الهدف الذي أبكى اللبنانيين

09/01/2019 09:44PM

اجتمع اللبنانيون على غير عادتهم مساء اليوم أمام شاشة التلفزيون الوطني، بحثوا كثيراً قبل الوصول لرقمها التسلسلي بين القنوات، كونهم يعتمدون معها سياسة "زوروني كلّ سنة مرّة". كيف لا، وقد منح تلفزيون لبنان المواطنين، وإن كانوا غير أوفياء له، حق مشاهدة رجال الأرز في كأس آسيا.




فتسمّر المواطنون الخارجون من حطام "نورما" والراكضون خلف لقمة العيش من دون أن يجدون إليها سبيلا، أمام المحطّة الأم، متناسين مأساتهم المستنسخة، وفصول المعاناة اليومية، وانتظروا نصراً، وعدوا أنفسهم به، من فريقٍ حارب "باللحم الحي" ولا يزال، لرفع اسم بلدٍ مرّغه الحاكمون بأمر الفساد بالتراب.


ستٌ وثلاثون دقيقة من عمر المواجهة الأولى، علا الصراخ، ارتفع التهييص "غوووووول غول"... إنه الهدف الأول لرجال الأرز في بطولة كأس آسيا لكرة القدم. لكن لم تطل فرحة منتخب لبنان، الذي يخوض أولى مبارياته مع قطر. فالحكم الصيني حكم ظلماً على الفريق الذي انتظر 19 سنة لولوج هذا الاستحقاق الكروي، لم يحتسب الهدف، وبرر ذلك بمخالفةٍ ارتكبها أحد اللاعبين لصالح المنتخب القطري. 


سامح الله الحكم "الآثم" الذي يُسجل عليه قرارات عديدة غير عادلة بحق منتخبنا الوطني، من عدم احتساب الهدف اللبناني النظيف إلى تقديم هدفٍ مجاني للقطريين عبر ركلة ترجيحية، ليست محقة، هي الأخرى، بحسب ما أفتى أخصائيون رياضيون بعد انتهاء المباراة 2/0 لصالح قطر.


لعلّه لم يسمع هذا الحكم القابض على أحلامنا عن لبنان بعد، لم يقرأ من قبل عن حفلات الفساد، لم يرَ بالصحف الأجنبية فضائحنا، ولم يلتفت للأرقام المخيفة التي يرزح تحت خطّها الأحمر لبنان، ولم يسمع عن شعبٍ "لم يحلم بأكثر من حياة... كالحياة" يحيا منذ عقود على أنقاض عيشٍ كريم، ويقاوم بؤس واقعه من وقتٍ لآخر بحلمٍ مستورد، كالحلم الآسيوي.


ولعلّه (الحكم الصيني) لم يسبق له أن تعرّف على الأوضاع المعيشية التي يعاني منها نجوم الرياضة في لبنان، ولا يعلم أن هؤلاء الحاملين الحلم اللبناني على أكتافهم، يحملون أيضاً هموماً معيشية أثقلت دولة العار اللبناني كاهلهم بها أيضاً. لسنا بمعرض الحديث عن الوضع المعيشي غير المستقرّ لهؤلاء كما هو حال جميع اللبنانيين، والإمكانات الخجولة التي يقدمها المعنيون لهم، لكن يكفي أن نذكر أن منتخب لبنان كان آخر الفرق الواصلة إلى الإمارات على عكس باقي المنتخبات.


لا لم يكسر هذا الحكم الأمل فينا بعد، وعليه أن يعلم أن الشعب الذي وصل الدين العام  في بلده الى 84 مليار دولار، ويدفع فاتورتين للكهرباء، وثلاث فواتير للمياه، وأغلى فاتورة اتصالات في العالم، ويقضي نصف يومه في زحمة السير، ويتعايش مع روائح النفايات، ويتحول إلى مخلوقات برمائية مع كل شتوة... لا يمكن أن تقهره خسارة "مفبركة" ويمكن تعويضها بعد أيام مع المواجهة الثانية لرجال الأرز مع المنتخب السعودي... كل التوفيق لمنتخبنا الوطني واسمحوا لي أن أغيّر المقولة الشهيرة وأقول: "لا شكراً... لقطر" !


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa