دولار السوق فالت وإيران تستغلّ الانكفاء العربي

18/02/2020 07:05AM

إذا كانت زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني لبيروت وجولته على الرؤساء الثلاثة والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله تصدّرت المشهد السياسي لكونها الزيارة الأولى لمسؤول أجنبي للبنان منذ تأليف الحكومة الجديدة ونيلها الثقة وما يرتبه توقيتها ومضمونها من تداعيات غير مريحة للبنان، فإن ذلك لم يحجب أولوية الهموم المالية والاقتصادية، خصوصاً في ظلّ الترقّب السائد للقرار الرسمي حول تسديد الدفعة المقبلة من "الأوروبوندز" في 9 آذار أو عدم تسديدها. وفيما تترقب الاوساط الاقتصادية والمالية والشعبية جولة المحادثات المهمة والبارزة التي سيجريها لبنان مع بعثة من صندوق النقد الدولي ابتداء من الخميس المقبل، تفاقمت المخاوف من اشتداد مظاهر الأزمة المالية والاقتصادية مع اندفاع سعر الدولار في الأسواق ولدى الصيارفة أمس نحو سقف قياسي جديد اخترق فيه عتبة الـ2500 ليرة لبنانية الأمر الذي شكّل مؤشراً مقلقاً أثار حالاً من البلبلة الواسعة.

وذكر ان النيابة العامة المالية تحركت واطلعت من جمعية المصارف ونقابة الصيارفة على مجريات الامور واسباب الارتفاع المطرد لسعر الدولار في الاسواق المالية، في حين بدا واضحاً ان المناخات المقلقة الناجمة عن فترة تتسم بالغموض الشديد حيال الاجراءات التي ستقدم عليها الحكومة في ما يتعلق بالقرار المفصلي حول الديون من جهة والاجراءات الجديدة التي سيتخذها مصرف لبنان لتنظيم المعايير وتوحيدها حيال اموال المودعين وعمليات السحب قد زادت الحمى المتصاعدة في البلد وفاقمت المخاوف في ظل رواج الشائعات وضياع الحقائق الموضوعية المتصلة بمصير الودائع. وما زاد الامور اضطراباً ان القوى السياسية نفسها المشاركة في الحكومة تساهم في اذكاء المخاوف من اتساع مسالك الازمة المصرفية والمالية بفعل المواقف المتناقضة التي تطلقها وتدلل على انعدام وجود استراتيجية موحدة في ما بينها من شأنها ان تساعد الحكومة على التعجيل في وضع الخطط الفورية والمتوسطة المدى للازمة كما تعهدت في بيانها الوزاري.

في غضون ذلك نقلت"رويترز" عن مصدر مطلع أن فريقاً من خبراء صندوق النقد الدولي سيبدأ مشاورات مع الحكومة اللبنانية في بيروت الخميس، في الوقت الذي يسعى البلد المثقل بالديون إلى مساعدة من الصندوق في التعامل مع أزمة مالية كبيرة.

وطلب لبنان رسمياً مساعدة تقنية من صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي. ويقول الصندوق إن لبنان يطلب مشورة لمساعدته في تنفيذ إصلاحات لاستعادة الاستقرار والنمو، وإنه لم يطلب أي مساعدة مالية.

وعقد رئيس الوزراء حسان دياب مساء أمس اجتماعاً مطولاً في السرايا بعيداً من الاعلام مع ممثلين للبنك الدولي تناول البحث خلاله الازمة المالية التي تعانيها البلاد في ظل رؤية البنك الدولي لهذه الازمة وتصوراته للمخارج الممكنة ومجالات التنسيق بين لبنان والبنك الدولي في هذا المجال.

كما دعا رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان، إلى اجتماع للجنة قبل ظهر الخميس يشارك فيه وزير المال غازي وزني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير. وافيد ان "استحقاق الاوروبوندز يحضر بندًا رئيسًيا في الإجتماع، في سياق السعي للتوصل الى القرار الأسلم الذي يجب أن يتخذه لبنان الرسمي في شأن هذا الاستحقاق المالي، بما يخدم مالية لبنان وسمعته والمودعين على حد سواء".

اما في المواقف السياسية من الازمة، فرد أمس رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله قائلًا: “الدعوة إلى تشكيل لجنة مشتركة بين جميع القوى للبحث عن حل للأزمة الاقتصادية هي محاولة للتهرّب من المسؤولية، فالقرارات مطلوبة من الحكومة ووحده “حزب الله” يمكنه الآن أن يوقف انهيار البلد، وهو قادر على انتشاله ممّا وصل إليه إذا نفّذ ثلاث خطوات". وأضاف: “على “حزب الله” نزع الغطاء عن حلفائه ومحاربة الفساد بالفعل لا بالقول فقط والانسحاب من مشاكل المنطقة ووقف تدخّله في اليمن وغيرها من الدول وتسليم سلاحه إلى الدولة اللبنانية التي عليها استعادة قرارها الاستراتيجي".

لاريجاني و"الدعم" الايراني

أما زيارة لاريجاني لبيروت، فاثارت مناخات حذرة للغاية في ظل المخاوف من الاستغلال الايراني للانكفاء العربي والغربي والعزلة التي لا تزال الحكومة الجديدة تعانيها وتسعى الى فكها عبر جولات يعتزم رئيسها حسان دياب القيام بها بعد تمهيد الاجواء لمحطاتها. وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ"النهار" إن اعلان النيات الذي اطلقه لاريجاني من بيروت عن استعداد بلاده لمساعدة لبنان يغلب عليه الطابع الدعائي من منطلق نظرة طهران الى بيروت كساحة لتوجيه الرسائل السياسية الى خصومها الاقليميين والدوليين والاعتداد بنفوذها من خلال "حزب الله" وهو الامر الذي لم يخف عن دلالات زيارة لاريجاني ومواقفه المباشرة والضمنية. وفي هذا السياق صرح لاريجاني في المؤتمر الصحافي الذي عقده في ختام زيارته لبيروت بأن "لبنان الشقيق بعد تشكيل الحكومة الجديدة استطاع أن يعبر مرحلة حساسة". وأمل "أن تتمكن الحكومة الجديدة من حل كل المشاكل والصعاب ونعرب عن كامل استعدادنا للتعاون معه". وأشار إلى أن بلاده "لا تخفي دعمها للمقاومة"، مؤكدا ن "المحادثات التي أجريناها اليوم مع المسؤولين اللبنانيين شملت كل سبل التعاون في مختلف المجالات الصناعية والزراعية والاقتصادية". وشدد على أن "حزب الله سند للشعب اللبناني ولولا وجود المقاومة لتجرأ لكيان الصهيوني على ارتكاب المزيد من الجرائم العدوانية بحق لبنان". وأجاب عن سؤال قائلاً: "نحن لا نسمح للدول أن تصنف حزب الله إرهابياً فالحزب إستطاع أن يتصدى للهجمات الإسرائيلية". وسئل عما اذا كان أي دعم ايراني للبنان قد يقفل الباب على دعم من الغرب، فأجاب: "نحن كبلد صديق للبنان نعرب عن كامل استعدادنا لدعمه في كل المجالات لكن لا نلزم أحداً هذا الأمر والشعب اللبناني ناضج ومقاوم".

وتطرق لاريجاني إلى ازمات لبنان، مبدياً استعداد بلاده للمساعدة، وقال: "لبنان يعاني حالياً مشكلة في القطاع الكهربائي وبإمكان لبنان الإستفادة من تقديمات إيران لحل المشكلة وكذلك في مجال الأدوية".

وفيما نقل لاريجاني دعوة متجددة من الرئيس الايراني الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لزيارة طهران، أوضح رئيس مجلس النواب نبيه بري ان لقاءه مع لاريجاني كان مثمراً على أكثر من مستوى. وردد بري امام زواره ان لاريجاني ابدى كامل استعداد بلاده لمساعدة لبنان في اكثر من حقل انمائي واقتصادي وان طهران تنتظر من الحكومة اللبنانية تلبية أي مساعدة تساهم في دعم الاقتصاد اللبناني والنهوض به. من جهة اخرى، شدد بري على اولويتين هما "الاوروبوندز" وملف الكهرباء، قائلاً إن الحكومة ستصل الى خلاصة لقرارها النهائي في موضوع "الاوروبوندز" قبل نهاية شباط الجاري.


المصدر : النهار

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa