حكومة الإطاحة بالنأي بالنفس

21/02/2019 09:03AM

منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة اللبنانية، بدأت تتوضح الانشقاقات والخروج عن سلوك النهج السياسي الواحد، وبدا كأن كل وزير "يغرد" لوحده.


رفعت حكومة "إلى العمل" شعار محاربة الفساد والنأي بالنفس، وكان واضحاً ركوب جميع الفرقاء السياسيين "موجة" محاربة الفساد. في الظاهر توافق عظيم، في الباطن ماذا يحصل داخل هذه الحكومة الهجينة والتي لم ولن تقنع أحد "بالتضامن" الذي يتشدق به الوزراء من على المنابر. حيث توالت عينات عن ما ينتظر حكومة الى العمل من عقبات للشروع بالعمل.


إفتتح بازار النأي بالنفس السيد حسن نصرالله، حيث رشح نفسه كصديق لإيران أن يكون صلة وصل بين الدولتين، وعرض استراتيجية تعاونية، منها، استيراد سلاح دفاع جوي للجيش اللبناني، وللذهاب الى ايران للإتيان بكل ما يريده الجيش اللبناني ليصبح اقوى جيش في المنطقة، ونصح لبنان بالتخلي عن مساعدة الولايات المتحدة "لماذا ندير ظهرنا لهذا الصديق ونعطي رقابنا للآخرين"، كما عرض على الدولة فرصة استيراد الدواء من إيران وحل مشكلة الكهرباء بأقل من سنة وباسعار متدنية جداً، ووصلت به درجة النأي بالنفس أنه قال متوعداً بأن "إيران لن تكون لوحدها عندما تشنّ أميركا عليها الحرب لأن كل منطقتنا مرتبطة بها". 

افتتح بازار النأي بالنفس السيد حسن نصرالله حيث رشح نفسه كصديق لإيران



من حيث الشكل، إذا كانت إيران جدية في موضوع تسليح الجيش فهناك طريقة سريعة للقيام بذلك، عبر الطلب من حزب الله ان يسلم سلاحه للجيش وهو سلاح ايراني ومتطور كما يقول السيد، من حيث المضمون، عدا عن المشاكل التقنية العديدة التي سوف تواجه الجيش، وعدا عن أن لبنان سوف يكون عرضة للعقوبات أيضاَ، اذا ما تعاون مع إيران بمشروع تسليح الجيش، هناك سؤال يسأل لماذا لم تستعمل منظومة السلاح الجوي المتطور الإيراني هذا في الاجواء السورية أو في الدفاع عن النقاط الايرانية التي تعرضت لهجوم إسرائيلي على الأراضي السورية.


إلى ذلك، لماذا تأخر حل مشكلة الكهرباء طالما هي بهذه السهولة قبل الأن، علماً أن منذ 2006 حتى اليوم جميع الحكومات كانت حليفة لحزب الله.


من ثم تأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف رأساً بعد تشكيل الحكومة ليكرر استعداد بلاده تقديم المساعدات للبنان قائلا:"إن لبنان عنوان للمقاومة والتعايش".

زيارة رسمية لوزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب إلى سوريا 



ويقوم وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة "إلى العمل" صالح الغريب بزيارة رسمية إلى سوريا في أول عمل يقوم به بعد استلامه منصبه حيث إلتقى مسؤولين من النظام السوري، للتباحث في ملف النازحين السوريين، على الفور سارعت أوساط رئيس الحكومة سعد الحريري إلى نفي أي تنسيق بينه وبين الغريب واعتبرتها "زيارة خاصة"، 

لكن في اليوم التالي رأينا الغريب في زيارة لرئيسي الجمهورية والحكومة لتبليغهما نتائج زيارته.












يصرح وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب، على هامش مشاركته في الدورة 55 لمؤتمر ميونخ للأمن، أنه أبلغ وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، بالتحفظ على موضوع المنطقة الآمنة على الحدود التركية السورية، وأكد له "أن وجود غير وجود الجيش السوري لن يكون مرحب به وسيظهر وكأنه إحتلال من دولة أجنبية". في تصريح لافت وبعيد كل البعد عن النأي بالنفس ولم يصدر بياناً حكومياً أو توضيحاً للموقف.







تصريح لافت للوزير بو صعب وبعيد كل البعد عن النأي بالنفس



يتصرف حزب الله وفريقه الحليف وكالعادة بفائض القوة التي اعطاه اياه سلاحه، فهو يرفع شعار محاربة الفساد من جهة، ويتصرف كأنه الوحيد في البلد من جهة اخرى، اذا كيف سيتم لاحقاً محاسبة اي من اعضاء الحزب او أحد المحسوبين عليه، وهو لا ينصاع لأي قانون أو مبدأ متفق عليه تحت قبة البرلمان، وهذا ما دفع بنائبه نواف الموسوي الى القول أن "سلاح المقاومة هو من أوصل ميشال عون لرئاسة الجمهورية"، مضيفاً أنه "لم يصل بواسطة الدبابات الإسرائيلية"، بإشارة إلى رئيس الجمهورية الأسبق بشير الجميل، وفي تهجم واضح على حزبي الكتائب والقوات اللبنانيين وامام أعين الصحافة والاعلام، مما كاد ان يشعل الشارع الهش لولا تدخلات جميع الاطراف للتهدئة. إذا كانت رغبة الحزب جدية بمحاربة الفساد فليضع نفسه أولاً تحت المساءلة.



أن الرئيس سعد الحريري نواياه واضحة وجدية في الانطلاق بالعمل للخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها البلد، لكن قد يكون سهى عن باله أن الملف الاقتصادي يسير بشكل متوازي مع الملف السياسي والأمني، ولا يمكن للبلد ان يتقدم وهناك من يريد أن يستأثر بالقرار السياسي والأمني، والحكومة تتجنب الخوض بأي من الملفات الحساسة، منها ملف تطبيع العلاقات مع سوريا وهو الذي يتضمن ملفات عدة: ملف النازحين، ملف ترسيم الحدود، الغاء المجلس الأعلى السوري اللبناني، ملف انتشار الجيش اللبناني والسلاح الغير شرعي، وتطبيق القرارات الدولية، الحرب والسلم مع إسرائيل، المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، كلها ملفات من شأن طرحها أن يفجر خلافاً داخل وخارج الحكومة، كما أنها ملفات تضع الحكومة تحت المجهر الدولي والعربي وهذا ما عبرت عنه بصراحة السفيرة الاميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد حيث تحدثت للاعلام بعد زياتها للرئيس الحريري عن "الدور المتنامي في الحكومة لمنظمة لا تزال تحتفظ بميليشيا لا تخضع لسيطرة الحكومة، وتستمر في اتخاذ قراراتها الخاصة بالأمن القومي وهي قرارات تعرّض لبنان للخطر، وتستمر كذلك في انتهاك سياسة الحكومة "النأي بالنفس" من خلال المشاركة في نزاع مسلّح في ثلاثة بلدان أخرى على الأقل. إنّ هذه الحالة لا تساهم في الاستقرار، وفي الواقع إنها تزعزع الاستقرار بشكل أساسي".


اذاً ما نفع تشكيل حكومة وحدة وطنية وتضامنية ان كانت أهم الملفات واكثرها حساسية تبقى خارج التداول؟



أن هذا البلد يبقى كما قال يوماً البطريرك السابق مار نصرالله بطرس صفير "أشبه بعربة يجرها حصانان ولكن كل واحد بإتجاه مختلف"، وسوف يبقى شعار الفساد كما النأي بالنفس شعارات جذابة ورومانسية إلى أجل غير مسمى.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa