"قانا".. 10 دقائق من الرعب والدماء والأشلاء

18/04/2019 07:22AM

عشر دقائق من الوحشية هزت العالم وأوجعت قلوب مئات العائلات، فشرّدت ويتّمت عشرات الأطفال، وأثكلت قلوب الأمهات . دقائق من الرعب والدماء والأشلاء كانت كفيلة لتحفر جرحا عميقا داخل كل من عاصر تلك اللحظات لم ولن يُنسى.

قانا.. تلك القرية التي طالما ارتبط اسمها بـ "يسوع المسيح"  ، وهي الشاهد الاول على معجزاته حين فاضت أجاجين الماء خمراً وفاضت القداسة حباً غيّر تاريخ البشرية.  لكنها بعد 18 نيسان 1996 أصبحت أرض الشهداء، فتحوّل الخمر الى دماء وباتت الشاهد الأقوى على همجية آلة القتل الإسرائيلية.

قانا.. تلك القرية التي طالما ارتبط اسمها بـ "يسوع المسيح"



كانت الساعة الثانية و خمس دقائق من بعد ظهر ذلك اليوم، حين انهمر مزيجا فتاكا من القذائف  على مقر الكتيبة الفيجية التابعة لقوات الأمم المتحدة في لبنان، والذي كان يحتمي فيه أكثر من 800 مدني التجأوا اليه هرباً من عملية "عناقيد الغضب" آنذاك، ظنّا منهم أن هذا المعسكر سيحميهم على اعتبار أن مراكز "اليونفيل" لا تُقصف.


أراد أهالي قانا، جبال البطم، صديقين، رشكنانيه، وحاريص أن يقوا أطفالهم شرّ الإسرائيليين، لكنهم ما عرفوا أن آلة قتلهم لا تفرّق بين طفل ومسن وبين مدني وعسكري أو حتى صاحب قبعة زرقاء، فكانت المظلة الدولية مكان فجيعتهم.

لحظات من القصف، مزقت أجساد الصغار والكبار، فاستشهد حوالي 110 مدنيا معظمهم من الأطفال والنساء، بينهم 18 جثة شهيد لم يُعرف أصحابها إلى الآن، أما الجرحى من الناجين فكانت اصاباتهم فظيعة وأجسادهم مشوهة ومحروقة ومصابة بشظايا. 


بعد 23 سنة، وكما كل عام مجزرة قانا تحضر في ذكراها وكأنها حدثت بالأمس. تقول "زينب البرجي" من بلدة قانا، "المجزرة كانت صعبة جدا علينا، وما زالت وستظل العمر كله، فقد زرعت في قلوبنا الحزن والالم ووجع الفراق".

مجزرة قانا تحضر في ذكراها وكأنها حدثت بالأمس



زينب كانت تناهز الحادية عشرة من عمرها عام 1996، يوم احتمت مع عائلتها في مقر الكتيبة الأممية. قد كتب الله لها عمرا ونجت، الا أنها فقدت والديها و 18 شخصا من عائلتها الذين أبصرت أشلاءهم بأم عينها، فهي حتى اليوم تستحضر المشاهد أمامها وتسمع في أذنيها صراخ الأطفال وعني الجرحى.


تقول زينب " كنت أنا وإخوتي في خيمة ضباط للطوارىء التي كانت تتسع  ل ١٠ أشخاص لكننا كنا فيها ١٠٠ شخص"، وتتابع " هذه الخيمة من بين خيم المقر لم تقصف لكن سقط بجانبها عدد من القذائف، وعندما هدأ القصف خرجنا فوجدنا ساحة من الأشلاء والدماء، أجساد مقطعة الى نصفين بفعل القذائف الإنشطارية، ورأيت أقربائي مجبولين بدمائهم وأشلائهم".

"أخرجونا الى الطريق دون أن أعرف وقتها مصير والديَّ فقد كنا مع زوجة عمي التي تكفلت بتربيتنا حتى الآن، فلم يبق من عائلتنا أحد"، تضيف زينب في حديثها ل "السياسة" .


وعن أهلها تقول بحرقة " لقد علمت باستشهادهما حين رأيت الصور"، وتضيف "هيدا الشهر بالتحديد وجعه صعب وما ممكن يزول ولا بأي شي، ما حدا بينسى أحبابه"، متمنية على الدولة اللبنانية أن تقيم متحفا للصور خاص بشهداء مجزرة قانا، كي يزوره الناس من كل العالم ويشهدوا على همجية ووحشية العدو الاسرائيلي.

كانت تلك المجزرة شاهدة على التاريخ الاسرائيلي الاسود




زينب واحدة من بين العشرات ممن فقدوا أحبابهم أمام اعينهم، ومازالوا يبكونهم حتى اليوم، وهي تؤكد أنها ستحكي لأولادها وأحفادها قصة "جرح قانا"، "ليعلموا ماذا فعل ويفعل العدو الإسرائيلي بنا".

كانت تلك المجزرة شاهدة على التاريخ الاسرائيلي الاسود وعلامة سوداء في تاريخ منظمة الأمم المتحدة، وانما الإضاءة عليها في كل عام، ففي سبيل عدم نسيانها، لتبقى العلامة الدّالة وتكون عبرة للأجيال القادمة بأن أشرس عدو لنا وأخطر كيان على وجودنا هو ذاك المغتصب للأرض والروح. فمجازر الكيان الإسرائيلي بحق شعوبنا شواهد منذ 1948 مرورا بعناقيد الغضب ومجازر قانا والمنصوري  ووصولا الى تموز 2006 على همجية هذا الكيان. 

ولكن.. لو حرّكت أشلاء أطفال قانا الضمائر، لما وصلنا الى هذا الحال، حيث نعيش في أمة تتقاتل تملؤها الدماء من المحيط الى الخليج، وبقيت ذكرى "قانا" مجرد خطاب وصور للعالم، ودمعة أمهات يزرن المقابر ليتذكرن ما حصل مع أطفالهن الشهداء.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa