من أجل من وماذا مات رامي وسامر ؟

10/08/2019 08:06AM

ما حدث بالامس كان واضحا وضوح الشمس أنه حاصل لا محالة منذ اشتداد مفاعيل أزمة قبرشمون. فالعارفون بالتركيبة السياسية اللبنانية والمتابعون لكل الازمات السابقة وكيف كانت نهايتها يدركون تماما أن في هذا البلد لا مكان سوى للتسويات.

تسويات سواء أتت على حساب الدماء المهدورة ظلما، أو على حساب هيبة القضاء أو مصداقية الزعماء. المهم أنها الرابح في نهاية المباراة.

مخطىء جدا من يعتقد أن في بلد يقوم على المحاصصة المعلبة بالطائفية والزعامات القائمة على الند، يمكن ليّ ذراع أحد أو حتى إخماد بركان أحد. فالتاريخ شهد الكثير من تلك المحاولات التي انتهت "بخراب الدار" . اليوم بات الكل مقتنعا أن أي أزمة لا بد من ان تنتهي بأقل الأضرار وعلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب. فالكل على يقين ان لبنان وخصوصا في هذه الأيام ما عاد يحتمل المخاطرة بأمنه وسلمه الأهلي.

القارؤون لكل المتغيرات السياسية والميدانية في المنطقة، والمتابعون لوضع لبنان الإقتصادي والسياسي، يعلمون جيدا أن "العض" على الجراح حاليا قد يكون "عين الشجاعة".

بالأمس، ارتدى الرؤوساء الثلاثة بزاتهم الرسمية، وعقدوا ربطات العنق، والتقوا في "قصر الشعب" بانتظار قامتا الجبل ودعوتهما على قمة مصارحة لتحلّ المصالحة.

ساعة واحدة كانت كفيلة، لتحويل حرف "الراء" الى  "لام"، وخروج الرئيس الخائف على حكومته والمحتار في أمره منذ شهر أمام تعنّت أصحاب النزال، ليعلن إتمام المصالحة والإفراج عن الحكومة التي كانت مقيدة بسلاسل قبرشمون.

"بعلامة النصر"، أي الإثنين، أجاب رئيس مجلس النواب نبيه بري على سؤال "من المنتصر؟".. قالها بري مستخدما لغة الجسد هذه المرة لدى خروجه من الإجتماع مبتسما. لم تظهر علامات البهجة على وجهه وحده، بل خرج الجميع مسرورا وراضيا عن ما وصل اليه الإجتماع.

إذا، وماذا عن رامي وسامر؟

ما دامت النهاية ستكون بهذه البساطة لماذا كان هذا التعطيل لمجلس وزراء كان يجب ان يجتمع بصورة استثنائية يوميا لتنفيذ رزمة الإصلاحات أمام هول الخطر الإقتصادي الذي يتهدد البلد.

وما الذي تغير؟ ما زالت الحلول تنتظر بيانات السفارات وتهديدات المجتمع الدولي المالية، ما من شيء تغير سوى ان التركيبة التي كانت تسوق السياسية سابقا أصبحت اليوم بحلة جديدة تحت مسمى "العهد".

ويبدو أن ما حدث في اللحظات الاخيرة من بيان السفارة الأميركية الى التهديد بخفض تصنيف لبنان المالي، كان يجب ان يحدث سابقا، لعلهم يتذكرون ويتنبّهون لكمّ الفضائح المالية التي انكشفت في الأيام الأخيرة والمتعلقة بالمال العام، فيتذكرون ان على هذه البسيطة شعب ينتظر قرارات لمجلس الوزراء تتعلق بحياته ومستقبله، بقوته وصحته.

لكن لا يهم لدى من يفاوض على الدم الاستقرار السياسي والأمني. هل كنتم بحاجة لشهر وأكثر لتكتشفوا أن البلاد اليوم بأمس الحاجة للإستقرار، ما دام القضاء ما زال ممسكا بزمام القضية في نهاية المطاف، والفاعلون سيحاسبون بحسب تعهداتكم.

الأسئلة كثيرة وقد لا تنضب، ما عاد الأمر يشكل مفاجأة ولا حتى صدمة. هذا لبنان، بلد التناقضات القائمة على التسويات ولو مات منه ألف زهرة.

نعم.. المصالحة ضرورية ولو كانت صورية، فالمختلفون أمس والمتصالحون اليوم عليهم أن يتقنوا فن الخلاف حتى لا نعيد تكرار تلك الأسئلة التي لن تكون يوما ذات أهمية أمام سؤال طفلة رامي وأهل سامر.. لماذا ومن أجل من ماتوا؟


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa