واشنطن وطهران "يشعلان" الاقليم... فمن ينتصر؟

18/07/2019 07:58AM

بين شظايا "شيطانية" واخرى "الاهية" تفترق اراء المفكرين بشأن ماهية "الثورة الايرانية"، لها تراث مختلط، اذا عدنا قليلا للتاريخ لألتمسنا دورا  مهما للأديولوجية الاشتراكية والليبرالية والقومية في صناعة الثورة "الخمينية"، رغم انها رست نهاية على العقيدة "الاسلاموية" حكما ونهجا في الداخل والاقليم، لكنها قضت جزءيا على النفوذ السياسي والفكري الاميركي في ايران.

 "ارهاصات" المواجهة كبدتها الكثير منذ عام 1977، النظرة الغربية لم ولا يبدو انها ستتغير، النظام الايراني يهدد العالم والاقليم، من يستعين بذاكرة الايرانيين خلال حقبة الرئيس الاميركي جيمي كارتر، يراهم "مزهوين" اثر تراجعه عن التدخل العسكري المباشر، حينها امر حاملة الطائرات الاميركية يو اس  اس كونستوليشن بالتوجه الى المحيط الهادئ لدعم دولة "البهلوي" ثم عاد وتراجع في نفس اللحظة، الأن وفي ذروة التوتر الحالي بين واشنطن وطهران، الاحداث تعيد نفسها ولو بوقائع مغايرة، من قال ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب لن يصل الى صدام مدمر مع طهران؟

"لا شرقية لا غربية جمهورية اسلامية"، شعار الايرانيين المفقود حتى اللحظة، يبحثون عن هوية راسخة في مرحلة هي الاصعب بتاريخ المنطقة، الاعتقاد الاكثر تداولا يميل الى ترجيح مواجهة مزيد من ضغوط تعد الاشد منذ اربعين عاما، طموحات تحقيق "الثورة" مزيدا من مكاسب سياسية واقتصادية تتبخر منذ "تمزيق" ترامب للاتفاق النووي الذي وقعه باراك اوباما عام 2016، وفي حين يحمل كثيرون اوباما مسؤولية تسهيل "المد الفارسي" في المنطقة ، يميل اخرون الى الجزم بأن اوباما  كبح الاندفاعة الايرانية المتسارعة نحو الوصول الى قنبلة ذرية تهدد "اسرائيل" قبل الولايات المتحدة بالتأكيد، اما عن دوافع تخلي ترامب عن الاتفاق النووي كثيرة، تتصل بتطورات "جيوسياسية" لم تكن على قدر التوقعات الاميركية في كثير من "حلبات" الصراع، تحديدا في اليمن حيث "الانفلاش" الحوثي الموالي لطهران، ومد "الحشد الشعبي" في العراق، وقوة حزب الله في سوريا حيث وصلت "اقدامه" لتطأ الجولان ، هنا ترسم الادراة الاميركية خطة مدمجة بين الحوار والحرب، هي تخشى من اعادة الاخطاء نفسا!

"الاذرع" الايرانية في المنطقة "متعسكرة"، على استعداد لأي حرب مباشرة بين طهران وواشنطن، وكأن الخليج العربي تخطى مضيق هرمز ليصل الى كل "بؤرة" نفوذ ايراني او اميركي على حد سواء، تدرك واشنطن ان هذا من  "خطايا" الاتفاق النووي، لم تكن الحسابات السياسية على قدر حجم ونتائج المواجهات العسكرية، ما حققه "الحرس الثوري" وحلفاءه في المنطقة كان الاشد وطأة على ميزان الحسابات السياسية الاميركية، وبالتوازي مع انكفاء حلفاء واشنطن الاقليميين، نجحت طهران في ربط ما يسمى "محور الممانعة" من طهران الى بغداد ودمشق وصنعاء وصولا الى بيروت، من يراقب تصريحات المسؤولين الايرانيين السياسيين منهم و "الثوريين"، يرصد حجم التهديد المبطن لأي خطوة اميركية نحو حرب شاملة، الرسائل العسكرية تنقلت جوا وبحرا وبرا، من اسقاط الطائرة الاميركية الى التفجيرات التي طالت سفن الشحن النفطية في مضيق هرمز، وايضا تعرض المنطقة الخضراء في بغداد لقصف صاروخي، في المقابل "البراغماتية" الاميركية تتحسب لكل الاحتمالات، في تصور ترامب ان الضغوطات السياسية والعقوبات الاقتصادية الغير مسبوقة على طهران وحلفائها لا سيما حزب الله سيجبر "المتشددين" في النظام الايراني وعلى راسهم المرشد السيد علي خامنئي على تغيير سياساته الاقليمية تدريجيا والعودة الى تحصين "الجسم الايراني" الرازخ تحت سقف من ازمات مالية واقتصادية متراكمة.

لا يحبذ قسم من جنرالات البنتاغون القيام بعملية عسكرية شاملة ضد ايران، من يطلق شرارة الحرب لا يمكنه ان يضبط "الجنون" الاقليمي وسط الازمات السياسية والاقتصادية التي تضرب المنطقة تنفيذا لما سمي "صفقة القرن"، في اخر تصريحاته قال ترامب انه لن يتسرع في مواجهة طهران، في اشارة الى اماله الجزئية بنتائج استراتيجية ستحققها العقوبات الاقتصادية في المستقبل القريب، ليس هذا فقط في الادراة الاميركية يسيطر هاجس تنفيذ خطة "صفقة القرن"، وها هي الوعود بالمليارات بدأت "تدغدغ" امال الموالين للأمريكيين، قد تكون الاطراف المتنازعة غير جامحة نحو الحرب، الا ان الاحداث المتلاحقة في مضيق هرمز لا تضمن الانزلاق نحو تصعيد عسكري لا يمكن السيطرة عليه، خصوصا ان الحشد العسكري هو الاضخم في المنطقة منذ انتهاء الحرب الباردة مطلع تسعينات القرن الماضي وبروز الاسلام السياسي في الشرق الاوسط، وما شابه من اسئلة ابرزها حول ما اذا كانت "الثورة الايرانية" من مصلحة ايران والمنطقة ام كانت سببا في تأجيج الصراعات؟


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa