جعجع: المحظور وقع ولبنان بحاجة الى حكومة جديدة متخصصة

05/12/2019 06:55PM

اعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أنّ "المحظور قد وقع، وأصبح لبنان وسط عاصفة الإنهيار المالي والإقتصادي، وذلك بعدما كانت بوادر ومؤشرات هذا الانهيار واضحة منذ فترةٍ طويلة، ولكن من دون ان تُبادر الأكثرية الوزارية الى اتخاذ اي خطوةٍ اصلاحية جديّة في الاتجاه الصحيح، لا بل امعنت في سلوكها السابق مُسرّعةً من عجلة الانهيار". وقال: "الحكومة التكنوسياسية التي تطرحها قوى السلطة اليوم ما هي الا حكومة لون واحد، والمطلوب اليوم حكومة تعمل وفق خلفيات علمية واقتصادية ووفق اسلوب جديد يتميّز بالنزاهة والكفاءة والموضوعية". 

وفي مؤتمر صحافي عقده بعد الإجتماع الدوري لتكتل "الجمهورية القوية" النيابي، لفت جعجع إلى أن "الكارثة الاقتصادية الاجتماعية التي حلّت، لطالما حاولنا تنبيه القيّمين على مقدرات البلاد منها، من دون ان نحصد بالمقابل سوى التجاهل والاتهامات والتهميش والتخوين والاستبعاد".

وأضاف: " ما كان بالإمكان تداركه بالقليل من الخطوات الاصلاحية والمبادرات السياسية، بات اليوم يلزمه عملية إنعاش فورية، وخطة انقاذية ثورية جبارة تحاكي اجواء الثورة وروحيتها وتستجيب لمطاليبها، بعيدا عن نهج المكابرة ومنطق المحاصصة العقيم، الذي كان السبب في إيصال الأوضاع الى ما وصلت اليه اليوم".

ورأى جعجع أنّ "اللبنانيين صبروا دهراً على سلوك أولياء الأمر املاً في تصحيح الأداء باتجاه اعادة النهوض بلبنان ووقف مسار الشلل والفساد والاهتراء".

وتابع: " كان كلما ازداد اللبنانيون صبراً كلما ازدادت هذه السلطة تعنتاً وإنكاراً واستعلاءً وكفراً، حتى ملّ الصبر من صبرهم وتوسّلوا الثورة سبيلاً وحيداً لوقف هذا الكفر والعبث. فالثورة هي النتيجة الطبيعية لإفلاس هذه السلطة، بعدما ادّت وتؤدي دورها غير مشكورةٍ في إفقار شعبها وافلاسه".

وقال: " ايها اللبنانيون، لم يتكبّد الشعب مشقّة النزول الى الطرقات وافتراش الأرصفة والساحات، إلا لأن الحصول على لقمة عيشه البديهية بات اكثر مشقّة. لم تؤمن الناس بالثورة الا لأنها كفرت بالواقع القائم في ظل طبقةٍ حاكمة انتهازية مكابرة تتحكّم بمفاصل النظام السياسي، وبمقدرات البلاد واعناق العباد من دون اي وازعٍ اخلاقي او وطني، وفي ظل منظومة محاصصةٍ تأتي بالأكثر استزلاماً لا بالأكثر نزاهةً أو كفاءة او استقامة".

وأردف: "في استعراضٍ سريع لواقع الحال في لبنان اليوم نجد من جهة؛ مؤسسات تجارية وصناعية وسياحية وفندقية تقفل ابوابها وتصرف المئات من موظفيها كل يوم، وفي افضل الأحوال تقتطع لهم نصف راتبهم او اكثر لكي تحاول تأجيل إقفالها اطول فترة ممكنة، فرص عمل معدومة، ازمات معيشية تتهدد المواطن في كل لحظة".

وتابع جعجع: " من ازمة المحروقات لازمة الرغيف والدواء والاستشفاء وازمة المعلمين والمؤسسات التربوية وازمة الدولار والسيولة، وازمة ثقة غير مسبوقة داخلياً ودولياً بالسلطة الحاكمة وسياساتها، استثمارات متوقفة ورؤوس اموال هاربة، اسواق ومحلات تجارية خلت من زبائنها المعتادين في مثل هذه الفترة من كل سنة".

وأضاف: " نجد ايضاً تصدّع النظام المصرفي الذي تميّز به لبنان طيلة عقود، مواطنون عاجزون عن سحب مدخراتهم وجنى اعمارهم من المصارف، تفشي السوق السوداء للدولار في ظل إصرار السلطة على إنكار واقع التضخم المالي الكبير".

وقال: " نجد غلاء فاحش في الأسعار وفقدان اللبنانيين لأبسط مقومات امنهم الاجتماعي الاقتصادي وتراجع قدرتهم الشرائية لحوالى النصف حتى الآن وصولا للفقر المدقع الذي دفع بناجي الفليطي وداني ابي حيدر وآخرين لوضع حد مأساوي لحياتهم، بيئة فاسدة ملوثة بالصفقات المشبوهة مع ما تستجلبه من امراض مستعصية".

وتابع جعجع: " ملايين اللبنانيين متروكين في الشوارع منذ 50 يوماً من دون ان يرّف للسلطة السياسية جفن، جيش وقوى امنية مُستنفرة ومنتشرة في الشوارع بعيداً عن عائلاتها واولادها لدرجة الإنهاك والاستنزاف من دون ان ترأف السلطة المستبدّة بحال هؤلاء العسكريين المهددين كل يوم بانقطاع رواتبهم، والذين بالمناسبة نُحييّهم أكبر تحيّة على جهودهم في حفظ الأمن والاستقرار ومنع التعديّات على المواطنين والأملاك".

واعتبر جعجع أننا "نرى الوجوه ذاتها بالعقليات نفسها والسلوكيات اياها تطمر رؤوسها في الرمال وتتصرف كأن شيئاً لم يكن: منذ اللحظة الأولى وجماعة السلطة تحاول الالتفاف والتذاكي على الناس".

وأضاف: " آخر هذه المحاولات تجري فصولها اليوم، إذ بعد خمسين يوماً على الانتفاضة الشعبية السلمية والمطالبة بحكومة إنقاذ، حكومة جديدة قولاً وفعلاً من خلال اخصّائييين مستقلّين، تحضّر جماعة السلطة لتركيب حكومة، أوّلاً قسم منها فقط أخصائيون، والباقي سياسيون. وثانياً حتّى الأخصّائيون فيها لن يكونوا مستقلّين بل مجرّد مستشارين تقنيين للمجموعة الحاكمة نفسها، بمعنى أنّ قرارهم الفعلي سيكون عند نفس المجموعة التي كانت هي في أصل خراب البلاد".

ووصف جعجع "ما يجري اليوم هو قمّة انعدام الإحساس مع الناس واللامسؤولية، هو قمّة خداع الناس والاستمرار تماماً بنفس النهج الذي كان سائداً، ولو بوجوه جديدة شكلاً، قديمة ممارسةً وأسلوباً".

وقال: " يتحدثون عن حكومة تكنوسياسية وعن ممثلين للحراك في محاولة لتقزيم المبادىء العامة للثورة ومطالبها الاقتصادية والمعيشية المحقة، وكأن مشكلة الثورة والحراك هي مشكلة حصص او تمثيل وزاري داخل السلطة او شراكة بين الثورة وبين من تثور عليهم؟ ومن يمكنه ان يدعي تمثيل الثورة والنطق بإسمها اصلا؟".

وتابع: " لقد اجمعت كل الآراء على ان لبنان بحاجةٍ اليوم الى حكومة جديدة غير تقليدية يفتتح لبنان معها عهداً جديداً بعيداً عن الحكومات السابقة التي ادّت الى نشوء هذا الواقع، سواء دُعيت في السابق حكومات وحدة وطنية، او حكومات توافقية، او حكوماتٍ ميثاقية، او حكومات اكثرية واقلية".

واعتبر جعجع أنّ " الحكومة التكنوسياسية التي تطرحها قوى السلطة اليوم ما هي الا حكومة لون واحد، لأن الأخصائيين فيها هم مجرد ديكور للقوى السياسية ذاتها التي تعمل وفق خلفيات سياسية ومصلحية وفئوية والتي افقدت لبنان ثقة الناس به داخلياً وخارجياً".

وشدد جعجع أن "المطلوب اليوم حكومة تعمل وفق خلفيات علمية واقتصادية ووفق اسلوب جديد يتميّز بالنزاهة والكفاءة والموضوعية والتجرد ويُعيد الى لبنان الثقة المفقودة". وأضاف: " المطلوب اليوم حكومة متخصصة، مستقلة بالكامل عن أطراف السلطة، يأتي الوزراء اليها لا ليعملوا بخلفياتٍ سياسية او عقائدية او مناطقية، وإنما بخلفياتٍ علمية موضوعية، ويأتون اليها لا لتعصف بها رياح التعطيل والمناكفات السياسية والحرتقات الانتخابية السابقة".

وتابع: " الوضع الاقتصادي المعيشي في مكان، وقوى السلطة تتصرف وكأنها تعيش على المريّخ، لبنان ينهار بالكامل وقوى السلطة ذاتها ما تزال مُصرّة على محاولة صرف اكثريتها النيابية الدفترية في السلطة التنفيذية فيما الأكثرية الشعبية باتت في الموقع المقابل تماماً".

وأضاف: " ويسألونك بعد لماذا الشعب يثور، ثم يخبرونك بعد عن مؤامراتٍ خارجية وسفارات تقف خلف الثورة؟ ان سلوك السلطة الحاكمة كفيلٌ لوحده بإشعال اضخم الثورات من دون منّةٍ من اي سفارة او اي جهة اخرى".

وختم جعجع: "ويلٌ لأمةٍ سائسها ثعلب وفيلسوفها مشعوذ وفنّها فن الترقيع والتقليد. ويلٌ لأمةٍ حكومتها حكومة التقليد والترقيع واعادة استنساخ القديم من جديد. صحيح ان ليل الوطن حالك لكن فجر لبنان الجديد الذي يحلم به الثوار سيبزغ من جديد، صحيح ان الماضي والحاضر صنعته طبقة غير مسؤولة بغالبيتها، اوصلت الوضع الى ما هو عليه الآن، لكن لبنان المستقبل ستصنعه سواعد الثوار، وبطولات اجيال المناضلين والمقاومين، وستزهر تضحياتهم غدٍ أفضل".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa