الإمارات تكتُب التاريخ والبابا يوقّع

05/02/2019 10:46AM

تفوحُ رائحة الحضارة هنا... لا بل الحضارات، حيث ملتقى العمران والشعر والتكنولوجيا والمحبة وأضف اليهم التسامح....


في الإمارات فرحة وحسرة. فرحة العربيّ الصادق بوطنٍ  يُحاكي لا بل يضاهي الغرب بالجمال والعمران، وحسرة العربيّ الصادق على وطنه الأم.

في الإمارات فرحة وحسرة




مُحزنٌ أن يقارن الطفل أمّه بأمهات رفاقه... محزنٌ أن يخجَل بأمّه أمام أمّهات رفاقه.. 


في الإمارات، تفخر بعروبتِك وتخجل بالوطن العربيّ كلّه.


خمسون عاماً من العطاء طغت على الخمسمئة ألف عام.


في الإمارات حكّامٌ، يؤمنون بصحراء باتت جنّة الكرة الأرضية.


تفوح رائحة الحضارة في شبه الجزيرة، في الولايات السبع، وعلى وقع اعترافات عالمية ليس آخرها جواز السفر...


قبل الحديث عن زيارة قداسة البابا فرنسيس، وأهميّتها للإمارات وللخليج وللشرق الأوسط والعالم العربيّ، يطيب الحديث عن المسار الذي أوصل رأس الكنيسة المسيحية في العالم الى إمارة أبو ظبي المسلمة..


لم يستيقظ الحبر الأعظم ذات يوم ويتّخذ قراره بزيارة الإمارات. هو قرار مبنيّ على رؤيا، هو قرار مشترك بين عاصمتيّ الحضارة الإنسانية في العالم، روما وأبو ظبي.. قد تكون روما لا بل من المؤكد بأن روما أعرق لكنّ أبو ظبي أجرأ. منذ سنتين كانت المنطقة تعيش تحت رحمة داعش، منذ سنتين كان مجيء البابا فرنسيس الى المنطقة حرباً صليبية. الْيَوْم باتت الزيارة حدثاً تاريخيّاً غيّر صورة الإسلام في عيون الغرب وغيّر صورة المسيحيين في عيون الشرق. ليس عاديّاً أن يقف شيخ الأزهر على مرمى حجر من مكّة المكرّمة ويوقّع على بناء كنيسة!

 روما أعرق لكنّ أبو ظبي أجرأ



ليس عاديّاً أن تصدح ترانيم المسيح في سماء أبو ظبي في سابقة دينية خليجية!


قبيل وصول البابا بسنوات وسنوات طوال مهّدت الإمارات للقاء التسامح. لم تفعلها عمداً، لكنّها كانت قناعة راسخة في نهج الشيخ زايد والشيح محمد بن راشد وجميع القيّمين على الدولة الإماراتية. ومن هنا طبّقت الإمارات قانون ازدراء الأديان، الذي شكّل حصانة معنوية لكلّ مؤمن على أرض الإمارات، فمنع استغلال العصبيات الدينية الرخيصة وسمح بالانكباب  على الإنتاج بدل التلّهي بشحن النفوس وإراقة الدماء.


طوال سنوات وسنوات، لم تضيّق الإمارات الخناق على المسيحيين ولا على غيرهم من المواطنين، بل مارسوا طقوسهم بروحية السلام ومن دون خوف.


طوال سنوات وسنوات، لم تُقفِل الإمارات كنيسة، ولم تضطهد مسيحيّاً "ضُبط" يرسم إشارة الصليب على صدره في مكان عام.


طوال سنوات وسنوات، والمسيحيون الآسيويّون يعيشون في الإمارات وكأنهم في روما.


لست على اطلاع بعمل سفراء الإمارات في البلدان كافّة، لكنّ صورة سفير الإمارات في لبنان حمد الشامسي تكفي لتعكس مدى انفتاح الإمارات على الديانات الأخرى. 

صورة سفير الإمارات في لبنان حمد الشامسي تكفي لتعكس مدى انفتاح الإمارات 



هي ثقافة دولة، ونهج متّبع مبنيّ على قناعة وليس مجرّد مواقف إعلامية.


أتى البابا فرنسيس، بعدما ترسّخت قناعة لديه بأن المسؤولين في الإمارات مدارس في الإنسانية. 


مدّ يدَه لملاقاة يدٍ سبّاقة الى نصرة البشرية من هاجس التقاتل الدينيّ.


علم الحبر الأعظم وشيخ الأزهر أن بعناقهما على مرأى من مليار مشاهدٍ ستهدأ نفوس كثيرين. 


هو عناق ديانة الحق وديانة المحبة، هو إشارة واضحة بأن الله واحد وبأن التسامح يقضي على الكفر وعلى الجهل وعلى التعصّب.


قد يرى البعض بأن زيارة البابا الى الإمارات تعطي زخماً أكبر لصورة المسيحيين في المنطقة، وقد يرى آخرون أن الزيارة تعطي زخماً للديانتين معاً، لكنّني وبكل موضوعية أرى أن في الزيارة انتصاراً لصورة الإسلام المعتدل. أرى فيها هزيمة حقيقية لداعش ولكل المتطرّفين الذين شوّهوا صورة الإسلام في المنطقة والعالم.


بعد الزيارة لن يكون كما قبل الزيارة، وستصبح كنيسة فرنسيس في أبو طبي محجّاً لمسيحيي العالم.


نعم الرؤيا عند قداسة البابا صائبة، لكنّ الرؤيا عند حكّام الإمارات صائبة أيضاً، وعندما يتلاقى خيّران على مستوى العالم، تتحسّن صورة البشرية ويُهزم الشرّ.


أنهى البابا الْيَوْم زيارته التاريخية، لكنّ تاريخ العلاقة المتجدّدة بين المسلمين والمسيحيين بدأ مع إقلاع طائرته الى الفاتيكان، لتكتب الإمارات من جديد تاريخاً مشرّفاً عن الأمّة العربية....


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa