توازن "رعب" بوجه جنبلاط !

12/01/2019 08:29AM

مخطئٌ من يظنّ أن التقارب بين رئيسَي الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان، وحزب التوحيد العربي وئام وهاب، يوم زار الأخير دارة الأول في خلدة، وليد الصدفة، أو تفاهمٌ موقت فرضته أحداث الجاهلية.

فها هما المجاهدَين على الساحة الدرزية لمواجهة "بيك المختارة" يقفان لجانب بعضهما البعض للمرة الثانية، يوم غد الأحد، للمشاركة بوضع حجر الأساس للحديقة العامة التي سيتم افتتاحها وتسميتها باسم الضحية محمد أبو دياب.

يُقيم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط "ألف حساب" لهذا التفاهم، ولا بدّ أن ضحكته العالية في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، عندما سأله الإعلامي مارسيل غانم عن رأيه بلقاء أرسلان ووهاب، لم تكن أكثر من محاولةٍ لإطفاء "الحُمّى بقشور البصل".


يرى مصدر اشتراكي رسمي أن تفاهم الجاهلية ـ خلدة أتى بأمر عمليات سوري إيراني لترتيب جبهة لمواجهة جنبلاط في الصف الدرزي


"حمّى المختارة" تزداد ارتفاعاً مع الانفتاح العربي تجاه سوريا، وفتح الباب أمام الأخيرة لتعود لاعباً أساسياً على الساحة اللبنانية.


يرى مصدر اشتراكي رسمي أن تفاهم الجاهلية ـ خلدة أتى بأمر عمليات سوري إيراني لترتيب جبهة لمواجهة جنبلاط في الصف الدرزي، بعد تحقيق الحزب الاشتراكي انتصاراً كاسحاً في الانتخابات النيابية "فالتقى الطرفان بالرغم من التضارب الكبير بينهما والتجاذب على القاعدة الشعبية، لمواجهة المصيبة التي تجمعهما وهي جنبلاط".

ينفي المصدر تخوّف المختارة من هذا التفاهم في الانتخابات النيابية المقبلة، ويشير في حديثه لـ"السياسة" إلى أن الجميع كانوا ضد جنبلاط في الاستحقاق النيابي الأخير، الأمر الذي لم يغير في العملية التمثيلية الحسابية شيء.

أما على المستوى السياسي، فلا ينكر المصدر الاشتراكي تأثر المختارة بهذا التفاهم، لا سيما بعد التطورات الحاصلة في المنطقة "وهو ما يحاول جنبلاط استدراكه عبر صوغ تفاهمات، كان آخرها التفاهم مع العهد، للالتفاف على المحاولات السورية لتطويق جنبلاط".

 

في المقابل، يرحّب أمين عام مؤسسة الفكر التوحيدي المعاصر للحوار والأبحاث الدكتور غسان أبو دياب بهذا التفاهم، ويتمنى أن ينسحب على كل القوى والشخصيات السياسية الفاعلة على الساحة الدرزية.

ويؤكد في حديثه لـ"السياسة" أن لقاء الغد بين أرسلان ووهاب يأتي في إطار مبادرة الأول للقيام بواجب التعزية شخصياً، بمناسبة مرور 40 يوماً على استشهاد محمد أبو دياب، وهي التعزية التي كان قد قام بها أرسلان بالسابق في التشييع ممثلاً بنائبه نسيب الجوهري.


فلقاء الغد، بحسب أبو دياب، يكرّس "المصالحة التاريخية بين الجاهلية وخلدة بعد التباعد الذي حصل نتيجة بعض التباينات، إلا أن ما يجمعهما أكثر بكثير مما يفرقهما، لا سيما أنهما ينتميان لمحور واحد هو محور المقاومة، وتجمعهما بسوريا علاقة جيدة، في الوقت الذي ذهب فيه جنبلاط بعيداً في العداء لسوريا، بالرغم من أن المزاج الدرزي العام ليس معادٍ لسوريا".


مبادرة وهاب تجاه خلدة لم تكن وليدة الساعة بل تؤسس لنوع من الشراكة في المستقبل لتحقيق نوع من التوازن المفقود داخل الطائفة


ويلفت إلى أن تكريس هذه المصالحة الثنائية يعني أن مرحلة التخاصم والتباعد انتهت، وليؤكد أن مبادرة وهاب تجاه خلدة لم تكن وليدة الساعة بل تؤسس لنوع من الشراكة في المستقبل لتحقيق نوع من التوازن المفقود داخل الطائفة، فأرسلان الذي أدرك أن وهاب حالة شعبية لا يُستهان بها، سلّف موقفاً مشرفاً وتاريخياً عند استشهاد محمد أبو دياب لأهالي الجاهلية، وهم رجال الوفاء، فكانت زيارة وهاب لخلدة، واليوم زيارة أرسلان للجاهلية".

وتؤكد مصادر درزية متابعة أن هذا التفاهم لم يكن بالصدفة، بل مهّد له وسطاء كُثر يعملون على خطّ خلدة - الجاهلية، منذ الانتخابات النيابية، للرد على مواقف جنبلاط الاستئثارية، ومحاولات التفرّد بقرار الطائفة، وإن كانت محاولات تقريب وجهات النظر في الاستحقاق الانتخابي باءت بالفشل، إلا أن الوسطاء استمروا بالعمل على جبهة التقريب، وكانت أحداث الجاهلية الفرصة الأنسب لترجمة هذه الجهود.

وعن أبعاد هذا التفاهم تقول المصادر نفسها لـ"السياسة": "لا بدّ أن لهذه المصالحة تداعيات تبدأ الآن ولا تنتهي في الانتخابات المقبلة، ولو خيضت الانتخابات النيابية السابقة على ضوء هذا التفاهم لكانت النتائج ليست كما هي عليه اليوم". وتتابع "فلنتخيّل لائحة تضم ارسلان، وهاب وحلفائهما وفي مقدمتهم حزب الله والتيار الوطني الحر، لا بدّ أن هكذا تحالف سيشكّل توازن رعب بوجه جنبلاط إذا ما استمرّ للانتخابات المقبلة".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa