زيارة رئيس الجزائر لتونس.. "جرعة أكسجين" لسعيد وحديث عن رسالة للمغرب

16/12/2021 04:23PM

لأول مرة منذ انتخابه عام 2019، يزور الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تونس التي تعيش أزمة سياسية واقتصادية حادة، تزامنا مع علاقات متوترة بين المغرب والجزائر.

ويعتبر محللون أن هذه الزيارة تأتي لدعم الرئيس التونسي قيس سعيد في خلافاته السياسية الداخلية و"إنهاء عزلته الدبلوماسية"، على حد قولهم، فيما يشير آخرون إلى أنها تحمل في الوقت نفسه رسالة للمغرب.

ويقول المحلل السياسي الجزائري، عبد الرزاق صاغور، إن الزيارة "شبه عادية لأن العلاقات بين البلدين دائما ما كانت مثالية تشاركية وتوافقية".

"دعم سياسي ومعنوي"

وذكر صاغور لموقع "الحرة" أن الزيارة تأتي في "إطار دعم معنوي للرئيس سعيد الذي تعاني بلاده أزمة سياسية"، مضيفا: "هذه الزيارة ستعطي للرئيس التونسي جرعة أكسجين، لأنها ستشهد تقديم مساعدات مالية لتونس".

بدوره، قال المحلل التونسي كمال بن يونس إن الزيارة تحمل دعما سياسيا كبيرا لسعيد خاصة مع زيادة عدد معارضيه، وانخفاض مؤيدي قرارات 25 يوليو"، بالإضافة إلى أنها حملت دعم مادي قيمته 300 مليون دولار.

كانت الحكومة التونسية أعلنت، الثلاثاء، أنها أبرمت اتفاقا للحصول على قرض مالي من الجزائر بقيمة 300 مليون دولار.

وتواجه تونس أزمة اقتصادية خانقة في بلد لا تشجع حالة انعدام الاستقرار فيه المزمنة المستثمرين والمانحين، كما وصلت نسبة البطالة إلى 18,4%، بحسب فرانس برس.

كما يواجه اقتصاد البلاد صعوبات منذ 2011 ولم يتجاوز معدل النمو الاقتصادي 0,6% خلال السنوات العشر الأخيرة. كما ارتفعت نسبة التضخم إلى 46% وزادت الأزمة الصحية من تفاقم الوضع في البلاد وحرمته من إيراداته السياحية.

كما تعيش تونس أزمة سياسية حادة منذ قرارات سعيد في 25 يوليو بتجميد البرلمان وحل الحكومة، وهو ما اعتبرها البعض "انقلاب على الدستور".

والاثنين الماضي أعلن الرئيس التونسي مجموعة جديدة من التدابير الاستثنائية بمواصلة تجميد أعمال البرلمان حتى 17 ديسمبر 2022 وهو نفس التاريخ الذي ستجرى فيه انتخابات نيابية مبكرة، كما تنظم البلاد استفتاء حول "إصلاحات دستورية" في يوليو 2022. 

من جانبها، أكدت الرئاسة التونسية، الثلاثاء، أن هذه الزيارة تأتي "لتعزيز روابط الأخوة التاريخية وعلاقات التعاون والشراكة وترسيخ سنة التشاور والتنسيق القائمة بين القيادتين في البلدين حول القضايا الإقليمية والدولية الراهنة".

وقال سعيد، في المؤتمر الصحفي، مع تبون إن "العلاقات مع الجزائر تتطور باستمرار لتحقيق آمال الشعبين". 

بدوره، أكد الرئيس الجزائري أن بلاده حريصة "على دفع التعاون الثنائي في كل المجالات للوصول إلى اندماج اقتصادي متكامل بين البلدين"، مبينا أن البلدين وقعا "اتفاقات ثنائية لتعزيز التعاون الثنائي وتوسيعه".

رسالة للمغرب

بالرغم من أن الرئيسين لم يتطرقا إلى توترات العلاقات بين المغرب والجزائر، يرى المحلل التونسي بن يونس أن الزيارة قد تحمل رسالة للرباط، فحواها أن "تونس أقرب للجزائر منها للمغرب، وأن البلدين يتفقان في كثير من القضايا الإقليمية مثل عودة سوريا للجامعة العربية والأزمة في ليبيا".

وأوضح أنه في حالة انتخاب حكومة في ليبيا فإنه "سيتشكل تحالف جزائري تونسي ليبي سيؤدي إلى تغير الأوضاع في المنطقة المغاربية".

وخلال المؤتمر الصحفي بين الرئيسين، أكد تبون أنه بحث مع سعيد ملفات مختلفة خاصة الأوضاع في ليبيا، وقال :"اتفقنا أن الحل يجب أن يكون بين الليبيين أنفسهم".

كما أكد الرئيس التونسي  أن "التنسيق بين تونس والجزائر لا يتوقف بشأن قضايا المنطقة بما في ذلك الملف الليبي".

وعلى المستوى الرسمي، يؤكد بن يونس أن تونس حريصة على علاقتها مع الرباط.

"كسب نفوذ في تونس"

مدير مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية، ومقره الرباط، عبد الفتاح الفاتحي، يرى من جهته، أن "الجزائر تحاول استغلال الأزمة السياسية والدبلوماسية التي يعيشها سعيد بعد رفض المجتمع الدولي لقرارات 25 يوليو وتقدم الدعم السياسي والمالي له لكسب نفوذ في تونس".

وقال الفاتحي لموقع "الحرة" إن الجزائر تحاول تزعم المنطقة المغاربية وزيادة نفوذها من خلال تقوية علاقاتها بتونس وموريتانيا والتدخل في المسار السياسي في ليبيا، لعزل الرباط سياسيا واقتصاديا عن جميع جيرانها، وتكوين تحالف ضد الاتفاق الأمني الأميركي المغربي الإسرائيلي، الذي تراه يقوض مصلحتها وأمنها"، على حد قوله.

وأضاف أن المغرب "يتخوف من هذا التقارب التونسي الجزائري، ويخشى أن يتطور في المستقبل، وتنحاز تونس للجزائر في قضية الصحراء وتستغلها الجزائر للتأثير على هذه القضية في حشد موقف مغاربي يعارض سيادة الرباط على ولايته الجنوبية".

كانت الجزائر أعلنت في أغسطس الماضي، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، بعد شهور من التوتر، في قرار عزته إلى "قيام المغرب بأعمال"، قالت إنها "عدائية ضد الجزائر".

في المقابل، لا يعتقد صاغور وجود ربط بين توتر العلاقات المغربية الجزائرية خلال الشهور الماضية وبين الزيارة، مشيرا إلى أن توتر العلاقات بين الجزائر والرباط ليس بالأمر الجديد فهو منذ قبل الاستعمار .

وأشار إلى أن الجزائر تحضر لاستضافة قمة الجامعة العربية، وهي تسعى لأن تكون قمة شاملة جامعة تحضرها كل الدول العربية وبما فيها المغرب، لذلك "لا تسعى لتكوين أي تحالفات ضد المغرب" على حد تعبيره.

كما استبعد أن تلعب تونس دورا في محاولة إصلاح العلاقات بين المغرب والجزائر، مؤكدا أن بلاده لن تقبل تدخل أي طرف في هذه الأزمة.


المصدر : الحرة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa