دير الأمراء.. التاريخ والتراث القديم يجتمعان في فندق!

كتبت داني كرشي في "السياسة": 

لطالما لعبَ القطاع السياحي، في لبنان، دورًا مهمًّا على الصعيد الاقتصادي، إذ كان يؤمّن مردودًا لا بأس به للدولةِ اللبنانية، نتيجة تنوع النشاطات بين السياحة التاريخيّة، وسياحة الإصطياف والسياحة الشتويّة. والأمر يعود  طبعا إلى توافر عدد من المقومات الطبيعيّة والبشريّة.

والحال، أن هذا القطاع النشيط، يحتاج اليوم لأبناء بلده الأم، ليغذيه، ويعطيه النشاط، لإكمال المسيرة، الى حين انقضاء هذه الأزمة والعودة الى الحياة الطبيعة. 

وبما أن أزمة كورونا لا تزال، مستفحلة، في العالم أجمع، إذا كنت من عشاق السياحة والسفر، فإن السياحة في لبنان سوف تكون رحلتك المفضلة من دون شك. 

وعليه، إذا قمتم بزيارة قرى الشوف، وتحديدا بلدة دير القمر، لا بد أن تلقوا نظرة على الأوتيل الأثري والتاريخي: دير الأمراء. 

لمحة تاريخية!

التاريخ والتراث يجتمعان معًا في هذا المكان المميز، الذي يخوّلكم استكشاف الماضي والاستمتاع بالحاضر في الوقت نفسه.

هذا المكان التراثي صار اوتيلا بعدما مرّ عليه أكثر من مرحلة تاريخية. إذ تأسس دير الأمراء سنة ١٨٢٧ ليكون قصر الأمير بشير الثاني.  ثم بات مكتبا ومسكنا لمستشاره الرئيسي بطرس كرامة قبل أن يتم نفيهما سنة ١٨٤٠. 

لاحقا، تحول القصر ليصبح مدرسة داخلية، ثم مركزا إجتماعيا، من بعدها مدرسة رسمية، وأخيرا  صار اوتيلا ومطعما يستقبل اللبنانيين والسواح من كلّ أنحاء العالم.

أوتيل تراثي بحت!

على مدى سنوات، حافظ دير الأمراء على هندسته التراثية وديكوره المميز التاريخي. واليوم هو مثال حي عن تاريخ لبنان بكل تفاصيله وكل زاوية. حيث كلّ حجر "بيخبّر قصّة".  

وللحديث أكثر عن حاله، تواصل موقع السياسة مع القيّمين على هذا المكان الأثري. 

وفي هذا الإطار، تقول السيدة مارت البستاني إن "زوجها الراحل منذر البستاني كرّس آخر سنوات حياته لإحياء هذا المكان الأثري، حيث بدأ بإعادة اعماره، وتوسيعه على مدار سنتين. وقد حصلنا على رخصة من وزارة السياحة لتثبيت هذا المكان على لائحة الأماكن التراثية المهمة في لبنان، وذلك عام 2017". 

وتلفت البستاني، الى انه " منذ الافتتاح الكبير، حصل هذا الأوتيل على حقّه، حيث شهدنا حفلات أعراس بالجملة، عدا عن إقبال السوّاح الكبير، الذين يرغبون باكتشاف الشوف، ودير القمر، بمعالمهما التاريخية والثقافية". 

وعن المفارقة بين السنوات الماضية، والسنتين الآخيرتين في ظلّ الازمة الاقتصادية وجائحة كورونا، تشير السيدة مارت البستاني الى أن " الحال اختلف عندما أقفلنا الأوتيل نحو 8 أشهر بسبب الـ "Lockdown" لتفادي انتشار فيروس كورونا، فقد تراجعت الأوضاع. عدا عن ذلك الحالة اليوم جيدة نسبيا".

ووفق البستاني، ان "تهافت السُيّاح الأجانب انخفض بشكل كبير، إذ لم يتم استقبال العدد المعتاد من المجموعات الأجانب خلال هذه السنة. وذلك يعود لانتشار كورونا، وانتظار البعض لأخذ اللقاحات. وعليه بات الاتكال اليوم على الشعب اللبناني". 

وعن الأسعار، توضح السيدة مارت البستاني، أنّ "التسعيرة تختلف، بين الـ  "Low season" والـ "High season". ففي فصل الشتاء، تبدأ الأسعار من الـ900 ألف ليرة وما دون. أمّا في فصل الصيف، فتبدأ الأسعار من المليون ليرة لبنانية الى 550 ألف ليرة". وتجدر الإشارة، إلى أنّ الأسعار تُحدد حسب الغرف، حيث يوجد لديهم "Duplex"، "Suite"، "Grand Suite"، و"Standard". وكل غرفة فرشها يختلف عن الأخرى. 

وتشدد على أن "أسعارنا اليوم، منخفصة نسبيا عن باقي الأوتيلات والمنتجعات السياحية الموجودة في قرى وبلدت الشوف أو حتى في أنحاء لبنان. والحال، أننا اليوم لا نربح، ولا نخسر في الوقت نفسه، إنما نحن بموقع تدبير الأمور الضرورية لضمان استمراريتنا". 

الشعب اللبناني "بيكبّر القلب"!

عمليا، بات موسم صيف 2021 فرصة الإنقاذ الأخيرة لأصحاب المؤسسات السياحية في لبنان، في ظلّ تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد بعد وصول سعر صرف الدولار لأعلى مستوياته مقابل الليرة. 

وتعليقا على هذا الامر، تقول السيدة مارت البستاني: "الشعب اللبناني بيكبّر القلب".

 وتلفت الى أن "هذا الشعب على الرغم من الظروف التي يعيشها لا يزال يبحث عن الأماكن التي تُسعده وتزيل عنه مآسي يومياته الصعبة. والحال، أنه بدلا من السفر إلى الخارج، في ظل أزمة كورونا، يلجأ اللبناني اليوم، لاستكشاف بلده، وهو ما أعاد النشاط للسياحة الداخلية". 

وتختم: نحن اليوم كإدارة دير الأمراء نجهد بكل ما لدينا للاستمرار في عملنا. فهذا المكان التراثي هو أمانة زوجي الراحل منذر البستاني. وعليه، اتكالنا اليوم على المواطنين اللبناني، ليعطينا القوة لمواصلة العمل، علّنا نخرج من هذه الازمة الاقتصادية الشّاقة بأقل خسارة ممكنة".