"شرق أوسط جديد" على نيّة إعادة إعمار سوريا

07/01/2019 06:37AM

اختتم عام 2018 أيامه الأخيرة بأحداثٍ استثنائية ومتسارعة سيطرت على الساحة السورية تحديداً، بدأت مع زيارة الرئيس السوداني عمر البشير لدمشق كأول رئيس عربي  يقوم بزيارة سوريا منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، ثمّ إعادة فتح السفارة الإمارتية في دمشق بعد سبع سنوات على إغلاقها، وما تبعها من إعلان للبحرين عن استمرار العمل في سفارة المملكة لدى سوريا، وصولا إلى إعلان الرئيس الأميركي  دونالد ترامب عن قراره بسحب القوات الاميركية من سوريا على اعتبار أن "أهداف التدخل العسكري الأميركي قد تتحقق بدحر داعش من سوريا".


روسيا تفتح المجال لإسرائيل باصطياد القوات الإيرانية




وفي قراءة لكل تلك المتغيرات المستجدة على الساحة السورية، يرى عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش أن "روسيا وأميركا هما الراعيان الرسميان لما يجري الآن من إعادة ربط النظام السوري بمنظومة الدول العربية"، معتبرا أن " روسيا استطاعت أن تقوم بلعبة لتحجيم الدور الإيراني في سوريا من خلال الإيحاء بأنها تواجه الاعتداءات الإسرائيلية، لكنها عمليا تفتح المجال لإسرائيل باصطياد القوات الإيرانية الموجودة في سوريا من الناحية العسكرية". 




ويضيف: "ما حصل هو إغراء للدول العربية بهدف الضغط على إيران ودفعها إلى خارج سوريا، وربما للمزيد من الانفتاح ودفع الأموال من قبل الدول العربية باتجاه النظام السوري برعاية روسية". 





وحول تأثير هذه التطورات على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وبالتالي مشاركتها في القمة الاقتصادية التي ستنعقد خلال الشهر الحالي في بيروت، وموقف المعارضين للعلاقات السورية اللبنانية داخل السلطة السياسية اللبنانية، يلفت علوش في حديث لموقع "السياسية" إلى أن "مسؤولية الدعوة مرتبطة بالدول العربية وحدها، وفي حال كان قرارها بدعوة سوريا، فعلى لبنان إما أن يقبل أو يرفض انعقاد القمة، وهنا قد تقوم الأطراف الرافضة بمظاهرة مثلا".





وعن الانسحاب الأميركي من سوريا وردة الفعل الاسرائيلية، يعتبر علوش أن "هذه الخطوة منسقة بالتأكيد مع روسيا"، وأضاف "اسرائيل اعتبرت نفسها أنها لا تزال مستعدة للمواجهة مع إيران داخل سوريا وربما بأماكن أخرى".





ويتابع "ما يجري أكدّ نظريا أن دول الخليج لن تدخل سوريا دون شروط سياسية معينة متعلقة بشكل أساسي بالنفوذ الإيراني داخل سوريا، وبالتالي فإن كل تلك الخطوات المتتالية والمتسارعة منسّقة بين جميع الأطراف".


كل الحروب العبثية المدعومة من الكثير من الدول باءت بالفشل




من جهته، يرى مدير مركز "دال" للإعلام، الإعلامي فيصل عبد الساتر أن "التحولات السياسية في المشهد الإقليمي من البوابة السورية، تدل على سقوط كل المؤامرات التي حيكت ضد سوريا وتم إسقاطها، وإن كل الحروب العبثية المدعومة من الكثير من الدول باءت بالفشل، وعادت سوريا منتصرة لجانب حلفائها، بالرغم من كل الأثمان الباهظة على كافة المستويات".





وفيما خص الانسحاب الأميركي المترافق مع كل هذه المتغيرات، يعتبر عبد الساتر أن "هذا اعتراف أميركي بأن كل السياسات الأميركية باءت بالفشل". ويضيف "لكن هذا لا يعني أن كل شيء أصبح آمنا، فأميركا دائما ما تحضر لنا كمائن مختلفة".





ويؤكد في حديثه لـ"السياسة" أن "كل ما بُني عليه في هذه التحولات السياسية إنما هو الجانب الميداني الذي استطاع أن يثبت بجدارة أن سوريا قوية، والجميع بات أمام لحظة الحقيقة، فلم يعد بإمكانهم البقاء بعيدا عن سوريا بعد هذا الانتصار". 





وعمّا إذا كانت عودة الدول العربية إلى سوريا تهدف للاستفادة من المادية خلال مرحلة إعادة إعمار سوريا، يلفت عبد الساتر إلى أن "دمشق التقطت مثل هذه الإشارات بحسب أجندتها". ويتابع "بالأمس وقّعت الحكومة السورية عقودا مع إيران تعطي الأخيرة الأولوية في كل مشاريع إعادة الإعمار".


تعليق قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية بات قريبا 





وحول عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، يرى أن "تسارع الخطوات يشير بوضوح إلى نية واضحة لدى الدول العربية في عودتهم إلى سوريا وليس عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية"، لافتاً إلى أن "تعليق قرار تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية بات قريبا جدا".





وعن مشاركة سوريا في القمة الاقتصادية القادمة في بيروت، قال "لا يمكن أن نخفي أن هناك مشكلات قانونية بالنسبة للبنان ودعوته سوريا إلى القمة الاقتصادية التي ستعقد هذه الشهر فيما موعد القمة العربية في آذار، وبالتالي هل هناك إطار قانوني يجعل الجامعة تلتئم فورا، وبالتالي إعادة سوريا ليتسنى للبنان دعوتها إلى القمة الاقتصادية؟".  




زيارة البشير التي كان عنوانها العريض جس نبض دمشق حول إمكانية عودتها إلى جامعة الدول العربية مع بداية عام 2019، وإعادة تموضع بعض الدول الخليجية على طريق "الشام"، مقابل الموقف الأميركي المستجد في الشرق الأوسط لجهة التواجد العسكري سواء في سوريا أو في العراق، أعاد خلط الأوراق التي يبدو أنها سترتّب فصلا جديدا لشرق أوسط جديد هادئ نوعاً ما على نيّة إعادة إعمار سوريا.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa