أرقام مخيفة لإيجارات المباني الحكومية... فأين هي من التقشّف؟

30/04/2019 06:56AM

على نار وبكثير من الخوف، ينتظر اللبنانيون ولادة موازنة 2019، التي من المفترض أن تحمل الخطوات العملية لخفض العجز خلال العام القادم والمرتبط ارتباطا وثيقا بعجز موازنة 2018 والذي بلغ 5.8 مليارات دولار حتى شهر تشرين الثاني 2018.

الى الآن، لا معالم واضحة حول شكل وفحوى تلك الخطوات، سوى سلسلة "الشائعات" التي يخرج بها الإعلام من جهة، ويدحضها المسؤولون من جهة أخرى. تسريبات أثارت الريبة لدى شريحة واسعة من المواطنين لا سيما فيما يتعلق بالمس بالرواتب والأجور أو زيادة الضرائب على اعتبار أن السلطة مضطرة لاتخاذ إجراءات تقشفية غير شعبوية لإنقاذ لبنان من سيناريو الانهيار المحتمل.

كثيرةٌ هي الحلول المطروحة لتخفيض مستوى العجز، وفي مقدمتها حملة مكافحة الفساد التي تشق طريقها بصعوبة كبيرة، الا أن السلطة دائما ما تتجه الى خيارات تثقل كاهل الفقير ولا تمس بأصحاب الاموال والمصارف حيث المنفعة والمحاصصة. علما أن مزاريب الهدر كبيرة وبإمكان المعنيين الاستفادة منها من خلال سدّها دون اللجوء الى ما يمكن أن يزيد حجم الطبقة الفقيرة.

السلطة دائما ما تتجه الى خيارات تثقل كاهل الفقير 


وعلى سبيل المثال لا الحصر، في كل مشاريع الموازنات السابقة بنود تتعلق بخفض كلفة إيجارات مباني الوزارات والإدارات والمؤسسات الرسمية التي تكبّد الدولة أموالا طائلة لا تدخل في ميزان العقل، وتعد هدرا موصوفا بمثابة فضيحة الفضائح، إلإ أنها تبقى حبرا على ورق الموازنات، فلا تخفيضات جرت ولا حلول لإنهاء حالة الإيجار من خلال بناء مبانٍ تعود ملكيتها للدولة حصلت، لا بل كانت تزداد صعودا مع كل عام الى أن وصل إجمالي إنفاق الدولة بدل إيجار المباني الرسمية حتى عام 2017 الى أكثر من 114 مليار ليرة لبنانية بعد ان كان 98 مليار في الـ 2015. علما ان الدولة اللّبنانيّة تملك في بيروت وحدها حوالي 235 عقارًا شاغرًا عدا ما تملكه في سائر المحافظات.

واللافت أكثر في هذا الأمر أن موازنة 2018 لحظت في المادة 15 منها، قانون يقضي بتشييد أبنية بمبلغ يصل إلى 750 مليار ليرة، تكون مخصصة لإدارات الدولة والوزارات وبذلك يتم الاستغناء عن مبدأ الإستئجار. لكن بقيت هذه المادة قيد التجميد وها هي السلطة اليوم تبحث سبل خفض الإنفاق بشتى الوسائل في موازنة 2019 وأمامها تلك المادة التي من شأنها ان تخفف عبءً كبيرا على خزينة الدولة.

 فمكاتب الإدارات العامة تتمركز بشكل أساسي في المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، كالوسط التجاري ورأس بيروت وشارع الحمرا والقنطاري والصنائع وفردان، فضلا عن فاجعة مبنى الإسكوا الذي يعتبر عقاراً مستأجراً بدلاً من اعتباره مكاتب مستأجرة، ويكلّف الدولة وحده 15.8 مليار ليرة لبنانية.

إيجارات مباني الوزاراتتكبّد الدولة أموالا طائلة


أما الحلول فكثيرة، وأولها الانتقال من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة الى الضواحي القريبة من بيروت، حيث أسعار الإيجارات أقل بكثير من العاصمة، ريثما يتم تنفيذ القانون وتُشيّد أبنية تعود ملكيتها للدولة.

وحتى الامس لم يتطرق أحد الى هذا البند الذي يمكن اعتباره من اهم البنود الإنقاذية اذا ما تم تطبيق الإصلاحات بشأنه بجدية، الى أن خرج وزير الثقافة الدكتور محمد داوود بخطوة سبّاقة لم يقدم عليها وزير من قبل، معلنا عن البدء باتخاذ سلسلة من الاجراءات الادارية واللوجستية والقانونية والفورية الكفيلة بحفظ المال العام من جهة وتأمين استمرارية عمل وزارة الثقافة، وذلك بعدما اطلع على عقد الإيجار المبرم بين وزارة الثقافة واصحاب المبنى الذي تشغل وزارة الثقافة منه (8) شقق بمساحة لا تتجاوز /2918/ م.م بما فيها المواقف، لقاء مبلغ وقدره /731.104.435/ ل.ل سنويا بما فيها الضريبة على القيمة المضافة، معتبرا أن هذا المبلغ "لا يمكن ان يقبله عاقل ولا يجيزه منطق ولا قانون"، فقرر دراسة ومناقشة سلسلة من الخيارات ومن بينها عدم تجديد العقد والانتقال الى مكان آخر يتلاءم مع طبيعة عمل الوزارة وينسجم قبل  مع الوضعين المالي والاقتصادي الذي يمر بهما لبنان.

هذه الخطوة التي أعادت الى الأذهان هذا الملف الفضيحة، يجب أن تكون جهاز إنذار لباقي الوزراء ليسيروا على نفس موجة داوود، فيساهموا بشكل أو بآخر في إقفال إحدى أكبر مزاريب الهدر في نفقات الدولة اللبنانية دون انتظار موازنة هنا وقانون هناك، والابتعاد قليلا عن المحاصصة السياسية ولو ان معظم تلك الأبنية المستأجرة منذ عهود تعود ملكيتها الى مرجعيات سياسية وطائفية.

وفيما يلي... تفصيلٌ بالأرقام لقيمة بدلات إيجار المباني الحكومية كما جاءت في موازنة 2018:




المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa