نقل مشترك "ذكي"... كما لا يجرؤ الآخرون!

كثيرة هي الأحاديث عن أزمة السير في لبنان، الأزمة التي باتت جزءً من يوميات اللبناني، إذ يستنزف المواطن طاقاته ووقته وأعصابه ويقضي نصف يومه بشكل روتيني في زحمة السير، وهي المعضلة البعيدة عن أولويات الحكومات المتعاقبة، بالرغم من أن كلفتها تُقدّر بنحو ملياري دولار سنوياً، بحسب تقرير نشره مركز الدراسات في "بلوم بنك".

إلا أنه حيث لا يوجد أولويات، ولا حكومات مسؤولة، يوجد أيادٍ بيضاء تلتفت لحاجات المواطن الملحة،  وتحاول انتشاله من ازماته فـ"رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، مدروسة، تواكب العصر، وبالسعر الأنسب"، بحسب ما أكد النائب زياد حواط قبل أيام، كاشفاً الستار عن المبادرة الرائدة (مشروع النقل العام المشترك في قضاء جبيل). 

تأتي هذه المبادرة كسفينة النجاة  لمدينة جبيل التراثية التي لم تسلم هي الأخرى، حالها حال باقي المدن اللبنانية، من أزمة السير الخانقة، عبر مشروع "We Go Toghether" الفريد من نوعه، كونه يعتمد على تقنيات جديدة ووسائل حديثة ومتطورة للنقل المشترك وينطلق من مدينة جبيل وقضائها ليمتد لاحقاً الى كسروان والمتن، على أن يكتمل في آواخر العام 2019. وتكمن أهميته بتسهيل التنقل بين قرى القضاء وصولا الى مدينة جبيل، ومن جبيل وصولا الى العاصمة بيروت.

وفي هذا السياق، يؤكد مكتب النائب حواط أن "المشروع يحد من ازدحام السير ويخفض نسبة التلوث من خلال الحدّ نسبياً من استخدام السيارات الخاصة، وما ينتج عن ذلك من انبعاثات تضر بالبيئة وبالهواء الذي نتنشقه يومياً". ويلفت مكتب حواط إلى "أن للنقل المشترك مواعيد محددة، إذ سينطلق الباص الأول عند الـ 6:30 صباحاً وتتواصل الرحلات حتى الـ 6:30 مساءا، وستتم بالمداورة كل ساعة أو كل ساعة ونصف".

ويفيد المكتب "السياسة" بأن "المرحلة النموذجية للمشروع تتضمن 40 حافلة و90 محطة للحافلات منتشرة على 7 خطوط ضمن منطقة جبيل وخط واحد إلى بيروت، وتتمحور كلها حول مستديرة جبيل التي ستحتضن المحطة المركزية وميني ماركت ومنطقة توزيع، بالإضافة إلى موقف السيارات الرئيسي ومستودع الحافلات". 

وعن مدى تفاعل أهل منطقة جبيل مع الموضوع يؤكد المكتب الإعلامي لحواط "أن التفاعل والأصداء إيجابية جداً كون المشروع يحد من حدّة ازدحام السير، لا سيما أن الخدمات متطورة جداً داخل الباص".

أما تكنولوجياً، فجميع الباصات ستكون مجهزة بالـ "Wifi Free" ومنصة داخل كل باص يتم من داخلها تسديد الدفع للباص، إضافة إلى ذلك بإمكان المواطن تعقّب مسار الحافلات عبر الـ "Mobile App" على الهواتف الذكية، وشراء التذاكر عبر التطبيق الالكتروني، والاستمتاع بخدمات الانترنت على متن الحافلة كما يتمحور هدف "We Go" حول تطبيق نظام جديد لإدارة النقل الذكي (ITMS)، الذي من شأنه أن يغير بالكامل الفكرة القاتمة السائدة لدى المستخدمين اللبنانيين إزاء وسائل النقل العام. وبناءً على التكنولوجيا والثقة والسلامة، يعتمد النظام الجديد على تطبيق للهواتف الذكية سهل الاستخدام يشبه " Uber" يتيح لجميع المستخدمين التخطيط الدقيق لرحلتهم دقيقة بدقيقة.

ذا، النقل المشترك ليس بمهمةٍ  مستحيلة في بلد "العجقة" لبنان، بل هو ممكن عندما تتواجد الإدارة الحقيقية والفعلية لحل الأزمات، فما الذي يمنع الحكومة اللبنانية من تطبيق خطة شبيهة ولو بالشكل بمبادرة جبيل الفردية، لاسيما في بيروت وجبل لبنان، المنطقتين الأكثر معاناة مع زحمة السير؟!

المصدر : السياسة