النواب يطرحون الثقة بوزراء مستقيلين.. ماذا فعل باسيل؟

08/02/2019 06:46AM

ما لبث أن تشكّل مجلس الوزراء، حتى خرج كل من رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، الى رفع شعار المحاسبة بوجه الوزراء الجدد إذا ما تقاعصوا عن واجباتهم أو أخلّوا بالتزاماتهم في العمل الحكومي.

هذه المحاسبة، وبحسب الدستور، لديها أطر قانونية محددة مشار اليها صراحة في متنه. فهل قصد الحريري وباسيل تلك الاطر، بتحذيرات الاول وإقدام الثاني على اتخاذ إجراء استباقي بالمحاسبة؟  

يقول الحريري ردّا على سؤال صحافي بعد إعلان مراسيم تشكيل الحكومة : " من يريد العمل وإثبات نفسه سيبقى في الوزارة، أما من لا يريد العمل والتعاون فسيواجه مشكلة معي ومع رئيسي الجمهورية والنواب".


العقاب سيكون إقالة الوزير المتقاعص


ما يُفهم من حديثه أصولا، أن العقاب سيكون إقالة الوزير المتقاعص الذي سيكون بمواجهة مع الرؤساء الثلاثة.

 وعمليا، الدستور اللبناني واضح لجهة آلية إقالة الوزراء أو استقالتهم، وقد حدد هذه العملية حصرا بمجلس الوزراء، كما ذكرت المادة 69 منه بفقرتها الثانية، بحيث يحتاج هذا القرار الذي يصدر بمرسوم موقع من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، الى موافقة أكثرية ثلثي المجلس ليتحقق، ما يعني أن الرؤساء، الحريري وعون وبري، لا يمكنهم اتخاذ هكذا قرارات منفردين. 

ويضاف الى ذلك، صلاحية مجلس النواب  بطرح عدم الثقة بأحد الوزراء عبر نائب أو أكثر، بحسب المادة 37 من الدستور، ويعدّ هذا الحق مطلق ويمكن طلبه في أي وقت.

كما أن الدستور لم يذكر صراحة أسباب معينة بالذات وموجبة لإقالة أي وزير، ما يفتح المجال أمام كل الاحتمالات حتى تكون أسباب مباشرة لاتخاذ هذه القرارات، وبالتالي لا معايير واضحة يحاسب على أساسها الوزراء كون الرئيس الحريري تحدث بفرضية عدم التعاون، حسبما يقول أستاذ القانون الدستوري الدكتور عصام اسماعيل.

الدكتور اسماعيل، وفي حديث لموقع "السياسة"، يرى أن ما قاله الرئيس الحريري يأتي في إطار حثّ الوزراء على العمل الجدّي والتعاون فيما بينهم لإنجاح العمل الحكومي، أما فعليا فهو لا يمكنه المحاسبة بصورة فردية.

وقبل أن تنطلق الحكومة الى عملها، لاقى الوزير باسيل رئيس الحكومة على طريق المحاسبة، مفجّرا سابقة لم يشهد لبنان لها مثيل من قبل، أثارت استغراب اللبنانيين عموما والقانونيين خصوصا.


باسيل طلب من وزراء التيار ان يوقعوا على استقالاتهم


باسيل الذي طلب من الوزراء الجدد، الذين سمّاهم من حصة التيار الوطني الحر وحصة رئيس الجمهورية، باستثناء الملتزمين بأحزاب وكتل أخرى، ان يوقعوا على استقالاتهم، ما يمكّنه من استخدامهم متى أراد وتعيين وزير بديل، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام، والتي أكدت قبول الوزراء وتوقيعهم، أحدث مفاجئة لا يمكن للمنطق أن يستوعبها.

فالوزير مستقل بواجباته ومهامه ولو كان ضمن كتلة سياسية، لانه جزء من السلطة التنفذية التي تتألف من وزراء يمثلون أحزاب لخدمة جميع المواطنين لا لخدمة أحزابهم، وبمجرد دخولهم الى مجلس الوزراء، باتوا ممثلين للأمة جمعاء كمثل النواب.

وبما أن الوزير يعمل للمصلحة العامة، يرى الدكتور عصام اسماعيل أن هذا التصرف غير مألوف وغير منطقي، متساءلا كيف يُطلب من شخص إمضاء استقالته قبل أن يتسّلم مهامه حتى؟

يوضّح اسماعيل أن مرسوم تعيين الوزراء لا يمكن أن يعلّق على شرط وهو نافذ وكامل المفاعيل بمجرد صدوره، وبالتالي فان هذا العمل غير مرتبط بأخلاقيات العمل الاداري، ولا يمكن تصنيفه في إطار التدبير الاداري حتى، متمنيا أن لا تتكرر هذه الفعلة، بل يجب أن "تمزّق تلك الاستقالات". 

وعن سند تلك الاستقالات القانوني، فإن مجرد إمضاء الوزير لاستقالته، وظهورها الى العلن يعتبر الوزير مستقيلا بانتظار موافقة رئيس الجمهورية. الا أننا اليوم أمام حالة تحتاج الإنتظار لتبيان مفاعليها، وفي حال تم إبراز احدى الاستقالات في يوم من الايام ستكون الكرة في ملعب الرئيس عون، فإما يعتبرها سندا الى الدستور باطلة بطلان مطلقا وبالتالي لا وجود قانوني لها، كونها وُقّعت كشرط معلّق على مرسوم التعيين، وإما يقبل بها فتصبح نافذة ولا يمكن لأحد مناقشة الامر بعد توقيعه عليها، وهنا سنكون أمام مفاعيل مبنية على تصرفات دخيلة على الدستور ما يطرح التساؤل حول آلية التنفيذ، حسبما يشرح الدكتور اسماعيل.

وإذا ما وُضع تصرف وزير الخارجية جبران باسيل في إطار التدخل في عمل الوزراء، فكيف يمكن للمواطن أن يثق بوزير قد سلّم آخر مستقبله الحكومي قبل أن يبدأ؟ وكيف يمكن لمجلس النواب وهو في طور مناقشة البيان الوزراي الأسبوع المقبل، أن يمنح الثقة لوزراء قدموا استقالاتهم قبل أن ينفذوا بندا واحدا من البيان؟ أسئلة كثيرة ومشروعة تطرق الى الأذهان أمام تصرف صادم لم تشهده الحكومات من قبل.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa