23/03/2022 01:27PM
كتبت مريم دحدوح في "السياسة":
لم أنسَ يومًا صوت "جدو" شفيق سنة ٢٠٠٥، بعد عودته من المشاركة في الاقتراع خلال الانتخابات النيابية، حيث عاد غاضبًا يشتكي كلّ ما تعرّض له من "ذل" وتعب، حين تم وضعه على كرسي وحمله مندوبو الأحزاب إلى الطابق الثاني في أحد مراكز الاقتراع.
قصّة جدي شفيق تمثل شريحة كبيرة من المجتمع تتعدى الـ ١٥% من المقترعين، الّذين يعانون من احتياجات خاصّة، يواجه كلّ منهم حواجزَ مختلفة تمنعه من المشاركة في الاقتراع خلال الانتخابات بسلام وأمان.
بعد مرور أكثر من ١٧ عامًا على حادثة جدي، هل أصبحت مراكز الاقتراع في لبنان مؤهلة لاستقبال ذوي الاحتياجات الإضافيّة وكبار السّن؟
حقّ اقتراع ذوي الاحتياجات الخاصّة حبر على ورق
رغم أنّ حقّ الاقتراع هو من أبرز الحقوق السياسيّة التي يتمتع بها المواطن، ورغم أنّ الدستور اللبناني يشدد على مبدأ المساواة بين المواطنين من دون تفرقة أو تمييز في المادة السابعة منه: "كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم". كما تنصّ المادّة ٩٨ من القانون ٢٠٠٠/٢٢٠، على ضرورة أن: " تؤخذ بعين الاعتبار احتياجات الأشخاص المعوّقين عند تنظيم كافة العمليات الانتخابيّة من نيابية وبلدية وغيرها وتصدر تلك الإجراءات بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزارة الداخلية وبعد استشارة وزارة الشؤون الاجتماعية ". إلا أنّ الممارسة حرمت جزءًا منهم هذا الحقّ السياسي.
من الناحية القانونية، يحظى ذوو الاحتياجات الخاصّة بكلّ حقوقهم المدنية والسياسية، وتفرض عليهم الواجبات نفسها أيضًا.
أمّا من ناحية التطبيق على أرض الواقع وبشكل أساسي في الاقتراع خلال الانتخابات فتختلف الصورة حيث "الاستهتار" يسيطر على المشهد، ويغيب عنه مبدأ المساواة. فالمراكز غير مؤهلة لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصّة المصابين بإعاقة جسدية أو تخلّف عقلي- الذين يحق لهم الاقتراع بحسب القانون، أو المصابين بضعف في النظر، أو السمع، أو كبار السّن، أو النساء الحوامل.
الوزارات لا تختلف على توزيع الأدوار وتتشارك في "الإهمال" بحجة القانون
بحسب المرسوم التطبيقي ٢٢١٤ /٢٠٠٩، الّذي نص على إصدار وزارة الداخلية والبلديات تعاميم ملزمة للمحافظين، ورؤساء البلديات، للحض على تطبيق القانون تسهيلًا لعملية اقتراع ذوي الاحتياجات الخاصّة، إلا أنّهم ما زالوا يتعرضون للتهميش وللانتهاكات بالجملة، في ظل غياب تجهيز المراكز وغياب الوعي "الكافي" لدى المشرفين على العملية الانتخابية.
في هذا السياق، أشارت رئيسة الإتحاد اللّبنانيّ للأشخاص المعوقين حركيًا، سيلفانا اللّقيس، إلى أنّه تم الاجتماع مع مستشار وزير الداخلية بالإضافة إلى عدة اجتماعات مع الوزير بسام مولوي وقد تقدم الاتحاد باقتراحات لتسهيل عملية الاقتراع لذوي الاحتياجات الخاصّة، من بينها السماح لهم بالتسجيل مسبقًا واختيار المراكز التي تناسبهم على أن تكون مجهزة لاستقبالهم، مؤكّدةً أنّه "لا نطالب بمراكز خاصّة بنا نحن ضدّ هذا الأمر، بل نريد مراكز للجميع شرط أن تكون معدّة لاستقبالنا". لكنّ التسجيل المسبق رُفض من قبل الوزارة بحجة أنّه يحتاج إلى قانون مسبق لتنفيذه، على حدّ تعبيرها.
ولفتت اللّقيس إلى أنّه "قمنا بمراجعة ومسح لكل مراكز الانتخابات، تحديدًا مدارس الدولة الرسمية، حيث تبين أن نسبة ٤٠٪ منها تتضمن طوابق أرضية، وقاعات، وملاعب مسقوفة وغير مسقوفة، يمكن للأشخاص المعوقين حركيًا أو لكبار السن الاقتراع فيها".
وأكّدت أنهم قدموا لوزارة الداخلية المسح الكامل والنتائج، مشيرةً إلى أن " هذا الأمر يتطلب من الوزارة امتلاك بيانات عن الأفراد المعوقين بالاضافة إلى سجلات القيد الخاصة بهم، والمنطقة التي ينتخبون فيها".
وبحسب اللّقيس "وزارة الداخلية طلبت هذه المعلومات والبيانات من وزارة الشؤون الاجتماعية، لكي تستطيع تنفيذ هذا الاقتراح، ولكن وزارة الشؤون رفضت تسليم هذه البيانات للداخلية تحت ذريعة أنها معلومات شخصية، ولا يحقّ لها تسليمها إلا بعد موافقة مباشرة من صاحب العلاقة".
بحجة القانون، طُيّر هذا الاقتراح كما طُيّر الاقتراح الّذي سبقه، وطار معه حقّ اقتراع ذوي الاحتياجات الخاصّة بسلام وأمان.
"اتبهدلوا كتير".. ٢٠١٨ السنة الأسوأ لأصحاب الاحتياجات الخاصّة
"حملوهن متل كأنن أكياس بطاطا"... بهذه العبارة وصفت سيلفانا اللّقيس، الانتخابات النيابية لدورة ٢٠١٨ التي اعتبرتها "أسوأ سنة انتخابية مرّت على ذوي الاحتياجات الخاصّة وكبار السن على حدٍ سواء، حيث استعان المنظمون بالدفاع المدني لحمل المقترعين إلى أقلام الاقتراع"، مضيفةً " هذا الأمر يعرضهم للخطر والألم، كما يعرض حامليهم للأذى".
أمّا بالنسبة للأشخاص الذّين لم يستطيعوا المشاركة في الانتخابات بسبب عدم تأمين المراكز وحُرموا من حقّهم السياسيّ، فأشارت اللّقيس إلى أن "العديد من ذوي الاحتياجات الاضافية لم يتمكنوا من الوصول إلى المراكز، والّذين وصلوا "اتبهدلوا كتير"، مضيفةً "نهار الانتخابات نرى اجتهدًا كبيرًا من الاحزاب وفجأة يصبحون مهتمين بقضايا الإعاقة، ويضعون كرسيًا متحرّكًا أمام أبواب أقلام الاقتراع"، واصفةً كل ما حصل في الانتخابات الأخيرة بـ"المشاهد الغريبة العجيبة".
وبحسب تقرير وزارة الداخلية المتعلّق بانتخابات ٢٠١٨ "فقط ٤٠٠٠ شخص من ذوي الإعاقة وكبار السن شاركوا في عملية الاقتراع خلال الانتخابات"، وهذه نسبة ضئيلة جدًا بحسب اللّقيس.
هل دورة ٢٠٢٢ ستكون أفضل؟
على ما يبدو، انتخابات ٢٠٢٢ لن تكون أفضل بكثير من انتخابات ٢٠١٨ بالنسبة لأصحاب الاحتياجات الخاصّة، فبغض النظر عن كلّ المعوقات التي يتحدونها للوصول والمشاركة في حقّهم السياسي في كلّ دورة انتخابية، هذه السنة توجد معوقات جديدة. مثلًا بعض المراكز كانت مجهزة بمصاعد، لكنها ستكون خارج الخدمة بسبب الانقطاع المستمر والشبه الدائم للتيار الكهربائي، بالاضافة إلى ارتفاع اسعار التنقل، وغيرها من المشاكل التي ستكون نتيجة الانهيار الحاصل في لبنان.
العد العكسي للاستحقاق الانتخابي بدأ، يبقى السؤال الأهم: ما مصير ذوي الاحتياجات الخاصة هذه السنة؟
المصدر : السياسة
شارك هذا الخبر
بالفيديو: بعد انفجار صاروخ تابع لشركة "سبيس إكس"..عشرات الرحلات تحول مسارها
بخطوات بسيطة..هكذا نحضر كيك الشوكولاتة الداكنة بالفرن
بالفيديو: سيارة ذاتية القيادة تدور حول نفسها وتُحرم راكبًا من رحلته
أطفال غزة.. 15 ألف ضحية و35 حكاية مأسوية يومياً
معركة جديدة..الانتخابات البلدية بعد تشكيل الحكومة
ترشيح نوّاف سلام لم يولد بين ليلة وضحاها..هذه قصته مع رئاسة الحكومة
الثنائي قد لا يحصل على كل ما يسعى إليه..فهل يحصل على 6 وزراء من أصل 24؟
أزمات سياسية وإقتصادية..تحديات عدة تنتظر لبنان
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa