الجلاّدون كُثر والضحية واحدة... "المرأة"

18/08/2019 08:17AM

لبنان... بلد التغيّرات والمستجدّات "الدرامية".

المرأة... الحلقة الأضعف في عالم عربيّ من "زجاج". 

لا تنته الأخبار في لبنان، وأغلبها سيئة بل كارثية، تستيقظ على مصيبة وتنام على أخرى لها نكهة لبنانية خاصّة، ترتبط بملفاته العالقة منذ سنين وبشعبه المذلول منذ عقود. إلاّ أنّ أخبار تعنيف النساء وضربهن في الشارع دون اي رادع ضدّ المرأة تتصدّر الواجهة في الآونة الأخيرة، فحادثة تلو الأخرى، وجريمة غامضة تلو الأخرى.

العنف ضد النساء ظاهرة مجتمعية تنتشر في مختلف دول المعمورة من ضمنها البلدان العربية والإسلامية، ما يؤدي إلى خلخلة عنصر مهم داخل المجتمع، عن طريق تعنيف وتهميش المرأة، التي تشكل نصفه، وتساهم في تكوين النصف الآخر.

الا ان وتيرة تعنيف النساء في لبنان ارتفعت في الفترة الأخيرة على الرغم من إصدار قوانين وحملات تستهدف محاربتها والحدّ منها، لتصطدم بذهنية المجتمع التي ترتكز على سلطة الرجل، مقابل خضوع وخنوع المرأة.

في أقلّ من شهر، سيناريوهات صادمة وقعت في لبنان وكشفت مدى ضعف المرأة وقلة حيلتها رغم تقدّم العالم والفكر.

البداية مع وفاة السيدة رنا بعينو، التي من المرجّح أن تكون قُتلت على يد زوجها، ليعتقد الانسان للوهلة الأولى أنّ القتل بات محلّلاً، وهو الدواء لكلّ داء!

من جهة أخرى، وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر القصاص الرادع لكل معتدٍ تسول له نفسه الاعتداء على قاصر، جاء القرار الصادم الذي أصدرته هيئة محكمة الجنايات في بعبدا بحق مغتصب لقاصر حملت منه وأنجبت طفلة، فحكمت عليه بعقوبة السجن لمدة سنة وأنزلتها تخفيفا الى الإكتفاء بمدة توقيفه.

ثم انتشر فيديو لعنصر قوى الأمن يضرب سيدة في علما تعترض على إنشاء مطمر تربل، ليتبيّن لاحقًا أنها شقيقته، وبدأت التبريرات تنهمر من كلّ مكان.

لم تنته السبحة بعد، إذ انتشر في الأيام الماضية تسجيل صوتي يوثّق تعرّض امرأة عضو في بلدية صربا الجنوبية للإهانات والضرب على يد رئيس البلدية. لتلي الحادثة أعذار وقصص وحكايات، ولكن مهما كانت الأسباب فهل ضرب امرأة هو الحلّ؟

 أمّا بعد، فيديو لرجلٍ يضرب زوجته في السيارة، ضربا مبرحًا، لأسباب لم تظهر إلى العلن، إنّما صراخ المرأة من شدّة الضرب لم يُخفَ على المارّين من هناك في تلك اللحظات العصيبة.

حتى اللحظة هذه آخر الأحداث، إنّما للغد أحداث جديدة، والمضحك المبكي في الموضوع، أنّ لا المحاكم تنصف المرأة  ولا الدولة تقف إلى جانبها في المحن، فمن كلّ الجهات، الضحية واحدة والجلاّدون كُثُر.

أمّا في ما خصّ القوانين، حدّث ولا حرج، ففي الأول من نيسان 2014، أقرّت الهيئة العامة للمجلس النيابي اللبناني "قانون حماية النساء من العنف الأسري"، وفي شهر تشرين الثاني من العام 2018 تقدّم 10 نوّاب باقتراح قانون يرمي الى تعديل القانون 293/2014 المتعلق بحماية النساء وسائر افراد الاسرة من العنف الاسري. ولكن بتعديل أو بغير تعديل، فهل هذا القانون يُطبّق؟

والغريب في الموضوع ان قلة قليلة تلاحقه، والحكومة لا تعطيه ولو حيّزًا صغيرا في جدول أعمالها، وربّما لامبالاة رأس الهرم تبرّر نوعًا ما "فلتان" قاعدته أي الشعب. فحين يعلم الانسان أنّ لا ضوابط ولا عواقب لأعماله، لا شيء يردعه عن تفجير غضبه "السخيف" من المرأة بأبشع السبل وأكثرها إجرامًا وخبثا.

والخوف الأكبر اليوم، أن يصبح تعنيف المرأة موضة "طبيعية" يسكت عنها الجميع. فيزداد البلد تخلّفا بدلا من مواكبة التطوّر الفكري الذي يطرأ على العالم. ويصبح حق المرأة بحياة كريمة في خبر كان، وتعنيفها "حلال".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa