على قاعدة "جسمها لبّيس".. بعلبك تُظلم مرتين

30/07/2019 07:22AM

هي أكثر من فاجعة أصابت قلب "بعلبك"، التي تودّع يوما بعد يوم شاب من شبابها، إما بسبب طيش أو بسبب تراكمات إهمال دولة صماء وبكماء منذ ما يقارب الـ 40 عاما..

بعلبك هذه التي تخيط حكايا العز بخيوط شمس قلعتها، أنهكها الظلم الذي بدأ ينهش أجساد اولادها..

بعلبك تلك المنطقة المظلومة دائما من الدولة والناس، وأحيانا من بعض أولادها الضالين..

هي عاتبة، وعتبها اصبح عظيما ومبكيا ومقلقا كثيرا..

بالأمس القريب، نكبة دموية مؤسفة أصابت المنطقة، وأودت بحياة ثلاثة من أبنائها من آل ياسين وزعيتر على حدود بلدة يونين . هو قدر مأساوي أراد أن يرخي بظلاله ليس على عائلتين فقط انما على المنطقة بكل قراها. ما حدث لم يكن على خلفية ثأرية أو بناء على قرار اتخذ سابقاً، بل إن ما حصل نرى مثيلاً له في جميع المناطق اللبنانية، لا بل لأسباب أكثر سخافة من ما جرى في تلك الليلة السوداء، وحتى انه يحدث في أرقى الدول الأوروبية، وهو بالطبع يعود إلى التخلف لدى البعض والتسرع، والى حمل السلاح واستخدامه بشكل عشوائي دون سابق تفكير بالعواقب.

ليس ذلك تقليلا من هول الحادثة، وخطورتها ومثيلاتها من الحوادث التي يذهب ضحيتها شبان ابرياء، وإنما لوضع الإصبع في مكان الجرح الحقيقي، المكان الذي تظلم في خلاله منطقة بعلبك - الهرمل على قاعدة ان "جسمها لبّيس".

من يطلع على محاضر التحقيقات ويتابع الاخبار الامنية يوميا بصورة دقيقة، يعلم وبكل أسف كمّ الجرائم التي ترتكب يوميا في مختلف المناطق اللبنانية، من شمالها الى جنوبها، بسبب إشكالات فردية أو عائلية أو زوجية وما شابه، وغالبا ما تحصل على خلفية لا قيمة لها. إضافة الى هستيريا استخدام السلاح واطلاق النار في الهواء في المآتم والأفراح وعلى اختلاف المناسبات في كل المناطق.

ولكن.. يا للعجب، لا تضخيم إعلامي ولا ضجيج على مواقع التواصل الإجتماعي، ولا حتى في مقدمات نشرات الأخبار نسمعها، إلا إذا كانت نسائم الخبر المصيبة قادمة من بعلبك.

أهالي المنطقة، باتوا على يقين أن حملة تشويه صورة المحافظة أصبحت الشغل الشاغل للإعلام، الذي انعكس بدوره على الناس من باقي المناطق، لما ولّده لديهم من صورة سلبية مضخمة عن المنطقة.

فلا يكفي محافظة بعلبك – الهرمل ما تعانيه من ظلم الدولة بغيابها على مختلف الأصعدة، ما جعل الحياة منعدمة هناك، حتى اكمل عليها الإعلام بتصويبه فقط على الإشكالات التي تقع، مقابل غيابه عن مواكبة واقع هذه المنطقة، وكأن " لا زعران الا في بعلبك". 

كيف لمن لم يزر المنطقة أن يعرف عنها الا ما يحاول الإعلام فقط إظهاره، حتى خُيل للبعض ان الناس هناك آكلي لحوم البشر.

من يطلع على محاضر التحقيقات ويتابع الاخبار الامنية يوميا بصورة دقيقة يعلم وبكل أسف كمّ الجرائم التي ترتكب يوميا في مختلف المناطق اللبنانية

بالامس، شهدت بعلبك مهرجانات وساحات فرح وموسيقى في قلعتها حضرها الآلاف من لبنان والخارج، وحضنت كما كل عام مهرجان الزهور عند مياه عينها، أين كان الإعلام من كل ذلك؟ وهل بات المطلوب ترسيخ هذه الصورة النمطية السلبية عن المنطقة، وتشويه الصورة الحقيقية الناصعة لاهلها المقاومين أصحاب النخوة والرجولة والكرم، وأصحاب الطاقات والأدمغة.

فكم كان  قاسيا كلام الناس بالامس عن أهل هذه المنطقة، وسياسة التعميم التي ينتهجها الكثيرون عند كل حادثة، فتبدأ ألسنتهم كالسيف بقص رقبة "الصالح مع الطالح".

نعم.. في بعلبك كما في كل منطقة، "زعران"، هم أصلا منبوذون منها، وقد جفت ألسنة الأهالي بمناشدة الدولة للضرب بيد من حديد وتخليص المنطقة ممن حولوا أنفسهم الى مادة سهلة بيد المتآمرين على المحافظة لإستخدامها في تشويه صورة بعلبك وتلوين وجهها بصبغة الإجرام، ولكن "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر".

ومن يعتقد أن الدولة ستعير صرخات أهل المنطقة أي أهمية فهو واهم. لن ينقل الصورة الحقيقية لبعلبك الا أهلها الشرفاء، وهذا يتطلب جهدا من شبّانها وشابّاتها وأبنائها المبدعين للعمل على إظهار عظمة هذه المنطقة التاريخية والحضارية،ونبل وكرم أهلها، لا بل معاناتهم والظلم اللاحق بهم.. لعلّ من في القصر يسمع..


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa