"عسكر لبنان" يحاربون على كلّ الجبهات..بمفردهم!

بين من تربى على أغنية "تسلم يا عسكر لبنان" وبين من يناقش اليوم تخفيض رواتب وطبابة وتقديمات السلك العسكري..فرق شاسع.

فمن تربى على الأغنية المذكورة أعلاه لن يقبل بأي شكل من الأشكال أن يُمسّ بهذا السلك الذي ضحى بحياته وأمانه واستقراره في سبيل الوطن.

منذ أيام انطلقت جلسات مناقشة الموازنة، وبموازاة هذه الجلسات انطلقت اعتصامات العسكريين المتقاعدين لتملأ شوارع العاصمة، بيروت، مطالبين بالحفاظ على حقوقهم لا أكثر من ذلك. فالموازنة التي تُناقش في مجلس النواب تنسف حقهم في الحفاظ على حياة سليمة وكريمة، خاصة وأن النقاش يدور حول فرض ضريبة 3% على رواتب المتقاعدين، بالإضافة إلى فرض ضريبة دخل على التعويضات الإضافية، ومنها مثلاً بدل ألبسة وتجهيزات، التي من المفترض بها أن تكون في أصل الراتب، إلا أنّه منذ تسعينيات القرن الماضي، اتُّفق على أن تدفع من خارج الراتب، حتى لا تشملها تعويضات نهاية الخدمة.

والمادة 76 من مشروع قانون الموازنة كانت نقطة أساسية لبداية الاعتصام، فهي تمنع الإحالة إلى التقاعد في السنوات الثلاث المقبلة، إلا لمن بلغ السن القانونية للتقاعد، ناهيك عن رفع نسبة بدل الطبابة التي يدفعها العسكريون من 6% إلى 9%، أسوة ببقية الموظفين في الإدارة العامة.

ما ذكر في الأعلى هو الشعلة التي أضرمت النار في الأمس بالأطراف الاصطناعية لعسكري متقاعد، فقدها في الدفاع عن وطنه، ليخسر ما تبقى من كرامته في موازنة "تنسف" حقوقه.

وفي هذا السياق يعتبر المؤهل أول عماد عواضة أن "العسكريين في أي موضوع يريدون التحدث عنه سيضعون النقاط على الحروف فهم لا يستهدفون أحدا بل يريدون التقارب بين الجميع لكن بالحفاظ على حقوقهم بشكل كامل".

وأضاف في حديث لـ "السياسة" أن ما يهمّ اليوم هو الذي سيتم التصديق عليه في الموازنة وليست الأيام التي تناقش فيها هذه الموازنة" معتبراً انه "على جميع العسكريين المتقاعدين أن يتذكروا أن من ينزل إلى الشارع يجب أن يكون مؤمن بالقضية وليس من أجل "المظاهر" و"السيلفي" فقط".

واعتبر عواضة أن "السلطة اليوم هي سلطة "ميليشياوية" كانت تقتل بعضها البعض في الأمس واليوم تتحاور وتريد أن تحرك المجتمع كاملاً كما تشاء، لكن السلك العسكري معركته واضحة ومفهومة بالتنسيق الداخلي وبالتشاور" .

وفي ما يتعلق بالخطوات المقبلة التي ستلي اقرار الموازنة، أشار عواضة في حديث لـ "السياسة" إلى أن "هذا هو المهم، فالمطلوب في يوم التصويت على الموازنة "الهجوم الكامل"، وإن قرروا ضرب حقوق المتقاعدين على أساس ما قدمته الحكومة لا على أساس التعديلات التي قامت بها لجنة المال فهذا يعني أن الحراك والتصعيد يجب أن يستمرا لنستعيد كافة حقوقنا المحقّة، فإما التصعيد وإما الموافقة على الحل التي وصلت إليه لجنة المال والموازنة خلال مناقشاتها".

وأكد عواضة في حديثه لـ "السياسة" أن "حراك العسكريين المتقاعدين موافق "على مضض" على صيغة لجنة المال التي تحدثت عن تخفيض ضريبة الطبابة 1.5 % وضريبة الدخل، والرفض هو لأن العسكريين دفعوا الضرائب طيلة حياتهم وهذا التسيير غير قانوني، فبحال كنا نوافق على هذه الصيغة "على مضض" كيف سيكون الوضع إن أُقرت من دون تعديلات لجنة المال؟".

ربما توقفت أعمال البعض بسبب الحراك، وقد يمتعض آخرون من الوقوف لساعات طويلة في الطرقات بسبب الازدحام الخانق الناتج عن قطع الطريق، لكن، ما شهدته أعيننا في الأمس من 

ألم وحزن و"عتب" من العسكريين على وطنهم الذين ضحوا من أجله..من المؤكد أنه سيدفع بنا إلى رفع الصوت في سياراتنا العالقة في الازدحام... "تسلم يا عسكر لبنان يا حامي استقلالنا..."

المصدر : السياسة