600 مليون دولار لتدمير 120 ألف شجرة و50 موقع تاريخي

18/02/2019 06:24AM

على بعد أمتار من هبة الربّ الخضراء، تتأهّب جرافات شركة "نيوريل اوزالتن" التركية، بتكليفٍ شرعي من مجلس الإنماء والإعمار، لتنفيذ الأشغال في سد بسري، بين الشوف وجزين. وهي الأشغال التي لها أن تدمّر 6 مليون متر مربع من المناطق الطبيعية والأراضي الزراعية، تقطع 120 ألف شجرة، وتتطاول أيضاً على إرث ثقافي حضاري عريق يعود للعصور الرومانية عبر تفكيك أكثر من 50 موقع تاريخي.



بالرغم منالسدود  أثبتت فشلها بتأمين المياه لا زالت أولوية لدى المعنيين


لا تنتهي آثام السد "الشبح" هنا، فإن الموقع المختار، وبحسب أهل الاختصاص، يشكل خطراً على سلامة المواطنين أيضاً، كونه يقع على فالق زلزالي ناشط. وهي الآثام التي دفعت أهالي المنطقة والبيئيين لرفع الصوت عالياً ضد تنفيذ المشروع الذي ستجر مياهه إلى بيروت الكبرى.


تضرُب الدولة بعرض المصالح كل هذه الاعتراضات، وبحسب مصادر بيئية، فإن "هذه السدود بالرغم من أنها اثبتت فشلها بتأمين المياه، لا زالت أولوية لدى المعنيين، لما تدرّ من أموال في جيوب المعنيين". فاستدانت الدولة 600 مليون دولار من عدة بنوك بينها البنك الدولي والبنك الإسلامي مع فوائد على حساب المواطن اللبناني لبناء سد  يدمر الطبيعة، والتراث، ويهدد سلامة الأهالي.


يحمّل رئيس "الحركة البيئية اللبنانية" بول أبي راشد مسؤولية هذه الجريمة البيئية والتراثية لمجلس الإنماء والإعمار، علماً أن "الشركة المقاولة تركية، أما المتعهد لبناني، وهو من نفذّ سد بقعاتا ومطمر برج حمود، والشركة المذكورة طالبت مبدئياً، مصلحة الزراعة بقطع 10 الاف شجرة في المنطقة، أي ما يُعتبر تدميراً وتشويهاً للبيئية إلى أقصى درجة".


وعن المخاطر التي قد تنجم عن تنفيذ السد، يلفت أبي راشد في حديثٍ لموقع "السياسة" إلى إمكانية حدوث زلزال بعد بناء السدّ، لأنه "سيبنى على فالقين ناشطين يمتد أحدهما من بلدة الروم ويلتف حول بيروت، وإذا تحرك فالق الروم فقد يؤدي إلى تدمير مساحات كبرى من لبنان، لأن وزن المياه على فالق ناشط يمكن أن يحركه، وبالتالي يُحدث هزة أرضية قد يصل مداها إلى بيروت وطرابلس، كما أن إنشاء البحيرة يسبب انزلاق التربة الرملية وانهيار الأراضي". 


ويصف أبي راشد المشروع بالجريمة الكبرى "إذ يساهم بتغيّر المناخ بفعل قطع مئات آلاف الأشجار التي تمتص سنوياً حوالي 20 مليون كلغ من الكربون، كما ان تبخّر 6.5 ملايين متر مكعب من مياه البحيرة الاصطناعية سنوياً، ويساهم بازدياد الرطوبة وبالتالي انتشار الأمراض الفطرية بين الأشجار الحرجية والمثمرة، وتهديد صحة السكان المحليين، عدا عن مساحة تدمير تصل إلى 0,02 % من المباني، والباقي أراضٍ زراعية وأحراج".


إذا تحرك فالق الروم فقد يؤدي إلى تدمير مساحات كبرى من لبنان

وعن استراتيجية السدود وفشلها في لبنان، يؤكد الخبير الهيدروجيولوجي المختص بعلوم المياه الجوفية سمير زعطيطي أن مشاريع السدود هي مغامرات مكلفة هدرت لغاية الآن مئات الملايين من الدولارات، لأنها لا تتمكن من تخزين المياه، بسبب طبيعة صخور لبنان ذات النفاذية العالية (الكارستية). بدليل أن السدود التي أنشئت حتى اليوم، كانت فاشلة، ولم تحتفظ بكميات المياه اللازمة، مثل سد القيسماني، وبقعاتا (كنعان) في جبل لبنان. وبريصا وبلعة والمسيلحة شمال لبنان.


ويشدد زعطيطي في حديثه لـ"السياسة" أن لبنان لا يفتقر للمياه، بل يتمتع بكميات كبيرة من الأمطار، بحسب الدراسات القديمة والحديثة، ويضيف: "جبال لبنان مخزن حقيقيّ للمياه، ويتمتّع البلد بـ 14 نهر تقريبا يصبّون نحو الساحل، لكن مشكلتنا الأساسيّة، هي غياب سياسات مائية علمية تستثمر بشكل جيد ومدروس الثروة المائية".


وتجدر الإشارة، إلى أن 16 ألف ناشط وقعوا على عريضة الكترونية، تحت عنوان "انقذوا مرج بسري"،فهل يتّعظ المعنيون من كل التجارب السابقة الفاشلة في مجال السدود، أم أن ملايين الدولارات ستقف عائقاً بينهم وبين الحقيقة من جديد، وإن كان الثمن تدمير ما تبقى من لبنان الأخضر؟


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa