19 عاماً من عمر الجنوب.. "حكاية قهر فصمود فانتصار"

25/05/2019 08:22AM

بعد 19 عاماً، لا يزال وهج النصر يصدح في ذاكرة ووجوه كل اللبنانيين عموماً والجنوبيين خصوصاً. فـ 25 أيار من العام 2000 لم يكن يوما كغيره في الرزنامة السنوية، بل كان محطة تحول جذري في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي.

كان الوعد المنتظر بأن تشهد عيون الجنوبيين على اندحار آخر جندي للعدو الإسرائيلي


 كان يوماً بكت فيه العيون ضاحكة، وأرجل الجنوبيين تسبقهم الى ملامسة تراب قراهم التي هُجّروا منها لسنين طوال، فمن رأى النساء الجنوبيات وسمع زغاريدهم في ذلك النهار، يعرف جيدا أن شعور الحرية لا يمكن وصفه. آلاف اللبنانيين خرجوا بأعداد كبيرة إلى الشوارع، عادوا ليتفقدوا قراهم وأراضيهم وبيوتهم، وحتى أقاربهم الذين بقوا تحت رحمة الإحتلال، فهذا اليوم المجيد كان الوعد المنتظر بأن تشهد عيون الجنوبيين على اندحار آخر جندي للعدو الإسرائيلي من معظم الأراضي اللبنانية التي احتلها منذ العام 1978، وبأن يطلق سراح كل معتقل في غرف الظلام التي مارس فيها ذلك الكيان وحشيته.


هذا التحرير الذي بدأ بانسحاب القوات الإسرائيلية والميلشيات العميلة التابعة لها (جيش لحد) في 21  أيار من العام 2000 واكتمل في ليل 24  أيار، بعد زحف الجنوبيين تدريجيا الى قراهم التي كانت محتلة، جاء بعد أعوام من النضال والمقاومة والعذاب، بعد ثلة لا تحصى من الشهداء المقاومين، وعددٍ لا يمكن جمعه من الأسرى، بدأت مع الحرس الشعبي وقوات الأنصار وعمليات جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول) وأفواج المقاومة اللبنانية (أمل) وصولا الى المقاومة الإسلامية (حزب الله). وبعد صبر سنين على القهر والظلم والإستبداد، والصمود ومقاومة المحتل ولو بأضعف الإيمان، فنفّذ اللبنانيون ما أوصاهم به الإمام المغيب السيد موسى الصدر "قاتلوهم بأسنانكم وأظافركم وسلاحكم مهما كان وضيعاً".


مشاهد عديدة حفرها هذا التاريخ بالذاكرة، فمن منا لا يذكر حين قامت نساء بلدة "معركة" بمواجهة جنود الإحتلال بالزيت المغلي، ومن منا لا يذكر الشهداء ومن قاتلوا ونفذوا العمليات البطولية ضد العدو، فسطروا ملاحم كتبت بالدم ليذكرها التاريخ الى أبد الآبدين. جميع تلك التضحيات وإنجازات المقاومين، أثمرت نصرا ولو بعد حين في وجه أقوى جيوش العالم، فعادت الأرض وتحرر الإنسان واستُعيدت الكرامة.

معتقل الخيام: كان الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود












الّا أن وقع كلمة " الخيام" كان لها الأثر الأكبر في كل هذا المشهد الذي جاء عكس ما كان يشتهيه الاحتلال. فالخيام تلك البلدة التي ارتبط اسمها بالمعتقل الأقسى على قلوب اللبنانيين، والذي شغل بال العالم لأكثر من عقدين، منذ العام 1984 وحتى العام 2000، كان الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود، دخل ذاكرة اللبنانيين ليصبح شاهدا حيا على عذابات أكثر من 9 آلاف أسير لبناني تعاقبوا على هذا المعتقل، إثباتا على بربرية وإرهاب ووحشية العدو الإسرائيلي.


في يوم التحرير، خمس دقائق كانت بحجم عمر قضاه الأسرى خلف القضبان، خمس دقا ئق من التكبير بعد اقتحام الأهالي للمعتقل لتحرير أولادهم وذويهم، امتزج فيها الصراخ بالبكاء والعناق، لحظات لا يمكن محوها من ذاكرة من عايشها ولا حتى من شاهدها على شاشات التلفزة، والى اليوم فان أكثر اللحظات التي يستذكرها اللبنانيون في ذكرى المقاومة والتحرير هي تلك الدقائق التي تحرر فيها الأبطال الأسرى وعادوا الى أحضان أهلهم.


هذا المعتقل الذي أصبح رمزاً للوطنيين الأحرار الذين تعذبوا وعانوا الويلات الجسدية والنفسية، وبعدما أصبح معلماً أثرياً لكل العالم، للأسف قام العدو بتدميره خلال حرب تموز 2006، لكي يخفي آثار الإرهاب والإجرام التي كان يُمارسها بحق المقاومين·


اليوم، 25 أيار 2019، يصبح عمر الجنوب تسعة عشر عاما من الحرية، ويزيد في سجل لبنان عاما إضافيا من النصر والقوة المستمدة من بطولات هذا الشعب العنيد، وتضحياته بالدماء كي لا يبقى شبر من بلاد الأرز تحت رحمة أي محتل.. فكل عام ونحن منتصرون على كل مغتصب للأرض والإنسانية، وكل عام ونحن أقرب الى الإنتصار على سلطةٍ سلبتنا بديهيات حقوقنا.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa