الغضب الأعظم آت... مطمر تربل "رصاصة عشوائية" تصيب قلب الشمال

13/08/2019 05:45PM

لا شيء يوحي أنّ ثمّة حلًا قريبًا سيضع حدًّا لتمدد "كارثة" مطامر النفايات العشوائية في لبنان. فبعد مطمر الكوستبرافا وبرج حمود، احتلت النفايات المتراكمة منطقة الشمال في أقضيتها الأربعة، الكورة وبشري وزغرتا والمنية والضنيّة. 

أزمة النفايات في الأقضية الشمالية بدأت منذ إقفال مكب عدوة في شهر نيسان الماضي مما أدى إلى تكدس النفايات على أطراف الطرقات، وتحولت بذلك تلك الأقضية إلى بؤرٍ من المكبات العشوائية. وكالعادة جرى التوافق على اعتماد المطمر العشوائيّ  كحل مؤقت لهذه المصيبة. 

الحلّ وُجد في إحدى عقارات جبل تربل، ليكون مطمرًا بديلًا من عدوة، وذلك بعد اللقاء الذي جمع  وزير البيئة فادي جريصاتي مع محافظ الشمال رمزي نهرا ورؤساء اتحادات بلديات الضنية والمنية وزغرتا والكورة وبشري،حيث أعلن جريصاتي أنّ الموقع سيكون "باركينغ" إلى حين إنجاز مشروع المطمر، واصفاً إياه بحلّ عابر للطوائف ولكل المذاهب، ما يعني أنّ "الاعتراض عليه ممنوع"، من هنا انطلقت نقطة الخلاف التي انفجرت بوجه "الحلّ" وجعلت منه تعجيزيًا.

"مشروع" جريصاتي لاقى غضباً شعبياً من أبناء تربل والمناطق المحيطة، وتحديدًا من أصحاب المشروع السياحي المعروف بـ "الميرادور" في تربل باعتبار أن المطمر مشروع كارثي على المنطقة، وهو بمثابة إطلاق رصاصة قاضية سياحيًا وسكنيًا، ولما له من تأثير على خزانات المياه الجوفية لتي ستصبح مهددة بالتلوث. 

هذا الرفض، تضاعف بعد ما نشر الخبير الهيدروجيولوجي سمير زعاطيطي تقريراً يبيّن أن المكب سيضع نفايات غير مفروزة على سطح صخور كربوناتية ذات نفاذية عالية لتسريب المياه السطحية، ونفايات حاوية لكل أنواع السموم والمعادن الثقيلة والمواد العضوية، مما سيشكل مجزرة بيئية حقيقية بحق المخزن الجوفي وكل الآبار الاستثمارية العامة والخاصة المحفورة والمستثمرة، لا سيما آبار طلعة القبة.

هذه الفورة الشعبية اقترنت بدعم سياسي "مشبوه" كما وصفه البعض، مما أدى إلى تجاذات سياسية واحتقان بين أبناء تربل والمناطق المجاورة ، وهو الامر الذي دفع برئيس الحكومة سعد الحريري إلى الاتصال بجريصاتي وجعل مشروع مطمر تربل " مع وقف التنفيذ".

قرار الحريري الفُجائي يرسم عدة أسئلة حول الموقع البديل من تربل والحلول المرتقبة من قِبل وزارة البيئة، وفي هذا السياق يؤكد العضو في لجنة  متابعة مكب تربل جورج وهبه أن "اعتراض أهالي تربل مستندة على دراسة علمية موثقة ومبنية على معلومات ووثائق معتمدة على المسح الجيولوجي الفرنسي ودراسات الـ"NDP" والأمم المتحدة بينما الوزارة اعتمدت على دراسة لشركة مقاولات لا تتضمن أي تقرير جيولوجي أو هيدرولوجي". 

وفي حديث للـ"السياسة" يلفت وهبه إلى أن "تقرير الشركة الضامنة يتناقض كلياً مع قوانين وزارة البيئة، إذ ان الدراسة المعتمدة للشركة تتضمن إنشاء مطمر على ارتفاع 600 متر إلا أن قانون وزارة البيئة ينص على ارتفاع المطامر إلى 300 متر كحد أقصى،   إضافة إلى أن التقرير ينص على ضرورة أخذ موافقة وزارة البيئة بعد كشفها على نسبة الضرر البيئي الذي يمكن أن ينتجه المطمر وبالتالي العملية غير سارية ضمن أطرها القانونية". 

" على الدولة ايجاد حل جذري ومستدام لمشكلة النفايات"، يقول وهبه، الذي يشير إلى أن "الاتهامات التي تطال أهالي الشمال حول عدم تحركهم تجاه مشكلة مكب عدوة سابقاً هي حجّة للتهرب من المسؤولية". كما يشدد على أن "تلوّث المياه الجوفية في المنية هي نتيجة استمرار تكديس النفايات في مكب عدوة وبالتالي فإن تكرار الفاجعة السابقة اليوم عبر مطمر تربل سيؤدي إلى تلوّث شريحة شاسعة من المناطق الشمالية". 

ويستنكر وهبه إصرار الدولة على اعتماد نهج المركزية وتجميع نفايات الأقضية الأربعة في الشمال في مكب واحد غير قادر على استيعاب كمية هائلة من النفايات وغير مهيأ بمعامل فرز مطابقة للمواصفات أو ببنى تحتية قادرة على استيعاب هذه الكارثة".

"تربل لن تتحمل أعباء غيرها والمطمر لن يمرّ مرور الكرام"، يشدد وهبه، الذي يؤكد أن " الحلّ يكمن في تطبيق اللامركزية وسعي كل قضاء لايجاد  حلّ جزئيّ لمشكلة نفاياته إلى أن تجد الوزارة حلول علمية ومستدامة قادرة على إنهاء مشكلة النفايات".


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa