفيعاً في واشنطن خلال متابعة بينه وبيني دامت لأكثر من شهر في موضوع العقوبات على إيران وإعادة فرضها وأبعادها وأهدافها ومدى جديّتها في التنفيذ والمعوّقات أمام نجاحها كاملة.


اليوم وبعد دخول الرزمة الثانية حيّز التنفيذ فجر الخامس من تشرين الثاني فإنّ بعض المعلومات تأتي في سياق هذا المقال وفق ما تراه الإدارة الأميركية في هذه القضية.


توصّل ترمب ومن ورائه الأميركيون عموماً  إلى قناعة بأنّ اتفاق الإدارة السابقة أتاح لإيران أن تتوسّع في المنطقة 


في ما يتعلّق بالنقطة الأولى, توصّل الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومن ورائه الأميركيون عموماً (من جمهوريين وديمقراطيين) إلى قناعة بأنّ اتفاق الإدارة السابقة في عهد الرئيس أوباما أتاح لإيران أن تتوسّع في المنطقة وتصبح "الراعي الأول للإرهاب في العالم", وفق تقارير متقاطعة ليست مخفيّة عن أحد ويمكن إيجادها بسهولة عبر محرّك البحث غوغل. وبالتالي فإنّ قرار الانسحاب جاء مبنياً على مبدأ "عدم الالتزام بروحية الاتفاق" والتي فسّرها المصدر بـ"أنّ الهدف من الاتفاق النووي الموقّع عام 2015 كانت تقضي بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي وقنبلة ذرية وفق مبدأ يهدف لعدم تهديد المنطقة والسلم الإقليمي والعالمي. صحيحٌ أنّ إيران لم تصنّع سلاحاً نووياً مذاك الحين لكنها قامت بما يترافق مع تبعات خطيرة لذلك بتهديد السلم العالمي بأساليب أخرى". فقد استغلت طهران رفع العقوبات وتحرير عشرات ميليارات الدولارات لتنفيذ مشروع توسّعي يتغذّى بالدم وبالحروب من العراق وسوريا ولبنان وصولا إلى اليمن. وهذا ما يقصده الأميركيون بـ"روحية الاتفاق" وفق المصدر الأميركي الذي أضاف: " هذا المشروع الإيراني المشبوه في كلّ المقاييس بأبعاده الطائفية وإقامة "دولة داخل دولة" وضرب الأساسات الدستورية والمؤسسات الرسمية وتهديد الأمن القومي لكلّ من هذه الدول ليست سوى امتداداً لـ"ولاية الفقيه", وهذا ما تراه واشنطن حين تقول "إيران لم تلتزم بروحية الاتفاق النووي". واليوم في واشنطن الموقف من إيران سيّان لدى الحزبين "الجمهوري" و"الديمقراطي".

 

وفي ما يتعلّق بالنقطة الثانية, يرى المصدر أنّ سياسة "حافة الهاوية" التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترمب من شأنها أن تعيد رسم خطوط اتفاق جديد في النهاية لا يعيد أخطاء تجارب سابقة وردت في الاتفاق السابق وقد استغلتها إيران بدورها على مر السنوات الأخيرة.

 

يأتي كلام الديبلوماسي الأميركي متقاطعاً إلى حد كبير مع تصريحات وزير الخزينة الأميركي ستيفن منوتشين الذي قال إنّ "العقوبات الجديدة على طهران تمثل أقصى ضغط اقتصادي تم فرضه على النظام الإيراني, وهي تأتي كجزء من استراتيجية الإدارة الأميركية لتغيير سلوكيّات طهران ودفعها للموافقة على اتفاق نووي أفضل بالمستقبل". وأضاف أنّ " الاتفاق السابق كان الهدف منه تحسين مستوى معيشة الشعب الإيراني إلا أن النظام استغل أمواله لدعم الإرهاب بدلا من الشعب ".

 

في الموازاة, يرى آخرون ـ ومن بينهم سفيرٌ سابقٌ في إيران ـ بأنّ طهران لن تستسلم للعقوبات خصوصاً مع وجود مواقف متباينة أبرزها الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وروسيا والصين وغيرها من الدول. لكن السفير السابق في طهران يرى في الوقت نفسه أنّ إيران ستتأثّر إلى حدّ كبير داخلياً وسط "حالة التململ" داخل الشارع الإيراني. ولم يستبعد السفير أن يكون هناك تصعيدٌ عسكري وحوادث أمنية وعسكرية إذا قررت إيران مثلاً أن تبحر بواخرها وناقلات النفط في المياه الدولية, وكيف سيتصرّف الأميركيون إزاء هذا التحدّي؟ هل يستهدفون هذه البواخر مثلاً؟ إذن هناك أيضاً تساؤل حول مدى جدية الولايات المتحدة بـ"تقليم أظافر إيران" والذهاب باتجاه حل عسكري. وهذا البعد لا يمكن التغاضي عنه في الصورة المستقبلية لتبعات العقوبات.

 

قد يكون هناك تصعيد عسكري إذا قررت إيران مثلاً أن تبحر بواخرها وناقلات النفط في المياه الدولية


مصدر إيراني مخضرم شارك وجهة نظره "غير الحاسمة" إلا أنها تحمل تفاصيل من داخل إيران في أوساطها غير الرسمية والمُعلنة. فيقول إنّ "إيران اكتسبت تجارب كثيرة عبر السنوات من العقوبات وكيفية الاستدارة عليها. وطوّرت آليات متقدمة للالتفاف حولها" لكن المصدر الإيراني يستدرك بالقول إنّ "النظام في إيران قلقٌ هذه المرة أكثر من أي وقت مضى حيث أنّ الأميركيين بدورهم لم يكونوا في موقع المتفرّج أثناء التفاف إيران على العقوبات سابقاً بل كانوا بدورهم يراقبون ويتهيأون لمواجهة الالتفاف الإيراني مستقبلاً وطوّروا بدورهم موانع لإحباط محاولات إيران بالاستدارة على العقوبات. والسلطات بإيران تعرف ذلك تماماً". المصدر الإيراني لم يحسمها لكن أقرّ بصعوبة وتعقيد سيواجهان إيران هذه المرة للاستدارة على العقوبات الأميركية. ولدى سؤاله عن مدى قدرة الموقف الأوروبي مثلاً من جعل إيران غير آبهة بالعقوبات الأميركية, أقرّ المصدر الإيراني بأنّ "الشركات الأوروبية لها مصلحة في إيران حتماً لكنها لن تستبدلها بالسوق الأميركية".

 

وهنا لا بد من القول إنّ العقوبات الجديدة على إيران قد تثقل النظام في طهران أكثر من أي وقت مضى. ولكن مفاعيل ذلك لن يبدأ بين ليلة وأخرى. هذه المرة قد لا تحتمل إيران العقوبات كما سابقاً حيث انفضح مشروعها التوسعي على حساب شعبها منذ عام 2012 . فهل تعود إيران إلى داخل حدودها أخيرا وتهتم بالشعب الإيراني أولاً وتترك الجوار بحاله؟ أو ستواصل التوسّع على حساب الداخل الذي لن "يرحمها" هذه المرة مع قرابة 16 مليار دولار صرفتها بسوريا وحدها منذ عام 2012 و700 مليون دولار لحزب الله سنوياً ومليارات أخرى في العراق واليمن؟


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa