مخاوف من تكرار سيناريو 1975.. والسلطة الفلسطينية تتحرّك سياسيا

18/07/2019 05:31PM

لم تكن متوقعة أبدا ردود الفعل الفلسطينية الشديدة الى حد "الشغب" على قرار وزير العمل كميل أبو سليمان، فالوزارة اعتبرت ولا تزال أن الخطة التي بدأت العمل عليها لتنظيم العمالة الأجنبية هي أمر قانوني بديهي لا داعي لان يتحول الى حملة منظمة وكأن الوزارة اتخذت قرارا باعدام الناس.

إلا ان الواقع جاء مغايرا لكل الإحتمالات، احتجاجات واعتصامات، إقفال محال وتسكير طرقات وإحراق دواليب على امتداد المخيمات اللبنانية من شمال لبنان الى جنوبه والمناطق المحيطة بها، الأمر الذي استدعى استنفار الجيش لمحاولة احتواء أي نوع احتكاك قد يحصل في الشارع.

بقيت الأمور في إطار ما يمكن تفهّمه لحالة غضب الفلسطينيين الذين يعانون الأمرّين والمحرومون من أبسط الحقوق داخل المخيميات، الى أن خرجت الاحداث عن هذا المسار وبدأت تأخذ منحى لا تُحمد عقباه، فشهدت مواقع التواصل الإجتماعي حملات تحريضية من بعض الفلسطنيين، حسبما صرح أصحاب المنشورات، منها ما يحرّض على الشعب والدولة والجيش، ومنها ما يحرض على شخص وزير العمل من خلال نبش الماضي والصور.

مصادر فلسطينية متابعة تخوّفت من الإتجاه الذي بدأت تأخذه المجريات الميدانية، على الرغم من ما صرح به رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال جلسة مناقشة الموازنة اليوم، وما تبعه من مؤتمر صحافي للوزير أبو سليمان الذي أكد استمرار الخطة المصحوبة بتأمين أقصى التسهيلات لإعطاء إجازات العمل للفلسطينيين، مؤكدة في حديثها للـ "السياسة" ان حديث الرئيس بري أرخى حالة من الإرتياح داخل المخيمات الفلسطينية، الى ان جاء تصريح وزير العمل من جديد ليبدّده، وعاد الحديث في الاوساط الفلسطينية عن إحتمال العودة الى التحركات الإحتجاجية مساء اليوم بعدما كانت الأوضاع هادئة منذ الصباح.

الا ان أوساط سياسية متابعة للملف الفلسطيني وتأثيراته الدائمة على الداخل اللبناني، أكدت للـ " السياسة"، ان الامور بدت واضحة جدا اليوم، بأن خلفيات بعض تلك التحركات وأعمال التحريض على مواقع التواصل الإجتماعي لا تتعلق بقرار وزير، إنما بشيء ما يحضّر للساحة اللبنانية، واصفة ما يجري بأنه ذات بصمات "دحلانية"، أي نسبة الى القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح محمد دحلان، تنفيذا لأجندات خارجية مرتبطة بإعادة توتير الساحة اللبنانية الاكثر هشاشة في المنطقة اليوم.

وربطا بما أصبح واضحا ان الخطة "أ" بشأن "صفقة القرن" أصبحت بحكم الميتة، تشير المصادر نفسها الى إحتمال بدء تنفيذ الخطة "ب"، بالضغط أمنيا باتجاه عملية "توطين" الفلسطينيين في اماكن اللجوء، مستندة في تحليلها الى عوامل عدة، أهمها العودة بالتاريخ الى حرب 1975 التي رُسمت معالمها باتقان  وتبعا لعناصر عدة، منها اقتصادي وهو مشابه للوضع الحالي لا بل اكثر خطورة اليوم، ومنها ما هو متعلق بالغبن السياسي انما يقع هذه المرة في الإتجاه المعاكس، فيما ياتي العنصر الثالث وهو الفلسطيني وملف التوطين الذي من شأنه أن يشعل حربا اذا ما تم تدارك الامور بأسرع وقت ممكن من خلال التماسك السياسي الداخلي.

كما عزت المصادر اسباب محاولة ارباب اللعبة الإقليمية إشعال الداخل اللبناني بشرارة فلسطينية، الى أن المنطقة تشهد اليوم انتهاء الحرب في سوريا وارهاصات حرب لن تحصل مع ايران، وبالتالي لا بد من ساحة "تنفيس" متزامنة مع ما يُطرح من محاولة توطين ما يجعل لبنان في عين العاصفة مجددا، ففي حرب 1973، وهي آخر حرب نظامية شُنّت بين العدو الإسرائيلي والجيوش العربية كان لزاما إيجاد ساحة إقتتال تصفّى فيها الحسابات الإقليمية فكانت حينها حرب لبنان.

سيناريوهات عدة يرسمها المراقبون لمجريات التحول في المنطقة وربطها بموقع لبنان وسط الصراع الدائر، الا أن الأساس يبقى في الإرادة اللبنانية لعدم السماح بإنجاح أي مخطط تخريبي امني يعيد لبنان الى قعر الهاوية، فالتماسك وتكثيف المحادثات اللبنانية الفلسطينية أمر ضروري اليوم ودائما، وهو ما بدأ بالتزامن مع حركة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم وزيارة عزام الاحمد القيادي الفتحاوي والموفد من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى بيروت للوقوف على آخر تطورات هذا الملف.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa