بكلمة "صُدّق".. بري أربك التيار وفاجأ الرئيس عون

26/07/2019 05:56PM

يبدو أن عينا حاسدة تحيط بموازنة 2019، فكلما اجتازت "قطوعا" اصطدمت بآخر، وها هي آخر فصولها تحط الرحال في قصر بعبدا، آخر محطة لتصبح من بعدها نافذة.

الا أن مفاجئة ظهرت لرئيس الجمهورية ميشال عون بوجود المادة 79 على متن الموازنة الموقعة من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، والتي تحفظ حق الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية بالتعيين حسب حاجة الإدارات العامة ولو طالت المهل. الامر الذي دفع بالرئيس عون الى عدم توقيع الموازنة على اعتبار ان مجلس النواب لم يقر هذا البند أثناء المناقشة، حسبما سُرّب.

وهنا اختلطت الأمور، وعادت رقصات الهرج والمرج تتلاعب بمصير شبان كان كل ذنبهم أنهم اجتهدوا والتزموا بالقانون بهدف خدمة الدولة ومؤسساتها في محاولة لتأمين حياتهم في بلد لا يحمي أبسط الحقوق.

"صُدق".. كلمة لفظها بري خلال مناقشات الموازنة، أوهمت نواب التيار الوطني الحر بأن المادة 79 شُطبت من قانون الموازنة، وهذا ما يصرّون عليه اليوم، فيما تبين لاحقا أن لا شطب بعدما ظهرت في متن القانون المحال الى رئيس الجمهورية.

الا أن محاضر جلسات مجلس النواب وكذلك مصادر الرئيس بري تؤكد أن البند لم يُشطب. وفي هذا الإطار يوافق كل من نواب المستقبل وحزب الله، وضمنا الإشتراكي وحركة امل على أن البند مرّ في مجلس النواب، ويضاف اليهم موقف القوات اللبنانية الذي ظهر جليّا في مداخلة الوزير السابق ملحم الرياشي خلال حلقة "صار الوقت" بالأمس مع الإعلامي مارسيل غانم، وقد كان واضحا وقوف القوات الى جانب الناجحين في حفظ حقهم. وبحسب ما هو متعارف عليه، كي تشطب أي عبارة أو بند خلال جلسات مجلس النواب على رئيسه أن يقول ذلك صراحة ومن ثم يعيد المقرّر ذلك فيصدّق بعدها الرئيس، أما التصديق مباشرة فيعني الموافقة إيجابا على العبارة أو البند.

وتتساءل أوساط اللجنة المتابعة للناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية، عن هذه البلبلة التي تثار اليوم بعدما تم الانتهاء من الموازنة و"انفرجت أساريرنا بأن حقوقنا محفوظة"، فلماذا العودة الى سياسات الكيل بمكيالين، خصوصا وأن هذا البند تمت إضافته خلال جلسات لجنة المال والموازنة، فما الذي تغير اليوم؟"

وعلى الرغم من  وضوح نصوص المادتين 12 و 95 (الفقرة ب) من الدستور، حيث تكفل الأولى حق "كل لبناني في تولي الوظائف العامة ولا ميزة لأحد على الآخر إلا من حيث الاستحقاق والجدارة حسب الشروط التي ينص عليها القانون"، أما الثانية فقد كانت حاسمة في ما يخص التحرير من "القيد الطائفي" في الوظائف العامة، ما دون الفئة الأولى، إذ "تلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والامنية والمؤسسات العامة والمختلطة (...)"، الا أن التيار الوطني الحر يدعم موقفه باكثر من حجة أولها انقضاء مهلة السنتين  على صدور النتائج، وبالتالي سقوط الحق بالتوظيف، علما ان في مجلس شورى الدولة اجتهاد يجيز إعداد مشروع مرسوم قبل انهاء المهلة وبالتالي تمديدها, اما الحجة الثانية فهي ضرورة التوازن الطائفي وهو الامر المنافي للقانون فعليا كون هذه الوظائف ليست من الفئة الأولى. فيما الحجة الأخيرة تتمحور حول اعتبار التيار أن مجلس النواب يتعدى على صلاحية مجلس الوزراء لجهة التعيين. وهنا لا بد من التوضيح انه قانونا، لم يقم مجلس النواب من خلال هذا البند بالتعيين ولم يتخطى صلاحياته بل نظم السياق القانوني لتوظيف هؤلاء الناجحين وحفظ حقهم في ذلك.

وأمام واقع توقف نفاذ قانون الموزانة الى ما شاء الله رهن هذا البند، فإن كثير من الحلول مطروحة  اليوم ولكن أغلبها إذا ما قصدنا أن نقول كلها غير قابل للحياة، ففي السياق القانوني،  الرئيس عون لا يمكنه رد جزء من قانون الموازنة أو مادة منه، بل كل القانون وهو شيء مستحيل لما له من ترددات سلبية على الإنتظام المالي للدولة.

أما فيما خص إمكانية إعداد اقتراح قانون مستقل معجل مكرر بمادة وحيدة يذكر فيها أنه "خلافا لأي نص آخر يستثني ناجحي مجلس الخدمة من بند منع التوظيف في قانون الموزانة..."، فالامر غير قابل للحياة داخل مجلس النواب لجهة التصويت عليه.

كما أن أحد الحلول المطروحة هو اعتبار وجود خطأ مادي، وهذا الامر قد قطع الرئيس بري عليه الطريق عندما أكد أن  "القانون وُقّع كما أقره مجلس النواب".

وإذا كان آخر الكيّ المجلس الدستوري، فكيف يمكن لعرّابي الموازنة أن يطعنوا بإنجازهم، خصوصا وان قرار المجلس الدستوري قد يتخطى مسألة الغاء مادة واحدة فقط. 

في الختام يرى أصحاب الحق ، أن ما يجري "محاولة للقفز فوق حقوق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية"، كاشفين عن عودتهم الى الشارع ابتداء من صباح يوم غد في محاولة منهم لحماية الحق الذي شرّعته لهم السلطة التشريعية والقانون أساسا، فلا ذنب لهم في انقضاء المهل بسبب المناكفات السياسية.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa