غضب واستنكار في تونس بعد إصدار بطاقة جلب دولية ضد المنصف المرزوقي

06/11/2021 08:07PM

خلّف قرار إصدار بطاقة جلب دولية في حق الرئيس التونسي السابق ورئيس حزب حراك تونس الإرادة المنصف المرزوقي حالة غضب واسعة في تونس وأثار تساؤلات بشأن مدى محافظة القضاء على استقلاليته.

وكان مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس، قد أعلن أن قاضي التحقيق المتعهد بملف محمد المنصف المرزوقي تولى إصدار بطاقة جلب دولية في شأنه، على خلفية تصريحات اعتبرت تهديدا لأمن الدولة.

وفي 12 تشرين/ الأول أكتوبر، صرّح الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي في حوار مع قناة "فرانس 24" أنه سعى "لإفشال" عقد القمة الفرنكوفونية التي كان من المزمع عقدها في جزيرة جربة الشهر الحالي، معتبرا أن "تنظيمها في بلد يشهد انقلابا هو تأييد للدكتاتورية".

وعلّق حينها رئيس الجمهورية قيس سعيد على هذه التصريحات بأنه سيتم سحب جواز السفر الدبلوماسي من "كل من ذهب إلى الخارج يستجديه لضرب المصالح التونسية". وطالب سعيد وزيرة العدل بفتح تحقيق قضائي في هذه المسألة "لأنه لا مجال للتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".

وفي أول تعليق له على إصدار بطاقة جلب دولية ضده، دوّن المرزوقي من فرنسا على صفحته الرسمية على الفيسبوك بالقول: "هذا الدكتاتور الثالث الذي ابتليت به تونس يتجاسر على اتهامي بالخيانة! لا خائن إلا من حنث بقسمه وانقلب على الدستور الذي أوصله للحكم وورط البلاد في أزمة غير مسبوقة، وجعل من بلادنا مرتعا لبلدان محور الشر".

وتابع: "لذلك لن يخرج من قرطاج طال الزمان أو قصر، لا للإقامة الجبرية في بيته مثل بورقيبة، ولا فرارا للمنفى مثل بن علي، الأرجح للسجن أو مستشفى الأمراض العقلية".

خرق واضح للقانون

وفي تصريح لـ"سبوتنيك"، قالت الأمينة العامة لحزب حراك تونس الإرادة ومحامية المنصف المرزوقي، لمياء الخميري، إنها تلقت خبر إصدار بطاقة جلب دولية ضد موكلها من وسائل الإعلام وأنها لم تتلقَ أي إشعار رسمي أو استدعاء من المحكمة يثبت وجود بحث تحقيقي أو يدل على أن المرزوقي بغض النظر عن مركزه القانوني سواء كان متهما أو شاهدا مدعو إلى الحضور إلى العدالة.

وأضافت "بات واضحا أن مسلسل الانحراف بالإجراءات وخرق القانون والتعدي على السلطات واستئثار شخص واحد بها مازال متواصلا"، معتبرة أن إسداء رئيس الجمهورية تعليمات لوزيرة العدل أمام الكاميرا بفتح تحقيق يتضمن تعديا صارخ على السلطة التنفيذية والسلطة القضائية. ولفتت إلى وجود انحراف واضح بالإجراءات الجزائية التي تضمن الحدود الدنيا للمحاكمة العادلة.

وتساءلت الخميري" ما هي الرسالة التي يريد أن يرسلها الرئيس قيس سعيد من خلال الانحراف بالإجراءات بهذه الطريقة؟ خاصة وأنه يعلم جيدا أن صورة القضاء التونسي في الخارج مهزوزة إذ هناك عدة سوابق في عدم تسليم مطلوبين للعدالة التونسية بتعلة أنه لا يوجد قضاء مستقل، ومع ذلك يصر رئيس الجمهورية على أن يجهز على المعركة التي يقودها القضاة الشرفاء من أجل استقلالهم".

وأكدت الخميري أن:

حزب حراك تونس الإرادة قدم شكاية باسم المنصف المرزوقي من أجل فتح بحث تحقيق جدي حول ملابسات إصدار بطاقة الجلب وأيضا حول مقاييس السرعة التي يعمل بها القضاء التونسي.

وأضافت "هناك ملفات يتم تحريكها بسرعة البرق ويتم إصدار كل البطاقات المستوجبة، وملفات أخرى مقبورة في أروقة المحاكم منذ ما يزيد عن الثماني سنوات على غرار ملف الشهيدين شكري بلعيد والبراهمي والشهيد محمد الزواري وملفات فبركة الفيديوهات للمنصف المرزوقي"، معتبرة أن الاختلاف الواضح في سرعة الانجاز هو الذي يثير شبهات جدية وحقيقية في محاولة هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.

فضيحة تسيء لصورة تونس

من جانبه قال القيادي في حزب التيار الديمقراطي، محمد الحامدي، متحدثا لـ "سبوتنيك"، إنه من غير المعقول إصدار بطاقة جلب دولية في حق شخص مهما كانت صفته من أجل رأي أو تقدير سياسي.

وتابع "بغض النظر عن مدى اختلافنا مع التصريح السياسي الذي أدلى به المنصف المرزوقي فإن مسألة تجريمه وإصدار بطاقة جلب دولية ضده هي فضيحة لن تزيد إلا في الإساءة لصورة تونس في الخارج".

ويرى الحامدي أن البوليس الدولي " الإنتربول" لن يقبل بتفعيل بطاقة الجلب نظرا لعدم استيفائها للشروط اللازمة وتصادمها مع نطاق الإنتربول الذي لا يصنف الرأي السياسي كجريمة.

وأشار الحامدي إلى وجود نوع من التخبط والرجوع إلى مناخات ضرب الحريات والتضييق على الرأي واستهداف الخصوم باستعمال القضاء الذي بات يعمل وفقا لمزاج السياسي ويخضع لتوجهاته.

وأضاف "هذا الأمر لم يعد خافيا على الجميع خاصة وأن رئيس الدولة تحدث عن الموضوع في مجلس وزاري ودعا إلى مقاضاة من اعتبره يشوه صورة تونس في الخارج أو يتآمر عليها، في حين أن المرزوقي صرّح بما صرّح به في الإعلام وفي العموم، وبالتالي تصريحاته لا تدخل تحت طائلة التآمر والتخابر مع جهات أجنبية".

وطالب الحامدي بسحب بطاقة الجلب على اعتبار أنها تسيء لصورة تونس التي تعتبر الاستثناء الذي لم ينحرف إلى الاقتتال أو الحرب الأهلية في ثورات الربيع العربي، وعدم إهدار أو تبديد ما راكمه التونسيون من رأس مال رمزي جيد، متسائلا "ماذا سيبقى لتونس في الوضع الاقتصادي الصعب إذا ما تم تدمير هذا الانجاز الديمقراطي؟".

مساس بصورة القضاء

بدوره، دوّن رئيس الهيئة السياسية لحزب الأمل، أحمد نجيب الشابي، قائلا "إنها لوصمة في جبين الشعب التونسي وفي جبين الدولة التونسية أن تصدر بطاقة جلب دولية في حق مواطن من أجل جريمة رأي، فما بالك أن يكون هذا المواطن رئيسا سابقا للدولة التونسية، رمز إليها ومثّلها في المنتظم الدولي وسهر على أمنها وسلامتها، مهما كان موقفنا السياسي منه".

وأضاف لـ"سبوتنيك"، أن صورة القضاء التونسي ليست ناصعة في الخارج وأن إصدار قاضي التحقيق بطاقة جلب دولية ضد رئيس سابق للجمهورية من أجل تصريح عبّر فيه عن رأي أو موقف سياسي لن يزيد إلا في تعزيز الصورة السلبية للقضاء التونسي في المنتظم الدولي.

ولفت إلى أن الانتربول لن يتصرف بمفرده ويقبض على المرزوقي ويرسله في طائرة إلى بلده، لأن تحركه مرتبط بصدور قرار قضائي من فرنسا، مشيرا إلى وظيفة الانتربول تقتصر في مرحلة أولى على إشعار العالم بوجود شخص مطلوب في بلده.

وتابع "لا بد من احترام الإجراءات القضائية، علما وأن العديد من المحاكم في فرنسا واليونان رفضت تسليم مواطنين إلى السلطات القضائية في تهم أكبر بكثير من تلك التي وجهت للمرزوقي على غرار بالحسن الطرابلسي (صهر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي)".

وأشار إلى أن هذه المحاكم قالت بصريح النص أنها رفضت تسليم مواطنين لأن شروط المحاكمة العادلة لا تتوفر في القضاء التونسي، معتبرا أن هذا الأمر مؤسف وتتحمل مسؤوليته السلطة التنفيذية التي تستمر في توظيف القضاء لصالحها.


المصدر : سبوتنيك

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa