أزمة الصحافة المكتوبة للواجهة من جديد... لا "مستقبل"

14/01/2019 06:33AM

مشهد المواطن الذي اعتاد احتساء قهوته مع جريدته الصباحية، بات من الماضي، فهذه الصحيفة تتخبّط منذ سنوات بجدران أزمات التمويل، قسمٌ من موظّفيها بات من دون عمل، والقسم الثاني أصبح يعيش يومه خائفًا من قرارات الغد.


من السفير، للإتحاد، للبلد، للأنوار، وصولاً لصحيفة المستقبل، و"الحبل عالجرّار"، فمن التالي؟


فاجأتنا صحيفة "المستقبل"، بقرار وقف نسختها الورقية بدءا من مطلع الشهر المقبل، والتحول إلى جريدة رقمية بالكامل "بسبب التحولات التي تشهدها الصناعة الصحافية في لبنان والعالم، والتراجع المتواصل الذي تشهده السوق المحلية في المبيعات والمداخيل الإعلانية".


أزمةٌ مالية عمرها سنوات، هي التي أودت بحياة جريدة المستقبل، كما يؤكد أحد المنتمين لهذه المؤسسة، الذي قد يغادر نهاية كانون الجاري، وله في ذمة الجريدة رواتب سنة و4 أشهر.


أزمةٌ مالية عمرها سنوات هي التي أودت بحياة جريدة المستقبل


يؤكد الصحافي نفسه لـ"السياسة" أن الموظفين يعيشون على أعصابهم، كونهم لا يعرفون من سيبقى للعمل في النسخة الإلكترونية من الجريدة، ومن سيغادر، علماً أن عدد العائلات التي قد تفقد مصدر رزقها "غير معروف" نسبةً لوجود أسماء مسجلة من دون الالتزام بالدوام الوظيفي، على حدّ تعبير ابن المستقبل.


عوامل كثيرة تؤدّي إلى التوقّف عن إصدار الصّحف، وأبرزها المشكلة الاقتصاديّة وتدنّي نسبة الإعلانات الّتي كانت ُتنشر في الصحف، ما ينعكس تقليصاً في مردودها المالي، وفقًا للأستاذ الجامعي في كليّة الإعلام جوزيف عسّاف.


عوضًا عن ذلك، يشير عسّاف في حديثه لموقع "السياسة" إلى تأثر الصحافة المكتوبة بالإعلام الالكتروني "وتميّزه بسرعة الخبر، والسماح لفئة كبيرة من المجتمع بلعب دور الصحافي، ممّا أدّى إلى إضعاف الإعلام بالمفهوم المهني، وإضعاف فعالية الجرائد وقوّة تواجدها".


مؤسّسة تلوة الأخرى تُقفل، ومن يتحمّل المسؤولية؟ يقول عسّاف: "بالمبدأ، لا يمكن تحميل المسؤولية لطرف محدّد، فتطوّر الإعلام الالكتروني فرض تحديّات على الإعلام المكتوب، ولم يسمح للأخير بتطوير نفسه، ولكن لا شكّ أنّ الدولة ووزارة الإعلام بشكل خاصّ من واجباتها دعم الإعلام المكتوب بطريقة أو بأخرى كي لا نفقده، لأنّه يبقى هو الأساس ويجب أن نعوّل عليه ونستند إليه بالعمل الإعلامي بشكل عام، وهو الذي خرّج أرقى الإعلاميين في لبنان والعالم العربي ومن المؤسف أن يصل لهذه المرحلة".


تطوّر الإعلام الالكتروني فرض تحديّات على الإعلام المكتوب


ويؤكّد عسّاف "إذا بقينا على هذه الوتيرة في ظلّ غياب الدولة والدعم والتطوّر المستمرّ للإعلام الإلكتروني، لا شكّ أننا ذاهبون نحو مزيد من الإقفال، وإذا ماتت هذه الوسائل الإعلاميّة بالتحديد، يعني ذلك أنّ الإعلام مات".


وفي السياق نفسه، يلفت الصحافي محمد نمر إلى أنّ "الصحيفة الورقية اليوم أصبحت عبءً على أصحابها، الذين يصلون إلى آخر النهار ويجدون أنّ المنتوج الذي تمّت طباعته لم يُباع"، لافتًا إلى أنّ "الخيار بالتوجّه للإعلام الإلكتروني هو خيار طبيعي في لبنان أو في العالم".


ويلفت نمر إلى أنّ "الجريدة كانت المنبر الأساسي للإعلام أمّا اليوم فكثُر الصحافيون بسبب مواقع التواصل الاجتماعي، وبات مسموحاً للجميع بالتحليل والكتابة إن كان صحافي أو لا، ناهيك عن رجال السياسة الذين يعتمدون على (تويتر) كمنبرٍ للإعلان عن مواقفهم، ممّا جعل مواقع التواصل الاجتماعي هي المصدر الأساسي للأخبار".


وعن القيمة الفريدة للإعلام الورقي بالنسبة لفئةٍ باتت قليلة من الناس، يتساءل نمر "طالما أنّ أحدًا لا يشتري الصحيفة، إذًا أين قيمتها؟ القيمة تكمن بقراءة الناس لها، واليوم فقدت هذه القيمة، لا شكّ أن متعة القراءة على الورق لا تُستبدل بأي شيء آخر لكن تطوّر العصر حتّم تغيرات كثيرة".


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa