بعد كلام عون.. الإستراتيجية الدفاعية الى أجل غير مسمى !!

21/08/2019 04:36PM

عاد سجال الاستراتيجية الدفاعية الى الواجهة من جديد. هذا الملف الذي يشكل نقطة خلاف جوهرية بين الفرقاء السياسيين لجهة فحواه وطريقة تطبيقه والأسس التي سيستند عليها.

ومنذ طاولة الحوار الأولى بعد حرب تموز عام 2006،  وهذا الملف يؤجل من عام الى آخر. فالمنكافات السياسية ومسلسلات التعطيل للمؤسسات على كل صغيرة وكبيرة وعند كل استحقاق، "ما تركت للصلح مطرح"، إضافة الى الاوضاع الإقليمية التي كانت ملتهبة طوال الفترة السابقة.

الخلاف والإختلاف في وجهات النظر حول مضمون الاستراتيجية نابع من أن فريقا يرى ان لا دخل للبنان بما يجري حوله وعليه بالتالي اتخاذ الاجراءات الكفيلة بحماية سيادته فقط وحماية الشرعية فيه التي ستكون منقوصة بوجود سلاح خارج إطار التصنيف المؤسساتي والشرعي.

فيما يرى الفريق الآخر، وعلى رأسهم "حزب الله" أن لبنان غير منفصل عن محيطه ولا يمكن تحييده بشكل كامل عن ما يجري في الإقليم لارتباطات عدة متعلقة بالجغرافيا أولا وبسياسة الردع ثانيا التي يجب أن تتطور يوما بعد يوم لما لها من تأثير على استبعاد اي اعتداء محتمل من قبل العدو الاسرائيلي تحديدا. يضاف الى ذلك، ومع الإحترام الفائق لتضحيات الجيش اللبناني، فإن هذا الفريق يرى أن امكانياته ضعيفة لتشكل حالة الردع المطلوبة وأن تسليحه بالشكل المطلوب يكبّد الدولة اموالا طائلة، هذا إن وجد من يسلح، ففي حقيقة الامر ما من دولة تريد تسليح الجيش بصورة فعالة حفاظا على أمن "اسرائيل".

لكن بصورة عامة وعلمية فإن البحث في الإستراتيجية الدفاعيّة لا يمكن أن يتم إلا من منظار إقليمي، وآخر دولي أوسع ، ولا يمكن ذلك إلا بدراسة الجيوبوليتيك اللبنانيّ، حيث لا يتم إهمال العامل الجغرافي، لمعناه السياسي الذي لا يمكن إغفاله، على اعتبار أن لبنان كان ولا يزال ساحة تصفية للحسابات، ويشكل نقطة تلاقي خطيّ الاندفاع والتمدد في الوقت ذاته من جهة إسرائيل أو من جهة سوريا. فضلا عن ان اسرائيل تعتبر ان جبهتها الشمالية، اي لبنان، تشكل خطرا مصيريا بوجود "حزب الله" تحديدا في هذه الجبهة وتمتعه بامتداد اقليمي سوري – إيراني، وحتى إقليمي على خط روسيا. وهذا الإرتباط الإقليمي سيكون حكما له ارتباط بما قد يأتي به الرئيس الأميركي من إستراتيجيات جديدة للمنطقة.

بالأمس، بضع كلمات تلفّظ بها رئيس الجمهورية ميشال عون حول الإستراتيجية الدفاعية أعادت خلط الاوراق من جديد، وربما أظهرت الى العلن صراع بين الرئاسات على مستوى التفويض بإدارة الملفات الاكثر حساسية.

"لقد تغيرت حالياً كل مقاييس الاستراتيجية الدفاعية التي يجب أن نضعها. فعلى ماذا سنرتكز اليوم؟ حتى مناطق النفوذ تتغيّر. وأنا أول من وضع مشروع للاستراتيجية الدفاعية. ولكن هل لا يزال صالحاً إلى اليوم؟ لقد وضعنا مشروعاً عسكرياً مبنياً على الدفاع بعيداً عن السياسة، ولكن مع الأسف مختلف الأفرقاء كانوا يتناولون هذا الموضوع انطلاقاً من خلفية سياسية". هذا التصريح من قبل الرئيس عون كان كفيلا بدغدغة حفيظة البعض لا سيما "تيار المستقبل" ، باعتبار أنه يشكل تراجعا عن ما كان قد وعد به عون منذ اللحظات الاولى لاستلامه الرئاسة. "المستقبل" رسم علامات استفهام حوله لاسيما وأن المعني الأول بالمسألة أي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد اعلن مرارا استعداد الحزب لبحث الاستراتيجية الدفاعية.  

والى جانب التوضيح الذي صدر عن رئاسة الجمهورية، فإن أوساط التيار الوطني الحر ترفض اعتبار كلام عون تراجعا أو حتى ترحيلا لملف الإستراتيجية الدفاعية، وتؤكد على أن ما قاله ليس الا توصيفا للواقع الذي باتت عليه المنطقة ككل والتغير الحاصل على مختلف الأصعدة نتيجة الحروب المدمرة التي شهدتها دول الشرق الاوسط في السنوات العشر المنصرمة. وبالتالي فإن العونيين يؤكدون ان الامر ليس تخليا عن هذا البحث إنما الامر أصبح بحاجة الى تحديث وتقييم جديد وفق المتغيرات التي طرأت على الساحة.

وعلى المقلب الآخر لموقف رئيس الجمهورية، كانت مواقف لرئيس الحكومة سعد الحريري أطلقها من واشنطن قبل عودته إلى بيروت، من خلال حديث الحريري عن القرار 1701، وترسيم الحدود، وطرح الأميركيين معه ملف الاستراتيجية الدفاعية، في التوقيت الذي يدير رئيس مجلس النواب نبيه بري ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية منذ مدة وفق الشروط اللبنانية.

هذه المواقف، دفعت بالبعض الى اعتبار موقف الرئيس عون رد على كلام الحريري والأميركي على حد سواء، ومفاده أن الجهة المخولة التفاوض في هذه الملفات هي الرئاسة الأولى. ما يعكس استمرار التجاذبات بين القوى السياسية تحت سقف التسوية الرئاسية. ما يدفع كل طرف الى تعزيز موقعه في علاقاته الدولية مع مراعاة هذه التسوية.

وبغض النظر عن المسار السياسي الجديد الذي أراد عون رسمه سواء لجهة غمزه من ضرورة

شمول الاستراتيجية الدفاعية مسألة محاربة الإرهاب لاسيما وأن "حزب الله" يعد الطرف الأساسي الذي حارب الإرهاب إلى جانب الجيش وبالتنسيق معه. يبقى المهم والاهم  من كل ذلك الإستحقاقات المالية والإقتصادية ونفق محاربة الفساد.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa