برّي في المواجهة... من بعبدا إلى ليبيا

12/01/2019 08:34AM

كما يعهده الجميع، محاورا، مناورا، دبلوماسيا وبرلمانيا من الطراز الرفيع، يعرف دوره جيدا كرئيس للبرلمان اللبناني، وهو يحترم ذلك في كل مواقفه، فيحسب كلماته عند كل استحقاق لبناني أو عربي وحتى دولي. الّا أنه أمام موسى الصدر يعود رئيسا لحركة أمل يواجه ما استطاع من أجل القضية جنبا الى جنب وعائلة الإمام. 


يعود اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري، "حلّال العقد"، الى أخذ وضعية الجمود، لا بل أصبح الأمر أكثر تقدما باتجاه الهجوم. فقد خرج بالأمس القريب ليقول صراحة، ونحن على أعتاب انعقاد القمة الاقتصادية العربية "لا قمة من دون سوريا"، قابله إصرارٌ من الرئاسة الاولى على عقد القمة التي ستعطي انطباعا عربيا ودوليا، بأنه رغم الأزمات الدستورية والاقتصادية لا يزال العهد ناجحا وبإمكانه التواجد عربيا.

قضية الإمام الصدر غير قابلة للتجاذب واللّعب على وترها قد لا تحمد عقباه


موقف بري الواضح بشأن مشاركة سوريا، وما رافقه من دعم الكثيرين الداعين الى تأجيل القمة ريثما تعود دمشق الى الجامعة، تداخل بصورة معقدة مع إشكالية دعوة ليبيا عبر وفد رسمي الى بيروت، الأمر الذي يعتبر "خط أحمر" لدى "حركة أمل"، فقضية الإمام الصدر غير قابلة للتجاذب، واللّعب على وترها قد لا تحمد عقباه. يضاف الى كل ما تقدم عودة قضية الموقوف هنيبعل القذافي الى الواجهة والتدخلات الدولية المفاجئة، في "توقيت مثير للشك" ربما، والذي أدى الى سجال بين النائب علي بزي ووزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي، ما دفع بعائلة الإمام الصدر الى إصدار بيان لتبيان حقيقة وضع القذافي القانوني.


بيان المكتب الاعلامي للرئيس بري وبيان المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، كانا واضحين لجهة دعوة ليبيا الى القمة الاقتصادية في بيروت، فالأمر بالنسبة للإثنين غير قابل للنقاش، وهو تجرؤ على مقام الإمام المغيب واستخفاف بمشاعر اللبنانيين، أمام عدم تعاون ليبيا مع القضية وعدم التزامها بتنفيذ مذكرة التفاهم المعقودة بين البلدين بخصوص قضية الصدر تحديدا، عبر إقرار خطة تفتيش عن أماكن احتجاز مجهولة والتحقيق مع أركان نظام القذافي سابقا بحضور المنسق القضائي اللبناني. 


وبالتالي فإن مراعاة هذه القضية الوطنية لا تحتاج الى أخذ ورد وتفكير، يكفي التزام لبنان بالبيان الوزاري الحالي لا بل كل بيانات الحكومات المتعاقبة والتي تلتزم بدورها قضية الإمام الصدر والموقف من التعامل مع ليبيا، للمحاججة بالطلب من الجامعة مراعاة هذه الإشكالية، كون لبنان هو البلد المضيف، إلّا أن هكذا قرار لن يحصل في ظلّ عدم وجود موقف واحد موحد من الجميع. 


فهذه ليست المرة الاولى التي يستضيف فيها لبنان قمة عربية، كما هي ليست المرة الأولى التي يضع فيها الرئيس بري فيتو على مشاركة ليبيا في وفد رسمي، إذ أنه في العام 2002 حدث هذا السجال وتغيبت ليبيا عن الحضور رسميا في القمة باستثناء أشخاص يمثلون أنفسهم، ولم يتمكن معمر القذافي أو رئيس حكومته أو حتى وزير خارجيته من القدوم حينها.


أما بالنسبة لسوريا فهو موضوع آخر، موقف بري واحد منذ تعليق عضوية دمشق في الجامعة العربية. ويرى أن هذا التعليق غير قانوني أصلا على اعتبار أن التصويت لم يكن بالإجماع، وهذه مخالفة صريحة لنظام الجامعة الأساسي. 


لمشاركة سوريا في هذه القمة وبهذا التوقيت أهمية كبرى

ما فعله بري في موقفه من القمة بصورة شاملة، هو قراءة للأمور السياسية بعناونيها الواضحة والصريحة، وامتعاض من الأداء، على اعتبار أن لمشاركة سوريا في هذه القمة وبهذا التوقيت أهمية كبرى، تتجلى أهمّها في أن يظهر لبنان بموقع الجامع والموحد للدول العربية، كما اعتاد أن يكون، في هذه اللحظة السياسية التي يتعرض لها الوطن العربي من إعادة رسم خريطته وتقسيم مناطق النفوذ، وسط بدء عودة الدول الى "حضن دمشق المنتصرة".


فأين مصلحة لبنان بمفاقمة الأزمة مع سوريا وعدم دعوتها، أمام كل التحولات والإستحقاقات القادمة التي يحتاج فيها لبنان العاجز إقتصاديا، الى الإستفادة من إعادة فتح معبر نصيب أو حتى إعادة إعمار سوريا، وهو يشكل المنفذ البحري الأهم الذي بإمكانه لعب دور رئيسي في هذا الخصوص.


هذه القمة فرصة للبنان، يجب استغلالها بصورة صحيحة وجامعة، لا أن تكون على شاكلة اجتماعات القمم السابقة وبياناتها الصورية. فرصة لا تحتمل التعنّت أمام كل المتغيرات الإقليمية التي بإمكان لبنان أن يقرأها كما طالعها الرئيس نبيه بري، ويعمل على استغلال الفرص المتاحة أمامه من قمة اقتصادية تنموية، كسلة واحدة متكاملة تشكّل سوريا إحدى خيوطها.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa