هل تسقط الحكومة اللبنانية من البوابة السورية؟

بشكل مفاجئ وقبل انعقاد الجلسة الاولى للحكومة اللبنانية الجديدة التي نالت الثقة بعد مثولها امام البرلمان الأسبوع الماضي، زار وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الاثنين، وزير الإدارة المحليّة والبيئة في حكومة النظام السوري حسين مخلوف، حيث جرى عرض لملف النازحين وكيفية تأمين عودتهم الى سوريا بما يتناسب ومصلحة النظام ودون التنسيق مع المرجعيات الدولية المختصة.

بعد اللّقاء اكد الغريب على "أهمية التعاون مع الجانب السوري في هذا الملف الشائك والمهم جداً"، مشدداً على أن "الحكومة السورية بادرت باتخاذ الإجراءات اللازمة والتحضيرات لاستقبال السوريين".

أوساط وزارية لبنانية رأت في الزيارة استفزازاً صريحاً لرئيس الحكومة واستخفافاً واضحاً بالحكومة وسياستها، وتفرد بعض الوزراء بتنفيذ أجنداتهم السياسية خارج إطار الاجماع الحكومي ودون العودة الى رئيسها سعد الحريري.

ورأت المصادر في تصريحات خاصة ان هذا المشهد يؤكد ما قاله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ان تعيين الوزير الغريب في وزارة الدولة لشؤون النازحين هو قرار لحزب الله الذي يريد الامساك تماماً بملف النازحين المتوقع ان يكون بإنتظارهم مستقبل مجهول بعد تسليم تيار المستقبل حقيبة النازحين لحزب الله والنظام السوري.

وتتخوف المصادر نفسها على مصير الحكومة التي لا تبشر بدايتها بالخير، حيث توقعت ان تدخل بإشكالات وصراعات من بوابة ملف النازحين السوريين، الذي قد يطيح بمصير الحكومة اللبنانية اذا ما استمر فريق حزب الله بفرض سياساته وإملاءاته على الجميع دون الأخذ بعين الاعتبار وجود فريق آخر يرفض التطبيع وتسليم النازحين الى جهنم النظام المجرم.

وفِي السياق نفسه علّقت مصادر مقربة من رئاسة الحكومة، على زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لدمشق بالقول: "الزيارة غير موافق عليها من الحكومة"، وأشارت المصادر إلى أنّ هذه الزيارة تُعتبر زيارة خاصة.

بدوره علّق وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب من دمشق على مصادر الحريري وقال انّ "هناك تنسيق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون" مضيفاً في حديث تلفزيوني "مش جايين بالسر".

خطوة الوزير الغريب لم تكن الوحيدة التي كشفت هشاشة التسوية الحكومية الحالية، فكان قد سبقها تصريحاً لوزير الدفاع اللبناني الياس بو صعب الذي أثار تحفظه في مؤتمر ميونيخ للأمن، على وجود منطقة آمنة بين سوريا ‏وتركيا، واعتباره أي وجود عسكري تركي على الأراضي السورية دون موافقة دمشق هو احتلال، حفيظة جزء كبير من القوى السياسية اللبنانية التي تساءلت عن مغزى ادراج بند النأي بالنفس في متن البيان الوزاري ما دام الوزراء المفترض انهم الاكثر التزاما به هم اول من يخرقونه.

وحول الرد على تفرد حزب الله وحلفائه وخرقهم مبدأ "النأي بالنفس"، كشفت مصادر القوات اللبناني لموقع "السياسة" ان وزراء القوات سيسجلون في جلسة مجلس الوزراء اعتراضهم الشديد على موقف بو صعب وزيارة الغريب في اتجاهين:

- ضرورة الاتفاق على خطة حكومية مشتركة، والمطالبة بالتذكير بمبدأ الناي بالنفس المدرج في البيان الوزاري او باعادة شرحه لان ما جرى يعكس قلة دراية بمعنى المصطلح كي لا يُقال تجاوز واستهتار بالسياسة العامة للحكومة.

- التأكيد على ان خطوات مماثلة من شأنها ان تعيد البلاد ومعها الحكومة الى حال من الانقسام العمودي غير المرغوب فيه نظرا لتداعياته البالغة السلبية في زمن المطلوب فيه وضع الخلافات جانبا والانكباب على العمل الفعلي، الا اذا كان من يقف خلف هذه الممارسات لا يريد للحكومة ان تنتج وتحقق الغاية المنشودة لا سيما على المستويين الاقتصادي والاجتماعي اللذين وضعهما الرئيس الحريري في رأس قائمة اولوياته.

وفِي سياق منفصل تشير مصادر دبلوماسية الى ان وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو قد يزور بيروت خلال جولته العربية المرتقبة في آذار المقبل. للتأكيد على ان التعاون بين واشنطن وبيروت قائم ومستمر رغم تحفّظ واشنطن على نيل "حزب الله" وزارات وازنة في الحكومة الجديدة. وهو سيدحض ايضا ما يُشاع عن "تخلّ للبيت الابيض عن لبنان سيُترجم في المرحلة المقبلة، وسيشدد على ضرورة الالتزام الجدي بالقرارين 1701 و1559، بما يعزز الهدوء على الجبهة الجنوبية ويضع حدا لتفوّق حزب الله العسكري الذي غالبا ما يُصرف في اللعبة السياسة الداخلية. فيما حُكي عن "عتب" أميركي على لبنان لتغيّبه عن مؤتمر وارسو وقد قرأته واشنطن نتيجة لسيطرة حزب الله على السياسة الخارجية اللبنانية، وسيشجّع بومبيو اللبنانيين على عدم الاستسلام لتوجّهات وخيارات "حزب الله".

المصدر : السياسة