أكثر من 4 مليار $ سنويا... المتموّلون "فوق راسن خيمة"

01/05/2019 07:17AM

في ظلّ المشاكل التي تضرب لبنان في كافّة مجالاته، ينفع التطرق إلى آفة تعصف بالسياسة الاقتصادية اللبنانية منذ نهاية الحرب الأهلية ، وهي اعفاء الأثرياء من الضرائب وزيادتها على الفقراء ممّا أدّى إلى اتساع الهوة بين الطرفين، فازداد الفريق الأول ثراءً، والثاني فقراً.

يعيش اللبناني اليوم في هاجس وخوف دائمين من سياسة تقشفية، غير شعبية، قد تعتمدها الحكومة اللبنانية لِلَجْم ارتفاع عجز الموازنة، استجابة لشروط مؤتمر "سيدر"، وقد تطال رواتب اللبنانيين التي معظمها لا يتعدّى الحدّ الأدنى للأجور بكثير. وفي هذا الجوّ المشحون بالقلق، تطرّق المرشّح السابق لمقعد وزاري في الحكومة الحالية، جواد عدرا إلى خطوة قد تخفّف من الثقل الذي يحمله الشعب اللبناني في حال تمّ تطبيقها، فذكر مقولة لثالث أغنياء العالم وارن بافت جاء فيها: "لقد دفعت نسبة ضريبة من دخلي أقل من تلك التي دفعها موظفون في مكتبي من دخلهم. كفى مراعاة لنا نحن الأغنياء ولندفع ضريبة أعلى، ما رأينا نحن أغنياء أو أثرياء لبنان في هذا القول؟ ".

في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي غازي وزني أنّ "ضريبة الدخل موجودة من 4% لـ 21% ومن المقترح في الموازنة المقبلة رفعها لـ 25% ، والضريبة التصاعدية المرتبطة بنسبة ودائع المودعين، موجودة أيضًا، ولكن ما يجري اليوم هو تهرّب واضح من ضريبة الدخل، وضريبة أرباح الشركات، ففي السنة الماضية شهدنا على تهرّب ضريبي كبير جدًّا للشركات".

ويضيف في حديثه لـ"السياسة": "أما فيما يتعلّق بضريبة الدخل المرتبطة برواتب وأجور الأشخاص فهؤلاء أيضًا يتهرّبون من التصريح الحقيقي والدقيق عن مداخيلهم الفعلية".

ويتابع: "انطلاقًا من هاتين النقطتين، جاء تصريح جواد عدرا الذي يصرّح عن أمواله ويسدّد الضرائب المفترض تسديدها، إنّما غيره يتهرّب من هكذا تصريح لأنّ التهرّب الضريبي منتشر بشكل كبير وفاضح ويُفترض التركيز على هذه المشكلة الكبيرة لانه وفق التقديرات يبلغ هذا التهرب نحو 4.2 مليارات دولار سنوياً أي ما يوازي 8% من الناتج المحلي الإجمالي، ويكاد يوازي العجز السنوي العام للمالية العامة".

في الموضوع نفسه، يلفت مرجع قانوني، إلى أنّ نظام الضريبة في لبنان يحتاج لتعديل، "فآخر تعديل جرى عام 1959 وحتّى اليوم لايزال العمل بالقانون نفسه مستمرا رغم تغيّر الظروف الاقتصادية والطبقات الاجتماعية".

الضريبة التصاعدية تعني فرض ضريبة على كلّ فرد في المجتمع حسب مدخوله

وفي موضوع الضريبة التصاعدية، يشير المرجع في حديثه لـ "السياسة" إلى أنّ "الضريبة التصاعدية تعني فرض ضريبة على كلّ فرد في المجتمع حسب مدخوله، وهي من أكثر الأنظمة الضريبية التي تؤمّن العدالة الاجتماعية لأنّها تخلق نوعًا من التوازن بين الطبقات الاجتماعية"، لافتًا إلى ضرورة تفعيل الضريبة التصاعدية من خلال تعديل الشطور التي على أساسها تُحّدد قيمة الضريبة على المكلّفين.

ويعيد المرجع القانوني عدم تفعيل الضريبة التصاعدية في لبنان رغم ذكرها في قانون ضريبة الدخل إلى الحياة التشريعية في لبنان التي هي شبه معطّلة منذ الحرب الأهلية "فهناك الكثير من القوانين غير المطبّقة فمشكلتنا تكمن في التطبيق وليس في القوانين".

ويتابع: "إدارة موازنة الدولة التي تعتمد على الجباية يعيقها خلل كبير، يكمن في عدم تفعيل معظم التشريعات التي لها علاقة بالضريبة، وفي كلّ مرّة يواجه البلد مشكلة اقتصادية ويتمّ البحث لايجاد حلول لها، يميل المشرّعون دائما إلى طرح حلول تمسّ بقيمة الضريبة مباشرة بعيدَا عن إعادة تنظيم شامل وكامل لنظام الضريبة في لبنان الذي يحتاج لتعديل مستمّر ينسجم مع التغيرات الاقتصادية وتبدلات طبقات المجتمع التي تطرأ".

بعد أن دق صندوق النقد الدولي ناقوس الخطر حيال قدرة لبنان على الصمود في السنوات المقبلة مع استفحال نسب المديونية والعجز العام، وإلى جانب الشروط المفروض تطبيقها للتمكّن من الاستفادة من أموال "سيدر" التي تشترط على لبنان خفض عجزه المالي، بات يأخذ موضوع الإصلاح المالي حيّزاً مهماً في لبنان اليوم. ويأتي التهرّب الضريبي من بين السبل الأهّم لخفض هذا العجز، إنّما السلطة في لبنان مرتبطة بشكل كبير بـ "حيتان المال" ممّا يردعها عن المسّ بإيراداتهم، لأنّ ذلك يمسّ بمصالح هؤلاء المتموّلين وبالتالي بمصالح رجالات السلطة، ودائمًا تجد لهم مبرّرات للتهرّب الضريبي وحمايتهم والاستفادة قدر الامكان من أموالهم، وأكبر دليل على ذلك هو تبني الاحزاب لكبار المتمولين في  الانتخابات النيابية الاخيرة. 

فهل سنشهد يومًا على خطّة ضريبية تطال الجيوب "المليانة" وتترك جيوب الفقراء بحالها؟


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa