الغنوشي وسعيّد.. معركة سياسية أم صراع شخصي؟

في خضم الأزمة السياسية التي تعيشها تونس، والخلاف المستمر بين الرئاسة ومجلس النواب، احتدم الصراع بين رئيس البرلمان المجمدة أعماله، راشد الغنوشي، والرئيس التونسي قيس سعيّد، حتى تم وصف الخلاف بينهما بـ "المعركة الشخصية".

والخميس، انتقد بيان للحزب الدستوري التونسي الحر، بقيادة عبير موسي، دعوة الغنوشي للبرلمانيين التونسيين للاحتفال بذكرى دستور 2014، وقال: "نرفض رفضا قاطعا توظيف راشد الغنوشي لصفته على رأس البرلمان في معركته الشخصية مع الرئيس"، حسب ما جاء في البيان.

من جانبه، قال الخميس، طارق الفتيتي، النائب الثاني لرئيس البرلمان التونسي، المعلّق، إن تونس بصدد دفع ثمن "خصومة شخصية" بين سعيد والغنوشي.

وفي حديث لموقع "بوابة أفريقيا" الإخباري، شدد الرجل على ضرورة تنظيم حوار وطني شامل للخروج من هذه الأزمة.

عزلة دولية

الغنوشي، قال الخميس، إن تونس أصبحت في "عزلة دولية خانقة ومهددة بانفجار اجتماعي" بعد ستة أشهر مما وصفه بـ "انقلاب قيس سعيد على الدستور."

والاجتماع الذي تحدث فيه الغنوشي، عبر الإنترنت، أمام بعض من أعضاء البرلمان، هو الأول منذ أن جمد سعيد عمل البرلمان في 25 يوليو الماضي، ويعد أوضح إشارة منذ ذلك الوقت "على تحدي الرئيس وقرارته بتعليق عمل البرلمان" وفق وكالة رويترز.

وقال الغنوشي إن هناك 75 نائبا وقعوا على عريضة لعقد جلسة أخرى للبرلمان وهو ما يعني أن "المجلس مازال حيا" وفقا لكلامه.

وفي يوليو 2021 علق سعيد عمل البرلمان وعزل رئيس الحكومة قبل أن يلغي أجزاء واسعة من الدستور وقال إنه سيحكم بمراسيم، وهي قرارات وصفها منتقدوه بأنها "انقلاب".

والسلطة التنفيذية، بموجب دستور 2014، في يد الحكومة التي تكون مسؤولة أمام البرلمان، لكنّها، بموجب هذه التدابير، أصبحت مسؤولة أمام رئيس الجمهورية فقط.

"حرب باردة"

وقبل ذلك، وصف مراقبون الخلاف الذي كان حتى ذلك الوقت خفيا، بين سعيد والغنوشي، بـ"الحرب الباردة" ، فما مدى صحة هذه القراءة؟

ينفي المحلل السياسي التونسي، صلاح الدين الجورشي، أن يكون هناك خلاف شخصي بين الرجلين ويقول إن ما يفرقهما مجرد رؤية سياسية مختلفة لتونس.

وفي حديث لموقع الحرة، يشدد الجورشي على أن المعركة التي بين الغنوشي وسعيد هي معركة فكرية ونظرية لطريقة إدارة الحكم في تونس.

الجورشي يرى أن أصل الخلاف يعود لكون الغنوشي يرأس أكبر كتلة برلمانية، وهو في نظر سعيد المسؤول عن الجمود السياسي والإخفاق الذي عرفته البلاد خلال المرحلة الأخيرة.

"سعيد يُحمّل الغنوشي مسؤولية الفشل الذي اتسمت به السياسية السابقة، ويرى في ذلك مبررا لسيطرته على السلطة" يتابع الجورشي، الذي رفض توصيف الخلاف بين الرجلين على أساس ما سلف، بـ"الشخصي".

ويمنح دستور 2014 الذي تم إقراره إثر ثورة 2011 صلاحيات أكثر للبرلمان على حساب باقي السلطات، ولكن ساهم ذلك في ظهور نزاعات وخلافات شديدة بين السلطات حول هذه الصلاحيات، ما عرقل عمل الدولة، لا سيما أن الانتخابات النيابية أفرزت في العام 2019 برلمانا مشتتا ومنقسما واجه صعوبات في الوصول إلى توافقات في خصوص العديد من القوانين. وعلّل مراقبون سبب ذلك القانون الانتخابي الذي سعى سعيّد إلى تغييره.

المحلل السياسي التونسي، بسام حمدي، يرى من جانبه أن توصيف الحزب الدستوري التونسي، الخلاف السياسي بين رئيس الجمهوية ورئيس حزب النهضة بـ"الشخصي" يدخل في إطار محاولة الحزب الانفراد بتحليل خاص للفت انتباه التونسيين لرؤيته.

وفي حديث لموقع الحرة قال حمدي إن هذا التوصيف غير مؤسس وإن من يقول بذلك "يحاول توجيه أنظار الشعب إلى أشياء جانبية" وقال: "المعركة بين سعيد والغنوشي، تتعلق بكيفية إدارة الحكم خاصة في خضم الأزمة الاقتصادية والمالية".

ولم يجب الحزب الدستوري الحر لطلب موقع الحرة التعليق على الموضوع.

القيادي السابق في حركة النهضة، والعضو بالبرلمان التونسي المعلق، سمير ديلو، قال إنه لا يمكن إنكار البعد الشخصي في صراع قيس سعيد مع الغنوشي.

وفي اتصال مع موقع الحرة، لم ينكر الرجل أن هناك نوعا من الخلاف الشخصي بين سعيد والغنوشي، وأن ذلك ساهم في تعقيد الأزمة بين مؤسسة الرئاسة ورئاسة البرلمان.

واستدل على رؤيته بالتذكير بالاتهامات التي أطلقها الرجلان لبعضهما، والتي تمس شخصية كل منهما لا الوظيفة أو المؤسسة.

لكنه عاد ليقول إن حصر الأزمة الحاصلة في تونس في خلاف شخصي "غير موضوعي" واعتبر أن الأزمة الحقيقية بين الرجلين هي النظرة التي يحملانها لطريقة تسيير دواليب الحكم في تونس.

وقال إن تسليط الضوء والتركيز على خلاف شخصي مفترض فيه "مغالطة".

وختم يقول إن "الخلاف بين رئيس جمهورية ورئيس البرمان خلاف سياسي لكن ببعد شخصي".

المصدر : الحرة