"المركزي" يقيّد التحويلات...دعماً لليرة أم حجزاً للدولار؟

16/01/2019 07:57AM

بعد البلبلة التي سادت الأوساط المالية في الأيام القليلة الماضية، لا سيما على خلفية الالتباس الذي حصل حول تصريح وزير المال علي حسن خليل، والتخوّف من إعادة جدولة الدين العام، وهبوط السندات اللبنانية بالدولار، وما تبعهما من اجتماع طارئ في بعبدا للتأكيد على التزامات لبنان المالية وعلى متانة النقد الوطني. جاء التعميم الصادر عن مصرف لبنان المركزي (رقم 514 ) والمتعلق بعمليات التحويل النقدي بالوسائل الإلكترونية التي تقوم بها الشركات الخاصة فقط، والذي أوجب على الأخيرة تسديد قيمة التحويل الوارد من الخارج بالليرة اللبنانية حصرا .


هذا التعميم سبب نوعا من الإرباك بين الأوساط الشعبية، الامر الذي بدا واضحا في ردّات الفعل على مواقع التواصل الإجتماعي، والتي عكست تخوفا على استقرار الليرة اللبنانية وسط تساؤلات الخطوات القادمة عن أمام الواقع السياسي والإقتصادي الذي تمرّ به البلاد، فيما ربط البعض هذا الإجراء بنوع من التواطؤ على الطبقات الفقيرة والمتوسطة كونها العميل الأساسي لهذه الشركات التي ستحقق زيادة في الأرباح من خلال عملية الصرف هذه.


في هذه السياق، تُرجع أوساط مطلعة أسباب هذا التعميم الى رغبة المصرف المركزي بوجود الكتلة الدولارية في النظام المصرفي بصورة أساسية، في وقت تتراجع كمية الدولارات القادمة من الخارج إلى لبنان، وأيضا كوسيلة لتجنّب زيادة الفوائد على الودائع المصرفية، وتشجيع استقدام الدولار من الخارج عبر تخفيف استعمال الدولار.


ومن جهته، يشير الخبير الإقتصادي غازي وزني في حديث لموقع "السياسة"، الى أن "الوضع الحالي يفرض هكذا تعميم"، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق بالقطاع المصرفي بل بالتحويلات الخارجية الى لبنان عبر الشركات المالية الخاصة.

صرف التحويلات الى الليرة اللبنانية يعزز احتياط المصرف المركزي 


ويعتبر وزني أن "الهدف من هذا التعميم بجوهره الأصلي هو إمكانية الرقابة على هذه التحويلات، مصدرها، والجهة المستلمة"، لافتا الى أن "صرف التحويلات الى الليرة اللبنانية يعزز مباشرة احتياط المصرف المركزي من العملات الاجنبية، وهذا يعدّ من الامور الضرورية لمصرف لبنان، وهو عامل مساعد للحفاظ على الاستقرار النقدي". 


ويؤكد وزني أن هذا القرار يدخل في سياق سياسة مصرف لبنان لتشجيع التداول بالليرة اللبنانية، وهو في إطار نظرته للصعوبات التي تواجه لبنان في الفترة الأخيرة، الامر الذي يتطلب سياسة ضبط السيولة الموجودة إن كان بالدولار أو بالليرة اللبنانية، في ظل وضع سياسي ضبابي. ويضيف: "من هنا تبرز مسؤولية مصرف لبنان في اتخاذ إجراءات استباقية من أجل حماية الاستقرار النقدي، لكن دون أن تطال هذه الامور حدّ التوسع نحو التحويلات المصرفية، ولبنان ليس بحاجة لهذا أصلا".


وفيما يخصّ التخوّف من التوسّع في القيود على التحويلات المالية، والهلع على الإستقرار النقدي، على اعتبار أن سيولة المصارف بالعملات الأجنبية باتت ضعيفة، بحسب بعض التقارير الإقتصادية، يشدد وزني على أن لا خوف أبدا على الإستقرار النقدي، مؤكدا أن سيولة القطاع المصرفي مرتفعة وخاصة بالعملات الاجنبية.


لا مشاكل في السيولة الدولارية للمصارف

فقيمة التسليفات من المصارف تبلغ 60% فيما قيمة السيولة تبلغ 40% ، ما يعني أن لا مشاكل في السيولة الدولارية للمصارف، بحسب وزني الذي يشير أيضا الى أن المشكلة فعليا تكمن في السيولة بالليرة اللبنانية، فالمصارف توظّف سيولتها من خلال سوق النقد بين المصارف والطلب على الليرة الذي يحدث بين وقت وآخر، الامر الذي يرفع الفوائد.


وعمّا يقال عن تواطؤ مع الشركات المالية الخاصة لزيادة أرباح الأخيرة، يرى وزني أن "هذا الكلام غير دقيق، فهؤلاء لديهم مخيلة مالية انتقامية واسعة، فعند كل إجراء يتخذه مصرف لبنان سلبي أو إيجابي يحولونه بمخيلتهم الواسعة الى وقائع غير موجودة".


ويوضح أن هذه العملية سهلة وواضحة، وهي لا تزيد أرباح هذه الشركات فعليا، فكل ألف دولار قد ينتج عنها حوالي 10 آلاف ليرة، ما يعني أن هناك ربحية متدنية جدا جدا، وبالتالي فإن هدف زيادة الأرباح بمعناه الدقيق غير موجود أساساً. 


ويشير وزني الى أن الأموال التي تدخل وتحول الى الليرة اللبنانية فهي بذلك تدخل بطريقة غير مباشرة في احتياطات مصرف لبنان بالعملة الاجنبية، قائلاً: "زيادة 70 أو 100 مليون دولار احتياطات في السنة أمر إيجابي جدا".


وعن استبعاد المصارف من هذه القرارات، يقول: "تحويلات المصارف مرتبطة بالنظام المصرفي بأكمله، إذ أن إجبار صرف التحويلات المصرفية الى الليرة اللبنانية يعني ضرب النظام المصرفي، علماً أن 70% من الودائع المصرفية هي بالدولار". 


أما لجهة منحنا إمكانية ضبط صرف الدولار بحسب سعر الصرف الرسمي، فيؤكد وزني أن الأمر لا يؤثر كثيرا فقد تكون الفوارق صغيرة جدا ولا تُذكر، وبالتالي "لا داعي للذهاب الى تلك السيناريوهات الخيالية".


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa