هل يغسلُ حزبُ الله يدَيه؟

04/12/2018 07:49AM

قد يستيقظُ الوزيرُ السابق وئام وهّاب ذات يومٍ قريبٍ لينتهلَ من أحداث التاريخ حكايةَ "النكران الثلاثي" قبل صياح الديك. حينها سيجد الرجلُ نفسَه وحيدًا في الساحة، يُرجَمُ من كلّ حدبٍ وصوب من دونِ أن يصدّ "الحلفاءُ" الحجارة عنه أو يردعوا راميها . ليس حزبُ الله الذي رمى وهّاب الكرةَ في ملعبه في وارد صدّ تلك الحجارة بقوّة السلاح ولا حتى بقوة السياسة ركونًا إلى الحنكة التي يتّسم بها أمينُه العام السيّد حسن نصرالله. فالسيناريو المَعيش هذه المرة ميؤوسٌ منه، ومشهدياتُ الواجب لا تغني عن حقيقة "تعبٍ" ينخر في نفسيّة حزب الله من إشعال الشوارع والفتنة في غير مناسبة.

يبدو سخيفًا التسليمُ بأنّ حزب الله لا يريد تشكيل الحكومة


يخطئ قائلٌ أو ظانٌّ أنّ الحزب هو من حرّك وهّاب، رغم أنّ هذا السيناريو لا ينفكّ يتصدّر شفاه المصطادين في الماء العكِر. يبني هؤلاء على فرضيّتيَن تشكلان حافزًا لحزب الله لضرب أجواء الاستقرار الأمني: أولاهما تركنُ -عن عبث ووهن قراءة- إلى "الزنقة" الماديّة التي يقاسيها الحزبُ بعد العقوبات الصارمة على إيران، إلا أنّ هؤلاء المرتقين بتلك الفرضيّة لا يجيدون ربطها ربطًا ناجعًا أو منطقيًّا بأحداث الجاهليّة، وبالتالي تسقطُ لضعفِ الأدلّة. أما ثانيةُ الفرضيتين فتتحدّث عن ميلٍ دفينٍ في كواليس حزب الله إلى عرقلة تأليف الحكومة، وهو ما تجسّد أوّلًا في إثارة عقدة النواب الستّة السُنّة، واليوم في "الحركشة" بالرئيس المُكلّف سعد الحريري من بابٍ لا يخطر على بال أحد لا من حيث المضمون لا من حيث المناسبة. ورغم أنّ هذه الفرضيّة تبدو أقرب إلى الواقع من حيث بداهة العناصر إلا أن مصادرَ مواكبةً للتأليف تؤكد عبر "السياسة" أنّ "هذا الكلام يتنافى مع المنطق. ففي حال قررنا البناء على تحليلات لا على قناعات سياسية، يبدو سخيفًا التسليمُ بأنّ حزب الله لا يريد تشكيل الحكومة، إذ وبناءً على فرضيات كثيرين من خصومه، نستنتج منطقيًّا أنه اليوم وأكثر من سواه في أمسّ الحاجة إلى تشكيل الحكومة في عودةٍ صريحة إلى الدولة ومؤسساتها، ونشدِ الاستقرار الذي لا ينطلي على صلته العضوية بإيران المهتزة وسوريا المهترئة". إذًا تسقط الفرضيّة الثانية في نظر حلفاء حزب الله، خصوصًا أنّ مفاوضات التأليف تكاد تختمرُ من خلال واحدٍ من سيناريوهات ثلاثة يقودها الوزير جبران باسيل بتنسيقٍ وتفاهمٍ تامَّيْن مع الرئيس نبيه بري.


 ويبني هؤلاء على وعي حزب الله خطورةَ المرحلة وعدم مغامرته بالبلاد والعباد من أجله زلة لسان اقترفها وهّاب 


عليه، يتلاشى الحديثُ عن دورٍ لحزب الله في كلام وهّاب والأحداث التي أعقبتها، ليبقى السؤال: ماذا سيفعل حزب الله؟ وهل سيواجه من أجل حليفٍ اتّهمه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بأنه كان السبب في حرمانه الندوة البرلمانية بعدما اشتمّ رائحة النيابة في دائرة الشوف عاليه ولم يتذوّقها بفعل لعبة الحواصل؟

المؤشراتُ كلُّها تشي بأن حزب الله لن يقف في ظهر وهّاب أقلّه في ما يتعلّق بالشق القضائي، والكلامُ اليسيرُ الصادرُ عن حزب الله يصبُّ في هذه الخانة، وهو ما يقرؤه كثيرون من مواكبي الأحداث. ويبني هؤلاء على وعي حزب الله خطورةَ المرحلة وعدم مغامرته بالبلاد والعباد من أجله زلة لسان اقترفها وهّاب قبل أن يتطوّر الأمر إلى سقوط ضحيّة يقول رجل الجاهلية إنّ ذنبه الوحيد أنه يشبهه.


خلاصةُ القول، الكلامُ الذي يتسرّب من كواليس حزب الله لا يتماهى البتّة مع الكلام الذي يتسللُ إليها. فالأمينُ العام لحزب الله السيد حسن نصرالله سيغسلُ يديه أغلب من الظنّ مما يعتبره "صغائرَ" لا بل أمورًا شخصيّة تمسّ بالشرف والعرض، وحزبُ الله سيضطلع بمسعًى لا يتجاوز أطرَ التهدئة بعيدًا من الانغماس في مواجهةٍ مع الرئيس المكلف أو اللواء عماد عثمان أو القاضي سمير حمّود. وفي هذا المجال، يقرأ كثيرون في تغيُّب وفد حزب الله عن تشييع الراحل محمد بو ذياب والاكتفاء بالمشاركة في تعازي اليوم التالي، رسالةً واضحةً وصريحةً لوهّاب مذيّلةً بعنوان أكثر جهارًا: "لا تورّطنا حيث لا ناقةَ لنا ولا جمل"!



المصدر: السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa