العقوبات على ظريف: غارات وهمية على "دبابة المفاوضات"

03/08/2019 08:33AM

كانت الأوضاع الإقليمية لتكون أكثر هدوءا لو أنّ الولايات المتحدة الأميركية لم تقرر الخروج من الاتفاق النووي وإعادة فرض عقوباتها على إيران. فطالت الموجة الأولى منها كبار الشخصيات الإيرانية وكان أبرزها المرشد الأعلى السيد علي خامنئي. خطوة رافقتها تحليلات والكثير من الترقب إلى أن أعلنت واشنطن فرض مزيد من العقوبات لكن هذه المرّة على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.

وتعني هذه العقوبات تجميد أي أصول أو أموال لظريف في الولايات المتحدة الأميركية ومنعه من السفر. وذلك لأن واشنطن تراه المنفذ الأول للسياسة الإيرانية التي ترفضها أميركا رفضا قاطعا. تتمثّل أهمية هذه الخطوة، في أنّ ظريف يشكّل المهندس الأول والأساسي لجميع الاتفاقات الإيرانية مع الدول الكبرى، وهو أساسا مهندس الاتفاق النووي (2015). ويمكن أن تقرأ الخطوة الأميركية بأنها ردّة فعل عنيفة على مضي إيران في التخفيف من التزامها بالاتفاق النووي وزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم. وتفسّر أيضا كمحاولة إظهار عدم اعترافها بدور ظريف كمفتاح حلّ للأزمات الإقليمية ومخرج  حقيقي للأزمات الحادّة.

بالطبع، عقّدت هذه العقوبات سبيل إمكانية إعادة إحياء أو إنقاذ الاتفاق النووي. وزادت من منسوب التوتر في المنطقة. واللّافت، أنه وعلى الرغم من خطورة فرض العقوبات على ظريف، وحدّة  ما تحاول واشنطن إيصاله سياسيا، قابلت إيران هذه الجولة باستخفاف واستهزاء. فوصفت تصرفات أميركا بالصبيانية وبأنها تترجم فشلها في فرض سياستها في المنطقة. والبارز أيضا، هو الدعم  المحلي والأوروبي لظريف (فرنسا، بريطانيا وألمانيا). 

في جميع الأزمات وفي الحالات الطبيعية تسعى الأطراف المتنازعة إلى الحفاظ دوما على القناوات الدبلوماسية وطرق المفاوضات. لكنّ المفارقة، أنّ الولايات المتحدة الأميركية اختارت توسيع دائرة استهدافها لإيران حتى ضربتها في صميم تمثيلها الخارجي وعمدت إلى نزع الشرعية عن وزير خارجيتها.  

وبعد أن أكدّ ظريف أنّ لا أملاك له خارج إيران وأنه لن يتأثر بالعقوبات الأميركية. ينبغي التساؤل عن واقعية هذه العقوبات وعن ما إذا كانت واشنطن تسعى من خلال ذلك إلى الحفاظ على ماء وجهها. 

وفي هذا السياق، يقول الإعلامي والمحلل السياسي فيصل عبد الساتر، في حديثه لـ "السياسة": تخشى الولايات المتحدة من دبابة المفاوضات: محمد جواد ظريف، ولذلك تسعى لإدراجه على قائمة العقوبات. لكنّ الرد الإيراني كان صاعقا من خلال الإعلان عن التمسّك بظريف مهما كان الثمن وذلك بقول رئيس الجمهورية الإيراني أنّ شيئا لن يمر من دون المرور بوزير الخارجية محمد جواد ظريف.

ويضيف عبد الساتر في قراءته للواقع: الموقف الفرنسي عبّر عن انقسام دولي في مقاربة الملف الإيراني بين أميركا وبعض الدول الأوروبية وسيتكرر هذا المشهد كثيرا في الأيام المقبلة. ورأى أنّ " إيران اليوم في موقع القوة، والعديد من المؤشرات تؤكد تراجع دور أميركا في المنطقة خاصة بعد ما أدركت الدول العربية أنّ تحالفها مع الأميركي لم يجد نفعا."

إلى حين اتضاح الصورة، تبقى الأوضاع ضبابية. إلّا أنّ الواضح هو قلق الولايات المتحدة وعدم اعتمادها على خطة واستراتيجية واضحة في حربها على إيران. والواضح أيضا هو سعي واشنطن إلى استبعاد كل من سيقف في وجهها أو بموازاتها لتشكيل قطب آخر يقابلها. ولعلّ ردّ ظريف على بومبيو: "عهد القوى الكبرى ولّى" دليلا على ذلك.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa