أزمة جديدة في الأفق.. "الموازنة والرواتب" في خطر

05/01/2019 06:31AM

موقف واحد قد يطلقه رئيس مجلس النواب نبيه بري، كفيل بأن يحرف القطار السياسي عن مساره ويوجه الانظار نحو أزمة تلوح في الافق من دون أن يتنبه لها أحد. فبالأمس القريب خرج بري طالبا من الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري دعوة حكومة تصريف الأعمال الى جلسة استثنائية لإقرار مشروع الموازنة وإحالته الى مجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه. 

"الموازنة" أزمة تلوح في الافق من دون أن يتنبه لها أحد



هذا الحدث السياسي الذي تقدم على كل الاخبار القادمة من استئناف الاتصالات والمشاورات بشأن تأليف الحكومة، لم يكن مجرد طرح عادي، إلا أنه بحسب أوساط متابعة نابع من باب التحسّب لكل الاحتمالات،  واستشعار الرئيس بري خطر الدخول في شهر كانون الثاني، أي الشهر الذي يجب خلاله المصادقة على الموازنة بحسب المادة 86 من الدستور.



وهنا، برزت الاشكالية القانونية، حول دستورية قيام حكومة تصريف الأعمال بهكذا إجراء له مفاعيل تتعلق بالمساءلة أمام المجلس النيابي، لاسيما أنه وبحسب الدستور فإن الحكومة المستقيلة بحكم النص جراء الانتخابات النيابية، تقوم بتصريف الاعمال بمعناه الضيق بما يتناسب وتسيير مرافق الدولة فقط.



الّا أن تأخير تشكيل الحكومة، أخلّ بالمهل الدستورية لاعداد موازنة 2019 وإقرارها الأمر الذي يؤثر بصورة سلبية على الانتظام المالي للدولة. من هنا تؤكد الاوساط المتابعة الى أن طرح بري جاء انطلاقا من هذه النقطة تحديدا، أي حماية الانتظام المالي، لافتة الى إمكانية الاحتكام الى اجتهاد عام 1969 أيام حكومة الراحل الرئيس رشيد كرامي، والذي قضى بإقرار الموازنة من قبل حكومة تصريف الأعمال بعدما تعذّر تأليف الحكومة الجديدة لحوالي سبعة أشهر.

تأخير تشكيل الحكومة أخلّ بالمهل الدستورية لاعداد موازنة 2019 وإقرارها 



لم تقف تلك الاوساط عند هذا الحد، بل تلفت النظر الى أن مبدأ الإنفاق على قاعدة الإثني عشرية يحتمل مهلة الشهر كحد أقصى، لا كما جرت العادة في مخالفة الاصول الدستورية، علما أن المجلس الدستوري كان قد حذّر من التمادي في الإنفاق على أساس هذه القاعدة. 


ويقابل هذه التخوفات، إصرار وزير المالية علي حسن خليل بصورة متكررة وشديدة اللهجة، على أنه لن يخالف الدستور ولن يصرف قرشا واحدا من دون سند قانوني، ما يعني احتمال التوقف عن الصرف (وأهم ما يطاله الأمر هي رواتب الموظفين)، إذا ما أقرّ مجلس النواب الموازنة.


وفي هذه الاطار، يشير المحامي والخبير الدستوري ماجد فياض في حديث الى موقع "السياسة"، الى أن الحكومات السابقة قد لجأ بعضها الى التوسع في القيام بالأعمال الحكومية وتجاوز مفهوم تصريف الأعمال وهي في حالة استقالة.


ويرى فياض أنه "فيما لو كان الدستور يطبّق بصورة حقيقة دون الخروج عن الاصول الدستورية، لما اضطرت السلطة السياسية الحاكمة الى مخالفة الدستور للخروج من الأزمات والتغطية على مخالفاتها السابقة لاسيما مسألة تشكيل الحكومة". موضحا أن "هذا الخروج الذي يتم اليوم بصدد تأليف الحكومة وتشكيلها يعدّ مخالفة واضحة للأعراف والدستور سواء في ما يخص المادة 53 أو 64 من الدستور التي توجب على رئيس الحكومة المكلف أن يقوم بتشكيل الحكومة ثم يقوم رئيس الجمهورية بإصدار مرسوم التشكيل بمهلة معقولة" .


وعن إقرار الموازنة من قبل حكومة تصريف الأعمال، يقول فياض ، انها ليست المرة الأولى التي لا تقر الموازنة في مواعيدها ويتم الانفاق على أساس القاعدة الاثني عشرية". مبينا  أن تخطي المدة الدستورية المحددة يبيح مخالفة أخرى، وبالتالي فإن عدم تأليف الحكومة في مهلة زمنية معقولة،  يدفعنا للإستمرار في المخالفة وأخطرها الانفاق على أساس القاعدة الإثني عشرية لوقت أكثر مما يسمح به القانون. 


ويتابع: " للأسف نجد أنفسنا ملزمين على المفاضلة بين مخالفتين دستوريتين، مخالفة انقطاع مهلة الشهر لاقرار الموازنة وإمكانية التوصل الى حائط مسدود لجهة الإنفاق دون سند قانوني. عندها يتوجب على الطبقة السياسية الطائفية المذهبية التي تتحالف فقط بشأن مصالحها أن تجد الحل في الممارسة لتفضيلها أحد المخالفتين وإنقاذ الوضع"، محذّرا من أنه  "اذا ما استمرت المماطلة في تشكيل الحكومة وإصرار وزير المالية على موقفه، فإننا سنقع في أزمة هي أخطر بكثير مما شهدناه من أزمات سابقة".

اذا ما استمرت المماطلة في تشكيل الحكومة وإصرار وزير المالية على موقفه فسنقع في أزمة 




ويبقى بذلك مصير البلاد والعباد، معلّقا على مرسوم تشكيل الحكومة العتيدة قبل فوات الأوان. وإن كانت المخالفات قد كثرت في الماضي بهدف تجاوز الأزمات، إلا أن ذلك لا يعني الاستمرار في هتك حرمة الدستور بسبب تعنّت وطمع الطبقة السياسة... فلقمة عيش المواطن لم يبق لها سوى هذا الكتاب لتحتمي بظلّه.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa