عون يدعو المواطن للتضحية... والمزارع يلبّي الدعوة!

08/08/2019 05:33PM

الإبنة: لوين يا بيّي؟

الأب: طالع رشّ الجنينة، الجنينة الفاضية ويلّي ما فيها شي، ما لي نفس اشتغل فيها، ولا إلي قلب اترك الشجر يموت...

تاريخ 5 حزيران، نَسِيه الإعلام، نسيته الناس المقتدرة ماديًا، والأهمّ نسيته الدولة أو ربّما لم يخطر على بالها أصلاً.

في 5 حزيران 2019، وقعت كارثة طبيعية لم تكن في الحسبان. حبّات البَرَد التي تساقطت من سماء لبنان في هذا التاريخ، قضت على مواسم زراعية تعتاش من مردودها آلاف العائلات.

علت الأصوات وتكاثرت البيانات من قبل النوّاب والمسؤولين حينها، فتفاءل المزارع بالخير، واليوم لا بيانات ولا تحرّكات و "لا حياة لمن تنادي"، والمزارع يتخبّط وحده في مصيبة لا يمكنه تحمل وزرها.

اليوم "كلٌّ يغنّي على ليلاه"، فقسمٌ يلهو بالمهرجانات والاحتفالات الصيفية والطلاّت الإعلاميةّ، وقسمٌ آخر يعطّل الحكومة وشؤون الناس من أجل تصفية أمور سياسية وقضائية "ووَلدَناتٍ" مخجلة، ولكن ربّما وجود الحكومة كغيابها، "كوما".

64 يومًا مرّت ولم تكن كفيلة للمعنيين بإيجاد حلّ أو مخرجٍ لهذه المصيبة التي لم تمسّ بثرواتهم وحساباتهم المالية، فلا تهمّهم إذًا! 64 يومًا مرّت وكانت كفيلة بتغييب هذا الملف عنهم والذي يأتي في طليعة الملفات الراهنة، إذ انّه يمسّ بجيوب الناس "المنتوفة" ومستقبل عائلات وأقساط أطفال، ولقمة عيش وتعب العمر.

ربما لو كنا في موسم انتخابات لكانت الأموال هطلت على الرؤوس كالمطر، وبدأت الاتصالات بمتموّلين محليين وخارجيين لجمع المبالغ الطائلة، التي قد تكون كفيلة بسند كلّ مزارع مكسور الخاطر.

غريب هذا السكوت من قبل الصحافة التي لا يشغل بالها إلاّ أمور النواب والوزراء وتحرّكاتهم، وبدلاً من إعلاء الصوت وأخذ حقّ الناس، باتت تنسى كغيرها وتغضّ النظر.

لا شكّ أن المصائب في لبنان كثيرة، من النفايات والأمراض، إلى الفساد والسرقة، إلى البطالة والهموم المعيشيّة... ولا تنتهي السبحة، ولكن قطاع الزراعة أين مكانته من الإعراب، والمزارع ومحاصيله ممنوعين من الصرف؟

المناطق الزراعية الشمالية أخذت نصيبها وأكثر من هذه الكارثة الطبيعية، وفي اتصالات لـ"السياسة" مع المعنيين حينها، تبيّن أنّ كلّ طرف يرمي كرة المسؤولية على الآخر، وليس هناك أي حلول جديّة لهذه المشكلة. فبعد مرور 64 يومًا هل تغيّر أيّ شيء؟

منطقة بشرّي شمال لبنان، هي واحدة من المناطق التي تضررت فيها المحاصيل الزراعية كلّيًا، وحتّى الساعة لم تعوّض أي جهة مسؤولة على المزارع. 

نائب المنطقة القوّاتي جوزيف اسحق، يؤكّد أنّ "متابعة الموضوع بدأت منذ اللحظة الأولى، ومن حقّ الناس أن يأخذ على خاطرها لأنّ ما حدث هو كارثة كبيرة جدًّا ومع الأسف وضع الدولة اللبنانية المادي مذري جدًّا، ممّا منع الهيئة العليا للإغاثة من اتّخاذ أيّ إجراء بسبب غياب التمويل".

ويقول اسحق في حديث لـ"السياسة": "تعوّدنا على تحرّك اللواء محمّد خير فور وقوع أي كارثة إلاّ أنّ هذه المرّة لم يتمكن من القيام بأي خطوة تجاه الموضوع بسبب غياب الموازنة وبالتالي غياب القرار في هذا الشأن".

ويتابع: "القوّات تحاول قدر المستطاع تأمين مصادر تعويض أخرى، بسبب وضع الدولة السيء".

وردًّا على سؤال عن إمكانية تعويض الحزب على المزارع من خلال الأموال التي يؤمنّها من المتمولين والدول، يقول: “الكارثة كبيرة جدًّا وحسب الإحصاء فهي تتخطّى الـ15 مليون دولار، ولكن هذا لا يعني أننا استسلمنا تجاه الموضوع، فنحن نعيش بين الناس وعلى علم بكلّ المشاكل التي يمرّون بها".

من جهته، يشدّد الناشط السياسي المحامي طوني الشدياق، على أنّه "خلافًا لما تحاول بعض الجهات الرسمية الإيحاء به دائمًا، فإنّ أزمة قطاع الزراعة ليست أزمة مستجدّة بل إنّ المشاكل تعصف بهذا القطاع منذ سنوات عديدة وتتفاقم في كلّ عام نتيجة الوعود الفارغة والمبادرات الشكلية".

ويضيف في حديثه لـ"السياسة": لم يعُد مقبولا الاكتفاء بالمناشدة لاسيما من قبل سلطة محلية كالبلدية أو سلطة سياسية كالنوّاب، لأنّ هذه السلطات يجب أن تبادر وتكون سبّاقة في تحمّل المسؤولية تمامًا كما فعل المرشّح السابق للانتخابات النيابية الأستاذ وليام طوق".

ويتابع: "لقد توكّل السيد وليام منذ سنتين بشراء كميّة كبيرة من التفاح مباشرة من المزارعين وبأسعار مرتفعة مقارنة مع سعر السوق، ممّا أدّى إلى تصريف كميات كبيرة من التفاح".

ويكشف الشدياق في حديثه، أنّه "ثمّة كارثة عصفت بالمزارعين العام المنصرم نتيجة إفلاس أحد كبار تجّار التفاح في جبّة بشرّي أدّت إلى ضياع ثمن مواسم سابقة للمزارعين، وبعد جهود حثيثة، لإيجاد الحلّ، سيبادر السيد وليام بدفع مستحقّات المزارعين من أمواله وستنطلق المرحلة الأولى من العملية نهاية الأسبوع الجاري".

أمّا في موضوع الكارثة الطبيعية الأخيرة، فيقول الشدياق: "نحن نعمل على مبادرة جدّية للتصدي لهذه الكارثة، وهي تقضي بإطلاق "صندوق مواجهة الكوارث" التي يجب أن يكون للبلديات وللنوّاب تبرعات فيه، وسيكون حتمًا السيّد وليام أوّل الداعمين والمساهمين إلى جانب عدد من المؤمنين عن حقّ بأن الوقوف إلى جانب الناس هو المدخل الوحيد إلى الشأن العام". 

بدوره، أشار رئيس بلدية المنطقة الأستاذ فريدي كيروز، إلى أنّ "ميزانية البلدية لا يمكنها تحمّل كلفة هكذا مواضيع، فالخسائر فاقت الـ14 مليون دولار، وميزانية بلدية بشرّي هي 2 مليون دولار، ومنذ سنتين حتّى الآن لم تعطها الدولة إلاّ 850 مليون ليرة، وبالتالي البلدية غير قادرة على تغطية خسائر هذه الكارثة".

ويضيف في حديثه لـ"السياسة": كبلدية قمنا بمسح شامل للأضرار، ومن ثمّ فتحنا حساب مصرفي للتبرّع، وحاولنا أيضًا جمع التبرعات عبر الإنترنت، وحاولنا التواصل مع المغتربين المتمولين بهدف جمع الأموال ولكن وبكلّ صراحة ليس هناك اي تجاوب مع هذه الخطوة".

منذ أياّمٍ قليلة، دعا الرئيس ميشال عون اللبنانيين الى التضحية مرحلياً ببعض المكتسبات للمساعدة في مواجهة الازمة الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد. رغم الانتقادات والاستهزاء على مواقع التواصل الاجتماعي بهذا التصريح إذ إنّ المواطن لم يعد لديه شيئا للتضحية به، وهو لا يحصل على أدنى حقوقه، إلاّ أنّه يكفي مقاربة الواقع ليتّضح أنّ اللبناني مسيّرا في التضحية هذه لا مخيّرا، وإن شاء أو ابى، الظروف الراهنة ستجبره على التخلّي عن آخر ما يملك . وأوّل المضحّين هو "المزارع".



بين خير الطبيعة وخير الإغاثة المواطن يفتقد الى الخير....

المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa