أسوار دمشق مهددة...من يحاول اسقاط التاريخ؟

09/08/2019 08:13AM

كتب يحيى شمص في السياسة:

كانت الشمس تهم بالغياب "المؤلم"، حين ما قالت لي صديقتي وبلهفة سباقة،لا بد من زيارة جبل قاسيون، الا ان الروح زاحمت الوقت بين فجر وغروب فتريثت داخل شوارع مرصوفة بالحجارة وحارات مسحورة مسكونة بتجاذبات قرون، فما زاد حبي لها الا الالق، اتلفت لا ادري بما قلبي ينفطر، معذرة منك فلا حد وصف سيدق يوما ولن تغرس فيك الا اقدام اهلك ومن بقو، كل التاريخ وبسبعة ابواب عند سور المدينة يتوقف، من يوقف عبق الياسمين مجنون متوهم، رائحتها جزء من ملتقيات طرق وزوايا جدران ارتمت ما سقطت.

بعد منتصف ليل شقه وحي من اعاليه، كان لا بد من زيارته، لا يمكن الا والتقاط صورة تذكارية امام "صخرة اذكريني" العملاقة الرابضة في قمته، تحكي هذه الصخرة قصة حب مزمنة لشاب كان يلتقي محبوبته بجانبها، كانا يهيمان بحبهما "الأسطوري"، إلاَّ أنّ أهلها أجبروها على الزواج بغيره، حينها كتب عليها كلمة واحدة بدمه "اذكريني"، ورمى نفسه من أعلى هذا الجبل، لتأتي حبيبته هاربةً من أهلها لعلّها تكمل الدرب معه، ولما علمت بما فعله، ما كان منها إلاَّ أن كتبت تحت رسالته وبدمها أيضاً كلمة "لن أنساك"، ورمت بنفسها أيضاً، هذه الكلمات ما زالت حتى اليوم موجودتين بخطّهما، كشاهد على قصة حب بدأت من هذا الجبل الذي يطالعك بنصب الجندي المجهول، ويجذب الزوار المسحورين بشذا دمشق ومقاهيها القديمة، محاولين ازاحة بعض من ثقل جراح ودماء امتدت لاكثر من ثمان سنوات ولا تزال.

"شقيقيا الوحيدين، احدهما مجروح يلازم المنزل منذ 5 اعوام، والاخر لا يزال على خطوط حرب لم تنتهي، تعبنا، ما عادت الشام شام، انقلبت الحكاية ولم نرى الا اموات اوشهداء، لا فرق فالروح ذابت"، حد كلامه كان التزام كبريائه بعدم البكاء قهرا، لعلى شيبه قد حكم بين حفظ كرامته الذاتية وشدة استياءه من مجريات الاحداث المأساوية، وسط كثرة شكاويه من تراجع حركة التنقل في الشام وضيق البشاشة الدمشقية، تراقب محياه كشاعر نرجسي لتقض مضجعك أقاصيص تُسكر قلبك وتطرد الذات الانسانية الى مهالك التاريخ المظلم، وتقول لك في نهاية المطاف، قف وقاوم فدم الاحرار بات مباح.  

 لمن توهم برهة او زمنا ان دروب الحقيقة بأوجه مسطرة مسطحة، ولمن تأمل حقول الورد زاهيا برائحة النسيم ناسيا عبق الرحيق الاصيل، متخيلا بأنه سيقطف دروب التاريخ، فليترك دمشق الى غير حال لأنها لن تسقط، فكثر هنا تشبعت روحهم حبا للشام، وان وصل العشق الى الكروم، سيبقي كرم واحد عنبه ينتظر، لم "يستوي" بعد حتى يقطف، دعوه ودعو نبيذه سيبقى معلقا، ومن يسأل الى متى؟، لا احد يحدد ذلك، لأن أحداً لا يأتي في غير موعده والنصر من عدمه لا يحدده أياً كان.

 لنراقب التحركات السياسية تجاه سوريا، لا يمكن القفز فوق الحقائق، وان تغيرت بفعل عوامل جيوسياسية كثيرة على راسها التبدلات المتسارعة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، حاليا تبدو الخريطة السياسية غامضة شرقي الفرات، منطقة الصراع الاساسية بين واشنطن وانقرة وموسكو. 

 توصل أنقرة وواشنطن إلى اتفاق يقضي بإنشاء مركز عمليات مشترك داخل تركيا تمهيدا لجعل المنطقة الآمنة "ممر سلام" غير متاح كما يصور كثيرون، فالقيادة التركية تسعى للاستفراد والتحكم بالمنطقة الامنة وزيادة عمقها إلى 32 كم، وكما يظهر لدى أنقرة شروط سياسية اولها التوقف عن دعم القوى الكردية داخل قوات سوريا الديمقراطية. 

المحاولات السابقة للاتفاق على منطقة امنة في الشمال السوري لم تنجح، ومن الواضح أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ليس مستعدا لمواجهة عسكرية مع واشنطن، ولعل تهديداته العسكرية جزء من ضغطه لتحفيز المفاوضات بشأن وضع الشمال السوري.

حتى الساعة واشنطن تربط عودة تنظيم داعش إلى الظهور في سوريا بسحب قواتها معتمدة على حليفتها قوات سوريا الديمقراطية التي لا تزال الحليفة الاقوى لواشنطن في ظل استمرار الضغط الداخلي على إدارة ترامب كي لا يتخلى عنها، كذلك فأن العلاقات الأمريكية التركية في أدنى مستوياتها منذ عقود خصوصا بعد شراء انقرة منظومة صواريخ أس 400 من موسكو.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa