قانون استعادة الأموال المنهوبة... “لا كحل ولا عمى”

01/08/2019 05:40PM

في الفترة الأخيرة، حمل السياسيون جميعا لواء مكافحة الفساد في خطاباتهم وعنونوا به حملاتهم الانتخابية، حتّى ملّ المواطن هذا الخطاب. ملل المتلقي تداركه أصحاب السلطة فحاولوا ترجمته أفعالا ومبادرات. وفي إطار الضائقة المالية التي يمرّ بها لبنان والحاجة الماسّة لإرضاء "سيدر" ظهر مجددا قانون استعادة الأموال المنهوبة.

وعلى ما يبدو أّنّ هذا القانون شمّاعة يتمسّك بها كلّ من أراد إثبات نظافة كفه أو كلّ من يصرّ على طرح نفسه كحالة معارضة للوضع القائم. وفي التفاصيل، فإنّ القانون يتيح للدولة استعادة أموالها التي سُرقت منها سابقا وبدءا من العام 1975. وهي خطوة مهمة وضرورية لسدّ العجز المتراكم في خزينة الدولة ومحاولة الانطلاق في بناء هيكل فعلي للوطن. 

مؤخرا، تقدّم رئيس تكتّل لبنان القوي ووزير الخارجية جبران باسيل بمشروع قانون لاستعادة الأموال المنهوبة معتبرا أنّ على من يريد فعلا مكافحة الفساد أن يلاقيه ونوابه للتوقيع على هذا المشروع. خطوة باسيل لم تكن الأولى من نوعها فقد حاول حزبي سبعة والكتائب اللّبنانية تقديم مشروعين مختلفين بغرض استعادة ما نهب من أموال الدولة. إلّا أنّ مبادرة سبعة لم تبصر النور. وينطبق الأمر نفسه على مشروع الكتائب الذي قبع في أدراج مجلس النواب منذ سنة تقريبا وحتى اليوم. ما جعل الجدال المرافق لتقديم المشروع يصبّ في الكثير من الأحيان في خانة انتقاد التيار الوطني الحرّ واتهامه بمحاولة "قطف" الموقف.

وبعيدا عن السجال الحاصل، تجدر الإشارة إلى أنّ القانون الذي ينظر إليه البعض "كمشروع خلاص"  ليس الأول من نوعه. فضمن القوانين اللّبنانية قانون الإثراء غير المشروع أو قانون: " من أين لك هذا؟" وله هدف القانون المنشود والمترقب إقراره. إشارة إلى أنّ هذا القانون كان أحد أهم المبادىء التي أدخلها الرئيس السابق للحزب الديمقراطي الاشتراكي الشهيد كمال جنبلاط ليعود الحزب ويقدمه مشروع قانون قبل إقراره في العام 1999.

وجود قانون مماثل للقانون المنتظر يطرح شكوكا وأسئلة حول جديّة دور هذا القانون في مكافحة الفساد ومساعدة الدولة على استعادة عافيتها المالية. فالوسيلة لطالما كانت موجودة إلّا أنّ الخطأ في الممارسة أو بالأصح بعدم الممارسة من الأساس. 

والقانون يعني المساءلة والمحاسبة أمام القضاء، لا مجرد استرجاع الأموال إلى خزينة الدولة. وبمعنى آخر على السارق تحمل مسؤولية ما ارتكب. إعادة الأموال التي حرمت الدولة من الاذدهار لفترة والعيش في ظلّ معادلة " كل مين فاتح ع حسابه" لا تكفي وحدها لردع من بتحضرون للوصول إلى مراكز الدولة وبناء ثروات على حساب الشعب.

 وفي هذا السياق، يقول مصدر قانوني في حديثه لـ "السياسة" : على هذا القانون أن يضمّ كلّ من عمل في الشأن العام سابقا وحاليا. وبالحديث عن الحكّام الحاليين ينبغي الإشارة إلى أهمية اقتران الخطوات القانونية اللّازمة بالاعتماد أيضا على آلية رفع الحصانة ورفع السرية المصرفية عن أفراد السلطة. لأن تخطي ذلك يعني أنّ الكثير من المتورطين لن يحاسبوا، وتاريخ التعامل مع قانون الإثراء غير المشروع يشهد على ذلك. 

إذا أردنا قراءة ما بين سطور البلبة القانونية هذه، يرى المصدر أنّ: الواضح من خلال تصريحات النواب الذين تقدموا باقتراح المشروع ان اللجوء الى المحاسبة غير وارد، وإنما الهدف هو فقط استعادة ما سرق وذلك يعني أنه مستقبلا لن ينكون هناك أي رادع كفيل بكف يد من تسول له نفسه سرقة المال العام. وهكذا يكون القانون مجرد وسيط دعائي يروّج لحاملي رايته، لا أكثر ولا أقل. 

وعن مصيره، يشير المصدر إلى أنه: " من الصعب الوصول إلى نتيجة بعد كل تلك الفترة، فمن سرق سابقا حوّل ما جناه إلى أموال غير منقولة واجراءات استعادتها معقدة. أو إلى شركات عائلية أو حسابات مصرفية في الخارج لأنّ من اتقنّ السرقة اتقن أيضا طرق اخفاء جريمته ".

ختاما، من الضرروي وجود قانون وأداة شرعية لمحاسبة من أساؤوا للأمانة العامة طبعا. إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ إقرار القانون سيدخل لبنان عصر البحبوحة بهذه السهولة. فمن غير المنطقي، أن نرى طريق القانون إلى أهدافه سالكا. لأنه سيدخل طبعا ضمن المعارك السياسية والسجالات الطائفية. وستستغله فئات للتضييق على أخرى وانتزاع بعض المكاسب . 

إلى حينها يتمسّك اللّبنانيون بـ "قشة" القانون لعلّه يحمل وزر الضرائب المنزلة على كاهلهم في ظلّ "النفضة" التي تقوم بها الدولة.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa