الموازنة تواجه أزمة "قطع الحساب"... وهذه أبرز المواقف إزاء ما تشهده المناقشات

17/07/2019 06:33AM

على وقع المداخلات النيابية وصخبها تواصلت الاتصالات في مختلف الاتجاهات وعلى مستويات رفيعة لمعالجة أزمة قطع الحساب، التي تمنع دستورياً إقرار الموازنة الذي تفرض الضرورة ان يتم قبل نهاية الشهر الجاري لأسباب كثيرة، لعلّ أبرزها، انّ مالية الدولة تتعرّض لمزيد من الضعف والاستنزاف، لأنّ كثيرين من المكلّفين يستأخرون دفع ما عليهم من ضرائب الى حين إقرار الموازنة الجديدة للاستفادة من الخفض الضريبي الذي تلحظه في بعض بنودها.

ورجّحت الأوساط النيابية والحكومية، الانتهاء من النقاش وإقرار الموازنة غدا الخميس، اذا تقلّص عدد المداخلات النيابية البالغ ستين مداخلة، والا تنتهي بعد غد الجمعة. وقالت هذه الاوساط لـ«الجمهورية»: «انّ الحكومة، واياً كانت الصيغة التي ستؤول اليها الموازنة لن تكون في أفضل حال، خصوصاً أن ما ينتظرها من مسؤوليات كبير جداً، لأنّ البلاد تقف على شوار انهيار اقتصادي ومالي يستدعي معالجات سريعة».

وقد توصلت الإتصالات الى تأمين حل للتصويت على الموازنة من دون قطع الحساب للعام 2017 باقتراح رئاسي نقله احد الوزراء الى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، قضى بأن يضيف رئيس الحكومة مادة الى مشروع قانون الموازنة امام مجلس النواب تنصّ «على تمديد المهلة المعطاة للحكومة لتقديم قطوعات الحسابات الماليّة الكاملة والتي كانت عاماً، 6 أشهر إضافيّة، بحيث يصبح في الامكان نشر الموازنة بعد إقرار القانون».

وقالت الأوساط النيابية، انّ بري اجرى سلسلة من الإتصالات ابّان الفترة الفاصلة بين الجلسة الصباحية وبعد الظهر، انتهت الى الموافقة على هذه الصيغة.

في المواقف إزاء ما تشهده مناقشة الموازنة من مداخلات لا تخلو احياناً من الحدة، لاحظ عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر «أنّ 90 في المئة من المداخلات النيابية أمس هاجمت الوضع الخطأ السائد من باب مشروع الموازنة وكالت للحكومة انتقادات جعلتها في وضع صعب، وقال لـ«الجمهورية»: «على رغم من كل المآخذ فإنّ البلاد تحتاج الى موازنة يجب أن تُقرّ قبل نهاية الشهر الجاري، لكي يبدأ تطبيق المداخيل الجديدة التي تقضي بها وكذلك التخفيضات في المصاريف والنفقات». وأضاف: «انّ معظم المكلّفين بكل انواعهم وأحجامهم لا يدفعون ضرائب منذ البدء بمناقشة الموازنة، في انتظار ان يستفيدوا من التخفيضات التي تلحظها هذه الموازنة، فضلاً عن كل الجهات والمؤسسات الدولية المالية وغير المالية ينتظرون من لبنان أن يقرّ موازنته ليبنوا على الشيء مقتضاه مع تعاطيهم المالي معه».

وأكّد جابر انّ الحكومة ليست في وضع مريح «فهي كمن أطلق النار على رجله». واشار الى «أنّ احداث الجبل طيّرت الصيفية واحدثت مشكلات لم تنته فصولاً بعد».

ولفت الى ان مشكلة قطع الحساب قد توافر حل لها بإضافة الحكومة مادة الى قانون الموازنة تقضي بإعطائها مهلة 6 اشهر لإنجاز قطوعات الحساب المتراكمة منذ العام 1997 وحتى العام 2017، وقال: «لقد اقترحنا على الحكومة ان يُضاف الى هذه المادة نص يجيز لديوان المحاسبة الإستعانة بمدققي حسابات لتمكينه من انجاز درس هذا الكم من قطوعات الحساب ضمن مهلة الستة أشهر المقترحة لهذه الغاية».

ولم يشأ احد وزراء «حزب الله» محمد فنيش التعليق على الاقتراح القاضي بالتمديد 6 اشهر للحكومة لكي تنجز قطوعات الحساب، مؤكّداً «اننا لم ندرس هذا الاقتراح بعد».

وقال فنيش لـ«الجمهورية»: «طبيعي ما رأيناه اليوم، وما سنراه في اليومين المقبلين هو دور المجلس النيابي. ومن حق النواب ان يمارسوا دورهم التشريعي كونه الأبرز عندما يكون الأمر مناقشة الموازنة. إذ من خلال هذه المناقشة يستطيع المجلس الاطلالة على توجهات الحكومة، وبالتالي على الوضع المالي الاقتصادي، بحيث يبدي النواب آراءهم إزاء الموازنة ومؤشراتها وحول الوضع القائم واسبابه، ويشيرون الى مكامن الخلل. وهذا الامر يستدعي التعامل معه بإيجابية، بحيث يمكن استخلاص مقترحات موضوعية، وتشخيص مكامن الخلل الموجودة والاستفادة منها، خصوصاً اننا نقف على ابواب موازنة 2020.

وفي النهاية ان ما يحصل هو تطبيق للنظام والدستور والديموقراطية التي تقوم من جهة على الفصل بين السلطات ومن جهة اخرى على التعاون بين هذه السلطات، وعلينا ان لا نعتبر انّ من يقف في خندق الاعتراض جهة والمجلس النيابي جهة والحكومة جهة اخرى، فكل في موقعه مسؤول ومعني بالعمل لمواجهة الواقع المتردي. وقد دلّت المناقشات والمداخلات الى صعوبة الوضع المالي، واذا توافرت الارادة والتخطيط الصحيح والتزم الجميع روحية التعاون تصبح لدينا القدرة على انقاذ البلد وتصحيح المسار ووضع سياسات لبناء اقتصادي سليم ومعالجة العجز القائم ومشكلة المديونية العامة وتحقيق النمو الحقيقي الذي يعكس نمواً في القطاعات الانتاجية وتأمين فرص العمل للبنانيين».

بدورها، قالت الوزيرة مي شدياق لـ«الجمهورية»: «إنّ الموازنة تشهد نقاشاً طويلاً، اذ ليس هناك من فريق يوافق على كل بنودها، والجميع يسجلون اعتراضاتهم ازاءها». واضافت: «لقد قدّمت «القوات اللبنانية» طروحاتها ولم يتم الأخذ بها، وكنا نأمل من لجنة المال والموازنة أن تأخذ بها، ولكن بما أنها لم تأخذ بها فقد قرّرنا عدم التصويت».

ولفتت شدياق الى انّ الجلسة المسائية «كانت متوترة اكثر من اللزوم»، وقالت: «القوات اللبنانية لا تصوّب على الوضع الاقتصادي والمالي ولا تتمنى ان يتأثر هذا الوضع سلباً. لقد كان هناك تعجّب أن يكون الرد فقط على رئيس كتلة «القوات» في وقت سمعنا منذ الصباح مداخلات لعدد من النواب تضمنت انتقادات كثيرة». وختمت: «كان أملنا كبيراً في ان تؤخذ طروحات «القوات» البنيوية على محمل الجد لخفض العجز لأننا نرفض الترقيعات الصغيرة».

واستغرب النائب الكتائبي الياس حنكش ما سمّاه «المسرحية التي حصلت امس في مجلس النواب حول مشروع الموازنة، وكان ابطالها هم أنفسهم كاتبوه حيث رجموه ولكنهم في النهاية سيصوّتون عليه». 

وقال حنكش لـ«الجمهورية»: «نحن مرتاحون في موقعنا لأننا نعرف ما نريد ونعرف كيف سندلّ الى التجاوزات، فعلى المؤتمنين على القوانين والدستور أن يحترموا المهل، واذا لم يحترموا القوانين والدستور، فلا يحق لهم ان يطلبوا من الناس ان يدفعوا الضرائب والرسوم المفروضة عليهم واذا لم يكن المسؤول هو المثل الاعلى، يذهبون الى ارتكاب التجاوزات، خلصنا بقا. كيف لنا ان نصدقهم في انهم سيقرون قطع الحساب بعد ستة اشهر بعدما كانوا وعدونا بإقراره مع الموازنة الآن؟ كفى انفصاماً في الشخصية».



المصدر : الجمهورية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa