عن كباش عون-عويدات

20/04/2021 09:00PM

كتبت صفاء درويش في " السياسة":

إنّها أكبر معارك العبور نحو الدولة. معركة أن يصبح للبنان جهاز قضائي لا منظومة تتكامل مع الفساد لتغطّيه وتبحث عن القوانين بين خبايات لتبريره. فملف تهريب الأموال إلى الخارج يكاد يوازي بأهميته ملف التدقيق الجنائي، لما فيه من حقائق دامغة في حال كُشفت وسلكت مسار المحاسبة القانونية الصحيحة، لتمكّن اللبنانيون من التأمّل من جديد أن ودائعهم قد تعود إليهم يومًا ما. 

المعركة بدأت قبل أربعة أشهر يوم اكتفى المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم بتوقيف عدد من الصرافين عاد وأخلى سبيلهم بموجب كفالات، دون التعمّق بالتحقيقات للوصول إلى ارتباطات الصرافين الأكبر، مع ادارات المصارف ومع حاكمية المصرف المركزي. هنا، قُدّم إلى المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون شكوى في هذا الخصوص، وهنا تحرّكت بناءً على معطيات لديها. 

في هذه الأثناء سادت حالة من الإمتعاض في صفوف مجلس القضاء الأعلى وخصوصًا لدى المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات. جرت عدد من المحاولات لثني عون عن متابعة التحقيق بالملفات، ورغم ختمها لشركة المكتّف بالشمع الأحمر، تبيّن وصول 3 مليون دولار من أحد البنوك لتحويلها إلى الخارج، ما فاقم من التحدي القائم.

وبعيدًا عن التفاصيل، وبعد عدم تمكّن عويدات من  سحب الملف من عون نتيجة أنّ الشكوى قدّمت إليها وباتت من واجبها التحرّك، لجأ عويدات إلى إصدار تعميم من قبله مقدمًا بموجبه على التدخّل بأعمال المحامين العامين في جبل لبنان خلافًا للمادة 12 من أصول المحاكمات الجزائية، التي تولي هذه الصلاحية إلى المدعي العام الإستئنافي في جبل لبنان حصرًا.

قبل اجتماع مجلس القضاء الأعلى للاستماع لعون، كان عويدات قد كلّف علي ابراهيم بمتابعة القضية، وهنا نكون أمام نقطتين أساسيتين:

الأولى تفسّر تكليف ابراهيم بأن عون لم تخالف القانون في ملاحقتها لمكتّف، وأنّ في حوزتها معطيات تدفع نحو التحقيق ونحو اتخاذ إجراء ات قانونية، وبالتالي لم تخالف في تحرّكها نحو شركة الشحن والصيرفة.

النقطة الثانية، وهي الأمر المريب في القضية، فعلي ابراهيم، أي المدعي العام المالي، لم يذهب حتى الساعة بأي ملف نحو خاتمة سعيدة، وتكليفه بأي ملف اليوم يعني أن المراد "تنييمه في الجارور" كما جرت العادة.

القانون إلى جانب عون، ولكن "الكترة بتغلب الشجاعة"، ولكن هل ترضخ عون لما حصل وتسلّم الملف؟

في الشكل لا يحق لمجلس القضاء الأعلى التدخّل بأعمال القضاء، فبحسب المادة 4 من قانون القضاء العدلي على مجلس القضاء السهر على حسن سير الأعمال في المحاكم وبالتالي ليس له الحق بالتدخل في صلاحيات القضاة، ويتوجب عليه الحفاظ على استقلالية الجسد القضائي.

قانونيًا يحق لعون المتابعة طالما الشكوى قدّمت أمامها، وسياسيًا هناك ما بات واضحًا بأن جهات ما لا تريد متابعة التحقيات بأي ملف من ملفات الفساد. وعليه، هناك فريق سياسي سيدعم عون بلا شك، كون تركها في منتصف الطريق يعني السكوت عن الحق في وجه معركة يقودها الباطل.

 في الإطار عينه، هناك غبن سياسي يشعر به التيار الوطني الحر بشكل كبير، اذ ان معركة استعادة الأموال المهرّبة من المصارف، وهي أموال اللبنانيين بجميع أطيافهم ومستوياتهم، لا يجب أن تكون معركة التيار وحده، ولكن يبدو أن حليف التيار الأشد يريد المحافظة على المسافة الواحدة التي اتخذها من الجميع، لا سيما في الملفات الشائكة والحساسة.

ليست غادة عون القضية، بل مكافحة الفساد واستعادة الأموال، ولأن شجاعة المرأة هنا وضعتها في المواجهة فوجب دعمها حتى الرمق الأخير، لا سيما وأن الإجراء ات القانونية هنا، تحمي الفاسدين لا تلاحقهم، فكيف السبيل نحو الضرب بقوة بسلاح الحق؟ 

أودى الفساد باللبنايين ليجدوا أن القانون أحيانًا كثيرة يقف في مواجهة الحق لا معه.



شارك هذا الخبر


Fatal error: Uncaught mysqli_sql_exception: Column 'ID' in order clause is ambiguous in /var/www/elsiyasa/new/newFunction.php:305 Stack trace: #0 /var/www/elsiyasa/new/newFunction.php(305): mysqli->query() #1 /var/www/elsiyasa/new/include/latestnews.php(2): getLatestArticlesNumHomeNew() #2 /var/www/elsiyasa/new/article.php(159): include('...') #3 {main} thrown in /var/www/elsiyasa/new/newFunction.php on line 305