تسييس حادثة قبر شمون يعقّد الإجراءات القضائية ويعرضها للتشكيك

06/08/2019 06:13AM

تتجه حادثة قبر شمون في جبل لبنان، نحو مزيد من التعقيد، جرّاء التدخلات السياسية في الإجراءات القضائية، واستباق نتائج التحقيق بالحديث عن كمين مسلّح ومحاولة اغتيال وزير شؤون النازحين صالح الغريب، الذي قتل اثنان من مرافقيه.

على صعيد الإجراءات القضائية، مثل أمس 4 من مناصري «الحزب الاشتراكي» الذين مضى على توقيفهم أكثر من شهر، أمام قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل، وقبل أن يبدأ الأخير استجوابهم في التهم المسندة إليهم، وهي «الاشتراك بقتل مرافقي الوزير غريب ومحاولة قتل آخرين والانتماء إلى عصابة مسلّحة»، طلب هؤلاء منحهم مهلة لتوكيل محامين للدفاع عنهم، فأمهلوا 24 ساعة، لكن قاضي التحقيق أصدر مذكرات توقيف وجاهية بحقهم، سنداً لمواد الادعاء والتهم المنسوبة إليهم، على أن يستجوبهم اليوم أو غداً في حضور فريق الدفاع عنهم، على أن يستدعي باقي المدعى عليهم غير الموقوفين، وهم 9 أشخاص من «الحزب الاشتراكي»، و8 من مرافقي الوزير غريب، وينتمون إلى «الحزب الديمقراطي اللبناني» برئاسة النائب طلال أرسلان.

وكشف مرجع قانوني لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «صدور مذكرات توقيف بحق الأشخاص الأربعة قبل استجوابهم، هو تدبير قضائي يعتمد دائماً، لتشريع عملية التوقيف المستمرّة منذ أكثر من شهر»، لافتاً إلى أن «القضاء تخطّى مهل التوقيف الاحتياطي بشكل كبير، وهو ما يعرّض الإجراءات القضائية للتشكيك والطعن بمصداقيتها، ويبرر مخاوف البعض من تسييس العمل القضائي، وإخراج القضية عن مسارها القانوني».

وعزز «الحزب التقدمي الاشتراكي» وجهة نظره الرافضة لوضع هذه القضية في عهدة المجلس العدلي أو المحكمة العسكرية، بمعطيات تجعل التشكيك في مكانه، وأوضح عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن لـ«الشرق الأوسط»، أن الحزب «لم يتخلّ عن موقفه الرافض لوجود المحاكم الاستثنائية، سواء المجلس العدلي أو المحاكم العسكرية». وأشار إلى أن «الذين يمعنون في تسييس حادثة قبر شمون، قفزوا فوق كلّ الإجراءات، واستبقوا نتائج التحقيق وأطلقوا الاتهامات وأصدروا الأحكام لاستكمال محاصرة وليد جنبلاط و(الحزب الاشتراكي)، ووضع اليد على البلد».

وقال أبو الحسن: «لقد قبلنا بمبادرة إحالة الملف إلى المحكمة العسكرية، رغم اعتراضنا المسبق، لكن ما إن وصل الملف إلى النيابة العامة العسكرية، حتى سيّسوا الإجراءات، من خلال التدخل المباشر لوزراء في القصر الجمهوري، ضغطوا لتنحية قاضٍ مشهود له بالكفاءة (قاضي التحقيق الأول فادي صوان)، واستدعاء قاضٍ من عطلته القضائية (مارسيل باسيل)، بهدف تركيب معطيات جديدة غير التي توصلت إليها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي»، عادّاً أن «هؤلاء الوزراء يتماهون مع فريق رفض الانصياع للقانون، وامتنع عن تسليم المطلوبين لديه (أرسلان)، رغم كل التسجيلات التي تؤكد أن موكب الوزير غريب هو من أطلق النار على المواطنين في بلدة البساتين».

ويتقاطع اتهام «الحزب الاشتراكي» بنصب كمين مسلّح لاغتيال وزير النازحين أو وزير الخارجية، مع تفنيد الجرائم المنسوبة إلى عناصر «الاشتراكي»، وكشفت مصادر مواكبة للملف لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «(الاشتراكيين) أسندت إليهم جرائم تأليف عصابة مسلّحة لارتكاب الجرائم، والقتل عمداً ومحاولة القتل، وإثارة النعرات الطائفية المذهبية، ومنع اللبنانيين من ممارسة حقهم في التجوّل على الأراضي اللبنانية، وتخريب ممتلكات عامة وخاصة»، لافتة إلى أن «التهمة الموجهة إلى مناصري النائب طلال أرسلان ومرافقي الغريب، تقتصر على جنحة إطلاق النار في الهواء».

ويخوض «الحزب التقدمي» مدعوماً من «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» مواجهة سياسية شرسة، لإحباط محاولة إحالة القضية إلى المجلس العدلي وتثبيت الرأي القائل إن هناك كميناً مسلحاً نصب لاستهداف وزير أو أكثر. ورفض النائب أبو الحسن «استباق التحقيق وإظهار أن هناك محاولة اغتيال للوزير صالح الغريب أو الوزير جبران باسيل»، لافتاً إلى أن «التسجيلات تؤكد عدم وجود أي كمين أو محاولة اغتيال، بدليل أن مرافقي الغريب هم من بدأوا بالاشتباك». وقال إن «الكلام المنقول عن رئيس الجمهورية يمثّل قمة التدخل في عمل القضاء والتأثير في قراراته، لذلك نضع كلّ هذه التجاوزات برسم مجلس القضاء الأعلى، ونطالبه بالتدخل لوقف تهميش القضاء ودوره».

وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» انّ الأزمة الراهنة، التي تَأتّت عن حادثة قبرشمون، دخلت الى حيّز شديد التعقيد، وباتت تتطلب معجزة لحلها.

واشارت الى انّ هذه الأزمة خرجت فعلاً من كونها أزمة بين رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» النائب طلال ارسلان، بل انّ الازمة الفعلية قد توضّحت معالمها، وظهرت بنحو واضح على أنها أزمة بين رئاسة الجمهورية وجنبلاط، حيث تعتبر الرئاسة انّ ما جرى في قبرشمون ليس حدثاً عادياً او عرضياً، بل هو يستهدف رئيس الجمهورية، سواء عبر الوزير المحسوب عليه من حصته الوزارية صالح الغريب، او عبر صهره الوزير جبران باسيل، الذي كان في صدد الذهاب الى كفرمتى في ذلك الوقت.

وهذه الأجواء المعقدة ماثَلت ما ساد عين التينة أمس، حيث لم تعكس أجواؤها أي مؤشرات مريحة حيال الأزمة السائدة، بل على العكس، لا ترى في الأفق أي وميض إيجابي من شأنه ان يدفع الازمة في اتجاه الحلحلة. وفُهِم من أجواء عين التينة، أنه بناء على السلبيات المستفحلة، فإنّ بري قد أطفأ محركاته نهائياً حيال هذه الازمة، وطوى كل صفحات المبادرات التي أطلقها، والتي لم تلق استجابة لدى بعض الاطراف، بل كانت تُقابل بمزيد من التصعيد والاصرار على التأزيم.

وبحسب المعلومات، فإنّ بري الذي ركّز كل مبادراته على حلحلة الازمة الدرزية - الدرزية، ليُنتهى الى حلها سياسياً وقضائياً وأمنياً، كان في صدد ان ينتقل في حال نجحت مبادراته، الى التحرك الفاعل على خط المصالحة بين «حزب الله» وجنبلاط. إلّا انّ الامور التي استجَدّت في الأزمة الراهنة اعادت الامور الى نقطة الصفر.

وعندما سئل بري لماذا أوقف مبادراته؟ اجاب: «كلما حاولنا ان نفتح ثغرة ايجابية، ينبت أمر آخر في مكان آخر مع الأسف».

وعندما سئل: ما هو الحل برأيك؟ أجاب: «لا أعرف، لا أملك جواباً».

وفي السياق نفسه، اكد بري امام زواره «أنّ الوضع الحالي بتعقيداته، لا يجوز ان يستمر على ما هو عليه، والوقت الذي يمضي في هذا الجو السلبي يأكل من عمر البلد».



المصدر : الشرق الأوسط - الجمهورية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa