تجربتي مع مسؤول شريف في دولة فاسدة...

24/05/2020 03:48PM

كتب ناشر موقع " السياسة" رامي نعيم: لم أُجِد مُذ تعلّمتُ الكتابة فنَّ المديح... في بيتِنا، حيثُ المبادئ تعلو ولا يُعلى عليها للمديحِ كُرهٌ، لم اعرف حتى يومنا أسبابه... حتى في مدحيَ القسريّ لمن لا يستحقّ رائحة خيانة الذات، أشتّمُّها قبل غيري واتقيّأ مفرداتي البالية. وفي وصفيَ اليوم تجربتي مع محافظ بيروت السابق القاضي زياد شبيب مصداقيّة المتصالح مع ذاتِه، والمُدرك دقّة ما يقول...

شاءت الظروف أن تكون اولى لقاءاتي مع شبيب في محطة الـ Mtv حيث كُنت رئيس تحرير نشراتها الإخبارية، وكان شبيب ضيفاً أساسيّاً ومصدراً موثوقاً لأي خبر يخصُّ بيروت بشكل خاص... وشاءت الظروف أيضاً أن أترك المحطة الأحب الى قلبي وأبدأ من جديد في تجربة اعلامية خاصة مع موقع السياسة... 

ومع التجربتين يكون عُمر صداقتي ب شبيب أكثر من ست سنوات ما يُجيز لي التحدّث عنه بلغة العارف...

بيروت يا سادة لن تخسَر محافظاً، بل انساناً جعل من رسالته في القضاء واقعاً خدماتياً بامتياز.. كنت أستطيبُ مجالستَه كل يوم جُمعة في المحافظة حيث يستقبل البيروتيين... رجلاً رجلا، امرأة امرأة... مسنّين ويافعين.. يأتونه واثقين بأن لا عودة خائبة.. كنت أخرج من مبنى المحافظة نهار الجمعة من كل أسبوع مثقلاً بالقيَم.. وكنت أطلب اليه أن يأذن لي بالكتابة عن ما يجري في ذلك اليوم فيرفض... لم يُرد شبيب أن يُعطي ويمنّن، أن يخدُم ويُغدقه الاعلام بالثناء... كان مُحافظاً حتى على سرية العطاء، مؤمناً بأن دوره مساعدة من هم بحاجة اليه وبأن الله الذي يُحب وضعه حيث هوَ لتأدية دورٍ ورسالة شريفة.

لا يقتصر المشهد على الجمعة... مع كل زيارة الى مبنى محافظة بيروت، كنت أتعمّق أكثر فأكثر بشخصية شبيب.. الموظّفون، من اداريين وحرس ومياومين، جميعهم في حالة سلام داخليّ... في مكتبه خليّة نحل، والجميع يجالس الجميع... يستقبل السياسيين والمواطنين بذهنية المسؤول وقلب الاب وعقلية القاضي... 

يتّصل به الزملاء والاصدقاء فيُجيب بلا تذمّر وتردّد.

لم يكن شبيب محافظاً عاديّاً في بيروت.. فمن ينسى يوم تجرّأ وأعاد اسم بولفار كميل شمعون بدلا من بولفار حافظ الأسد؟ قد ننسى نحن وقد تنسىون أنتم لكنّ السلطة الفاسدة والمرتهنة والمعيّنة لن ولم تنس!

لم يطلب مني زياد شبيب على مدى ست سنوات أن اتناول شخصية بقلمي... بل كان حريصاً على كتاباتي، وعلى مواقفي السياسية ايماناً منه بضرورة احترام وتقبّل الآخرين.

كنت وسأقولها اليوم بالفم الملآن، واثقاً أن السلطة السياسية لا تريد زياد شبيب محافظاً على بيروت...السلطة السياسية الفاسدة تكره أمثال شبيب، وتحاربهم... السلطة المدجّجة بالفساد تبحث عن مرتشين، مرتهنين، ضعفاء... أما شبيب القاضي العارف بالقانون وبما يدور في بال السياسيين فلا مكان له اليوم... 

ارتاحت السلطة من شبيب، لكنّها لن ترتاح من مدرسته التي أسسها في محافظة بيروت... ستبقى صورة شبيب في ذهن كل موظّف شريف، وسينتصر نهجه على منتهزي الفرص... أما بعد فما لا يقال عن تجربتي مع شبيب أكثر بكثير مما قيل، لكنّني على يقين أن الله يريده في رسالة جديدة وفي مكان آخر بحاجة الى اصلاح...


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa