الطريق إلى الأرز "مقطوعة" وأرزاق الناس أيضاً؟

يومٌ مشمس نهاية الأسبوع، بعد سلسلةٍ من المنخفضات الجوية، يعني بالضرورة شدّ الأحزمة والتوجه إلى أرز الربّ، حيثما رسم كانون أجمل ما لديه من لوحاتٍ طبيعية.

على مشارف بشرّي، وبعد ارتفاع الأدرينالين في جسمك حماسةً للاستمتاع بوديعة الخالق في جبال لبنان، تصطدم بزحمة سيرٍ خانقة... "عَ برمة الدولاب" تقضي الساعات، الطريق ضيقة بالكاد تمرّ عبرها السيارات بخطٍ وحيد صعوداً ونزولاً، بينما بسطت الثلوج سلطتها على باقي أمتار الشارع، من دون أن تمسّها جرافات مراكز جرف الثلوج المخصصة لفتح الطرقات في المحلّة.

إنها الحادية عشرة صباحاً، بعد ساعات القيادة من بيروت باتجاه الشمال، والساعات الإضافية التي فرضتها عليك زحمة السير، وعلى مسافة لا تبعد عن الأرز أكثر من خمس دقائق، تتفاجأ بحاجزٍ لقوى الأمن يمنعك من المرور، ويسمح فقط للسيارات الرباعية الدفع بإكمال طريقها.

تحاول مفاوضة رجال الأمن، تخبرهم عن الساعات التي أمضيتها للوصول إلى هذه النقطة، لكن دون جدوى، فتحمل خيبتك وتعود أدراجك باتجاه العاصمة، من دون أن تفهم السبب الحقيقي الذي حرمك من الاستمتاع بأرز الرب في يوم عطلتك المشمش. مع العلم أن غرفة التحكم المروري لم تضع المتوجهين شمالاً بصورة الوضع عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار ما تفعل مع باقي الطرقات الجبلية.

يؤكد زوّار الأرز أن هذا المشهد ليس بالطبيعي، فالطرقات كانت تتسع لآلاف الزوار موسمياً، فما الجديد؟

يغمز أحد الأهالي،إلى أن هناك "لغز" خلف هذا التضييق على زوار الأرز، وأن جهة سياسيةمعينة تحاول خصخصة نقاط التزلّج. 

ينفي نائب المنطقة جوزيف إسحاق هذه النظرية ويؤكد أن "الآلات الثلاثة المخصّصة لجرف الثلوج ذات الكميات الكبيرة، أي التوربينات  TURBINE، تعطّلت مع بدء عمليات الجرف، منذ ما يقارب الأسبوع، قامت وزارة الاشغال بتشغيل إحدى التوربينات ويستمر لليوم تعطّل ما تبقى من الآلات، ما يؤخر العمل على فتح الطريق وإزالة الثلوج المتراكمة، نسبةً لاستخدام الآلية التقليدية بجرف الثلوج".

ويلفت إسحاق في حديثه لموقع "السياسة" إلى أن فرق وزارة الأشغال تعمل على تصليح التوربينات المعطلة "إلا أن بُعد المنطقة الجغرافي يصعّب المهمّة على الفريق ويؤخّر إنجاز المهمّة". كاشفاً أنه يتم التنسيق مع وزارة الأشغال لإبرام مناقصة لشراء توربينات جديدة ومتطوّرة لها أن تحلّ الجزء الأكبر من المشكلة في وقتٍ لاحق.

وبدوره يتملّص رئيس بلدية بشرّي فريدي كيروز من مسؤولية البلدية تجاه هذه المشكلة، ويؤكد أن "القوى الأمنية هي الّتي وضعت هذه الحواجز الّتي تندرج ضمن خطّة السير الأمنية للحفاظ على سلامة المواطن وليس بلديّة بشرّي"، مشيرًا إلى أنّ "هذه الخطّة طُبّقت على معظم الطرقات الجبليّة لتفادي أي ضرر يحدث بسبب الثلوج".

ويعيد كيروز في حديثه لـ "السياسة"، سبب عدم السماح للسيارات بالعبور إلى منطقة الأرز، بالقول: "الأرز يختلف عن باقي المناطق، فكميّة الثلج كبيرة وطبقات الجليد مرتفعة، والمعدّات لدينا لا يمكنها معالجة الأمر ولذلك السيارات غير المجهزة لا يمكنها أن تمرّ، وليس أمامنا غير انتظار تحسّن الطقس لنتخلّص من مشكلة تكوّن طبقات الجليد". 

وبين تقاذف المسؤوليات، يبقى هناك في أعالي الأرز أرزاقٌ مهددة، ينتظر أصحابها "الفرج" المتمثّل بتحمّل كل سلطةٍ لواجباتها، بعد سنواتٍ عِجاف ضربت مواسم التزلج وضربت معها مصالح الكثيرين.حمَل موقع "السياسة" هذه المعلومات، ليواجه بها المعنيين في وزارة الأشغال العامة والنقل، علّنا نحصل عن جوابٍ شافٍ لموعد تصليح الآليات وبالتالي عودة الحياة لمراكز التزلج في الأرز. وفي هذا الإطار يؤكّد مصدر رسمي في الوزارة أنّ "الوزارة تقوم بما عليها، كما تدأب على صيانة الجرّافات بدليل تمكّن المعدّات من شقّ الطريق وإزالة الارتفاعات الهائلة من الثلوج، لكن الأسبوع الماضي تعطّلت هذه الجرافات"، محمّلاً البلديّة مسؤولية تعطّل التوربينات، من دون تحديد موعد لتصليحها.

المصدر : السياسة