نحو التصعيد... "عون" ما قبل القمة ليس كما بعدها

23/01/2019 07:00AM

فتحت القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي عُقدت في بيروت منذ يومين، باب التحول الذي تتّجه اليه منطقة الشرق الأوسط  على مصراعيه، فتكشّفت الأمور بشكل واضح وصريح، بعدما قولبها البعض في إطار التحليلات المبنية على بعض المعطيات الميدانية.


ما تكشّف اليوم ليس بالامر المفاجىء، فسير الأحداث إقليميا منذ إعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن قرار سحب القوات الاميركية من سوريا، وما تبعه من زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو المكوكية الى الشرق الأوسط. فزيارة  وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل الى لبنان، كان ينبىء بتصعيد أميركي واضح تتمحور استراتجيته حول السير في معركة مع النفوذ الإيراني في الشرق الاوسط ومواجهة نشاطه وكل ما يدور في هذا الفلك، لاسيما أنشطة "حزب الله" بالتزامن مع ارتفاع مستويات الضغوط على الاخير لجهة مستلزمات قانون العقوبات.


فلبنان الذي لا يستطيع المضي بسياسة النأي بنفسه عن المتغيرات الاقليمية والدولية، وشظايا التحالفات وإعادة التموضع وتقسيم النفوذ، يعود اليوم وبعد هدوء نسبي الى قلب الصراع الدولي الذي بدأ يأخذ شكلا جديدا من سوريا الى العراق مرورا بلبنان حيث "حزب الله".


جاءت القمة خجولة التمثيل في بيروت لتبلور رسالة واضحة الى لبنان ممثلا برئيسه ميشال عون المتحالف مع "حزب الله"

وجاءت القمة خجولة التمثيل في بيروت لتبلور رسالة واضحة الى لبنان ممثلا برئيسه ميشال عون المتحالف مع "حزب الله"، رسالة حملت شكلا عربيا ومضمونا دوليا، وشكلّت جرس إنذار للداخل اللبناني وبالتحديد لبعبدا، بهدف إعادة الحسابات السياسية التي يجب أن تكون "أبيض أو أسود"، على اعتبار أن زمن السير في المنطقة الرمادية بين إيران وخصومها لم يعد ينفع، لا سيما في المرحلة المقبلة التي ستشهد ارتفاعا حادا في حرارة المعركة الأميركية بوجه طهران، مع اقتراب موعد القمة الدولية "وارسو"  في بولندا، والتي تهدف الى بحث الامن والإستقرار في الشرق الاوسط ومواجهة النفوذ الإيراني.


إذا يبدو أن سياسة الضغط على الرئيس عون للتخلّي عن "حزب الله" قد بدأت، وكانت أولى بشائرها القمة الإقتصادية. فماذا سيفعل الرئيس عون أمام كل ذلك، وكيف سيصمد التماسك اللبناني في ظل الأخطار التي تواجه كيان الدولة ماليا واقتصاديا ودستوريا؟

الرئيس عون الذي حاول حتى المرحلة السابقة لحكمه احتواء الجميع على صعيد السياسة الداخلية والخارجية، وسلّف الكثير من خلال وقوفه في الصف الوسطي بين المحاور في محاولة منه لتحييد لبنان قدر الإمكان عن فلك الصراعات، لن يتخلى حكما عن "المقاومة" ولا عن تحالف مارمخايل مهما كانت الضغوط، بحسب أوساط مطلعة.


وترى هذه الأوساط أن الرئيس عون يحضّر لمرحلة تصعيد في المواقف والتموضع في مرحلة ما بعد القمة، لافتة الى أن الإلتفاف الاول جاء عبر دولة قطر، التي سجلت موقفا في اللحظات الاخيرة وبادلها عون بالشكر والإهتمام.


وتكشف الاوساط نفسها لموقع "السياسة" عن مفاجأة يحضّرها رئيس الجمهورية على الصعيد المالي لإعطاء الثقة بالسوق اللبنانية، الأمر الذي سيقوّي موقفه ويكون مدماكا أساسيا للمضي في تصعيده، وإعادة تمركزه بصورة واضحة الى جانب "حزب الله"، والتخلي تدريجيا عن موقعه التوافقي والوسطي.


كشف الاوساط نفسها لموقع "السياسة" عن مفاجأة يحضّرها رئيس الجمهورية على الصعيد المالي لإعطاء الثقة بالسوق اللبنانية

ويشير المراقبون لسير الأحداث، الى أن توجه عون قد يكون ناتج عما آلت اليه أحداث القمة، بعد كل ما قدّمه من محاولات للبقاء في وسط الطريق، والآن بدت واضحة لديه تماما المحاولات الخارجية لإفشال مرحلة حكمه بسبب تحالفه مع "حزب الله".


هذه الأوساط نفسها، ترى أنه من السذاجة حصر أسباب ضعف التمثيل في القمة الإقتصادية، بالمشاكل الداخلية والحكومة، وما جرى مع الوفد الليبي، فكل هذه "مجرد ذرائع" لتبرير ما حصل. فيما تبقى الأسباب الرئيسية فيما تريد الإدارة الاميركية تقديمه من رسائل واضحة الى كل المعنيين في الشرق الأوسط بشأن موقفها من النشاط الإيراني والتطورات الميدانية في سوريا والعراق واليمن، ووضع الجميع أمام خيار التوحد في موقف يتناغم مع توجيهاتها السياسية في المنطقة.


ما بين الحراك الحكومي وليل السبت القادم، حيث سيطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أمور كثير ستتوضّح ورسائل سياسية سيتم الكشف عنها، والتي من المؤكد أنها ستأسس لمرحلة سياسية جديدة مبنية على التحولات الأخيرة.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa