الصراع الليبي... تنازع على الثروات بـ"ثوبٍ" سياسي

13/04/2019 07:25AM

تتخذ الأحداث في ليبيا وتيرة متسارعة منذ أن أمر قائد الجيش الوطني الليبي (قوّات حفتر)، المشير خليفة حفتر، في 4 نيسان الجاري، قواته بالتقدم نحو العاصمة الليبية طرابلس، لتحتدم المعارك بقوّة بين الجيش الوطني الليبي وقوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس، بقيادة فايز السراج، عند تخوم العاصمة الليبية، وتعدّى هذا الصراع في ليبيا في امتداده خطوط الانقسام الداخلي ليكتسب امتدادات دولية وإقليمية زادت من وتيرته.


تثير هذه التنقلات المتسارعة، التساؤل عن مسار الحرب الأهلية في ليبيا، خصوصاً أن الصراع الحالي حول طرابلس يدفع كل الأطراف إلى إعادة بناء تصوراتها الاستراتيجية، ويطرح تساؤلات حول السبب الذي دفع المشير حفتر بالتقدم والسيطرة على طرابلس في هذا التوقيت بالذات، وما مدى تورط أطراف إقليمية ودولية في الصراع الدائر في ليبيا؟

 الصراع الحالي حول طرابلس يدفع كل الأطراف إلى إعادة بناء تصوراتها الاستراتيجية



يشير الاعلامي والمراقب السياسي علي شندب إلى أنّ "هذا التوقيت يُعدّ استراتيجيّا نظرا لأسباب عدّة مرتبطة بالأوضاع الاقليمية أوّلها الاضطرابات التي تشهدها السودان والتي تمنع رئيسها عمر البشير اتخّاذ الموقف نفسه الذي اتخذه في العام 2011 عندما وقف إلى جانب الميليشيات الاخوانية أثناء عدوان الناتو على ليبيا، أضف إلى ذلك الحراك الحضاري في الجزائر، واكتمال الأنصبة العسكرية والشعبية لصالح الجيش العربي الليبي، لأنّ الميليشيات المتحكّمة بالغرب الليبي عامة وبطرابلس خاصّة  منذ عام 2011 لم تتمكّن من أن تقدّم أي مشروع دولة للمجتمع والعالم، فتحوّلت إلى ميليشيات تنهش المال العام وتغرق البلاد بفوضى هائلة"، لافتًا إلى أنها "لا تمتلك قرارا وطنيًا بل إنّ قرارها هو ملك مشغّليها أي "الناتويين" من جهة والاقليميين من جهة أخرى وبالدرجة الأولى تركيا كونها رأس حربة الاسلام السياسي المتطرّف وقطر والاخوان وهنا لا أقصد الاخوان المسلمين على وجه الحصر  بل الاخوان كمفهوم (الليبراليون، العلمانيون، الشيعة..) الذين كلّهم يتصرفون بعقلية انتهازية هدفها الوصول إلى السلطة".



هذه العوامل مشتركة شكّلت  للواء حفتر الفرصة المناسبة للإقدام على هذه المعركة، بحسب حديث شندب لـ"السياسة"، ويضيف: "خصوصا وأن حفتر والجيش العربي الليبي تمكّنوا من بسط الأمن والنفوذ على نحو ثلثي مساحة ليبيا، فاستعادوا الحقول والموانئ النفطية التي كانت تحت سيطرة الميليشيات، ولم يبقَ للميليشيات إلاّ منطقتين، العاصمة طرابلس ومصراتة".

النزوع الاستعماري لدى الغرب هو ليس حبًّا بالليبيين وإنّما طمعًا بالثروات



تتداخل اليوم أطراف عدّة في الصراع الليبي، ممّا يقلّص من فعالية الحوار الوطني ويتطلّب حوار دولي إقليمي ربّما، وفي هذا السياق، يرى شندب أنّه "لا شكّ في أنّ ليبيا تتنازعها أجندات اقليميّة، ونفق دولي رباعي يضمّ ايطاليا، فرنسا، بريطانيا والولايات المتّحدة الأميركية، ولا زال الليبيون يرون أنّ هناك إمكانية لإعادة توحيد ليبيا بدل بقائها مقسّمة بفعل وجود حكومة في الشرق وحكومة في الغرب وملامح حكومة في الجنوب، إلاّ أنّ ما تعرضّت له ليبيا من قرارات دولية صدرت عن مجلس الأمن تحت شعار حماية المدنيين، أدّى إلى ضرب الدولة الليبية ودخولها بحرب المجتمع على نفسه من خلال الميليشيات المتصارعة، وبالتالي الليبيون في قرارة أنفسهم غير مؤمنين بهذا الحوار الدولي لأنّه مبني على تحويل ليبيا إلى مناطق نفوذ نظرا للثروات المدفونة في الأرض الليبية من نفط وذهب ومعادن أخرى ثمينة، وبالتالي النزوع الاستعماري لدى الغرب الأوروبي والأميركي هو ليس حبًّا بالليبيين وإنّما طمعًا بالثروات المتمركزة في باطن الأرض".


تدعم الامارات والسعودية ومصر اليوم الجيش الوطني الليبي، ممّا يرجّح تدخّلها المباشر في هذا الصراع، وعن هذا الموضوع يقول شندب: "تشكّل ليبيا أمنا قوميا وأحيانًا أمنا داخليا بالنسبة لمصر لوجود حدود مشتركة بينهما تصل مساحتها لحوالي الـ 1000كم، وتقف مصر بقوّة وراء المؤسسات النظامية في ليبيا، وتدعمها لأن هناك خصم مشترك بينهما وهو الحركات الاسلامية المتطرفة التي لديها برنامج دموي في مصر".

ويتابع: "أيضًا الإمارات والسعودية لديهما الموقف نفسه لاعتبارات خليجية من جهة، ولاعتبارات أخرى أهمّها محاولة تمظهر إردوغان بزعامة العالم الاسلامي وهذا أمر مرفوض إذ أنّ العالم الاسلامي لم يتزعّمه على مرّ العصور غير عربيّ، وبالتالي ما يشنّه الجيش العربي الليبي من عمليات من شأنها أن تستهدف وبدرجة استراتيجية تقويض النفوذ التركي الممتد انطلاقا من ليبيا التي هي قاعدة الارتكاز للمشروع الأردوغاني وصولا إلى الصومال".


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa