شماس يحذر من اتخاذ تدابير مالية مرتجلة

02/05/2019 04:14PM

ألقى رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الضوء على نقاط في مشروع موازنة العام 2019 "كفيلة بزعزعة القطاعات الإنتاجية، ولا سيما التجارية منها، والتسبّب بنتائج تعاكس تلك المبتغاة".

وأصدر شماس باسم الجمعية، البيان الآتي: "لمناسبة بداية مناقشة موازنة العام 2019، طالعتنا وسائل الإعلام ببعض المقترحات المالية التى تم طرحها في جلسة مجلس الوزراء يوم 30 نيسان المنصرم. وإذ تعتبر الجمعية أن ثمّة أفكاراً قيّمة تمّ التداول بها ويمكن البناء عليها، تودّ في الوقت عينه الإضاءة على عدد من النقاط الكفيلة بزعزعة القطاعات الإنتاجية، ولا سيما التجارية منها، والتسبّب بنتائج تعاكس تلك المبتغاة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر نبيّن الآتي:

- إن جلّ المقترحات المتداولة كان في جوهره مالياً وردعياً، وهذا أمر ضروري بالتأكيد، إنما الأكثر إلحاحاً هو بطبيعته إقتصادياً وتحفيزياً، وذلك من أجل تفعيل محرّكات النمو الإقتصادي المفقود، والذي لم تتجاوز نسبته الـ 1 في المئة باعتراف وزير المالية. أما على الصعيد التجاري، فقد تراجع مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسبنك لتجارة التجزئة بنسبة 40 في المئة منذ نهاية العام 2011.

- بالعكس تماماً، تمّ إقتراح تطبيق رسم موقـّـت بنسبة 3 في المئة على مجمل المستوردات (ما عدا بعض الإستثناءات) تحت شعار حماية الإنتاج الوطني. إن السبيل لتخفيض العجز التجاري هو من خلال تحفيز الصناعات على التصدير وإزالة كل العوائق التى تقف أمامها، في حين أن الحمائية الجمركية تؤدّي في كافة أنحاء العالم الى تكبيل إنسيابية التبادل التجاري، والى إضعاف الإقتصاد الوطني، وتفاقم العجز التجاري، كما في الولايات المتحدة مثلاً حيث إرتفع العجز بنسبة 12 في المئة في العام المنصرم، بالرغم من تعريفات جمركية إستثنائية.

- إن الرسم المقطوع المقترح لا يميّز بين سلعة وأخرى (استراتيجية، مصنوعة في لبنان، إلخ...)، فضلاً عن أنه يقوّض الرأسمال التشغيلي للتجار.

وسينعكس هذا الرسم، بحكم آلية التضاعف  (Multiplier Effect)، بارتفاع كبير ومؤذٍ للأسعار الاستهلاكية، قد يفوق الـ 10 في المئة قبل الضريبة على القيمة المضافة، وهذا قد يشكّل معاناة إضافية للمستهلك ذات القدرة الشرائية المتهاوية أصلاً، وللتاجر ذات المبيعات المتدهورة.

والمفارقة أن جمعية تجار بيروت ومصرف BLOM أطلقا مؤخراً حملة وطنية لاستنهاض الاقتصاد اللبناني تحت عنوان "فكـّـر بلبنان" من أجل إعادة تثبيت لبنان كمركز إقليمي للتسوّق، بتضحية كبيرة من قـِـبل القطاع التجاري من أجل تخفيض الأسعار والهوامش التجارية.

وخلافاً للضريبة على القيمة المضافة، إن الرسم الجمركي المقترح غير قابل للإسترداد من قـِـبل السياح الذين سيتفادون مجدّداً القدوم الى لبنان للتسوّق.

- من النافل التذكير أنه، ومرّة جديدة، ستـُـفتح الأبواب أمام كافة أنواع التهريب واسعة، وذلك على حساب التاجر والصناعي والخزينة اللبنانية. والمؤسف أن الإشارة الى التهريب أتت خجولة، كالدعوة الى "درس أوضاع المعابر"، في الوقت الذى إحداثيات المعابر غير الشرعية موثـّـقة بدقـّـة، فضلاً عن الأسماء الثلاثية لكبار المهرّبين.

- الأدهى أن مكافحة التهرّب الضريبي المنشودة قد تطال، وبقوّة القانون هذه المرّة، المؤسسات النظامية التى تعمل تحت سقف القانون، بينما يتفلـّـت كبار المهرّبين والمتهرّبين من أي عقاب أو مساءلة. فإن قانون تعديل قانون التجارة رقم 2019/126 يحوّل التهرّب الضريبي، دون التعريف عنه، الى جرم جزائي يـُـعاقب عليه بسنوات عديدة من السجن.

وإن نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان، وجمعية تجار بيروت، اللتين واكبتا مع آخرين أعمال اللجنة الفرعية لصياغة القانون المعدّل، فوجئتا بالمادة 253 مكرّر 2 التى تلحظ عقوبة الحبس للمعنيين (من مدراء ومفوّضي مراقبة) "الذين يـُـقدمون قصداً، بهدف إخفاء الوضع الحقيقي للشركة، على تنظيم ونشر بيانات مالية غير صادقة". وقد أبلغت النقابة والجمعية المسؤولين عن إعتراضهم على ذلك، من دون أي تجاوب أو جدوى. ففي غياب مراسيم تطبيقية تـُـعرّف بدقة عن التهرّب الضريبي (Evasion Fiscale)، مع مراعاة الإصلاح الضريبي الدولي الحاصل حالياً، وتميـّـز بينه وبين عملية تحديد التكليف الأمثل (Optimisation Fiscale)  من جهة، والغش الضريبي (Fraude Fiscale) من جهة أخرى، سيدخل عالم الأعمال برمـّـته الى بحر من الإستنسابية يغرق فيه المكلـّـف والمراقب والقاضي.

وفيما يسرح المكتوم والمهرّب والمتهرّب، بدون حسيب أو رقيب، قد يعلق في شباك هكذا قانون رجل الأعمال النظامي والذى يصرّح حسب الأصول، بسبب هفوة عابرة وغير مقصودة، أو بسبب إجراء تجاري صرف، كالبيع تحت رأس المال مثلاً، والذى تعتبره الإدارة المختصة تهرّباً ضريبياً، بينما يراه هو خطوة إنقاذية لتسييل المخزون ومكافحة الكساد.

فمن الجائر والظالم أن يـُـصاب هذا المكلـّـف بصاعقة من العقوبات المعنوية والمادية، بالإضافة الى دفع فرق الضريبة والغرامات، فقط بسبب غموض القانون والتباسه. والأنكى من كل ذلك ما نصـّـت عليه المادة 253 مكرّر 3 أن مهلة مرور الزمن الثلاثي تسري "من تاريخ وقوع (الجرائم) إذا كانت ظاهرة ومن تاريخ إكتشافها إذا كانت قد أُخفيت" ..... على هذا الأساس، قد ينجو القاتل من جريمته وقد لا ينفذ رجل الأعمال حسن النية بفعلته ...

- بالمنطق نفسه ينبغي إعادة النظر في قانون الإجراءات الضريبية، أقلـّـه لجهة تراكم الغرامات على المخالفة الواحدة بدون سقوف، فيما قد يوصلها الى نسبة 300 في المئة أو 400 في المئة من الضريبة، بدل أن يـُـؤخذ حسب المنطق والتشريعات السابقة وتلك المتـّـبعة دولياً، فضلاً عن أحكام مجلس شورى الدولة المتكرّرة، بإعتماد غرامة واحدة هي الأعلى وعدم تراكم الغرامات.

عليه، لا مجال للكلام عن إلغاء الإعفاءات الضريبية قبل هكذا تصحيح، لما فيه من ظلم على المكلـّـفين.

وفي مطلق الأحوال، إن الإعفاءات عن الغرامات المترتـّـبة على المكلـّـفين النظاميين قانوناً منذ التسعينات، ولا سيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مبرّرة بسبب المطبـّـات المستمرة والخطيرة التى يمرّ بها الإقتصاد الوطني".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa