06/05/2022 09:21PM
بات السياسي التركي المعارض زعيم "حزب النصر"، أوميت أوزداغ، على كل لسان في تركيا، من الحكومة إلى معارضة والموالاة وحتى ضمن دائرة نقاش اللاجئين السوريين، والذين تحولوا بالتدريج إلى "مادة دسمة" تتصدر برنامجه الانتخابي، ورؤيته السياسية المرتبطة بالانتخابات الرئاسية في 2023.
قبل عامين لم يكن اسم أوزداغ يتردد كثيرا، سوى ببضع التصريحات التي كانت تستهدف اللاجئين، وبالأخص السوريين منهم، لكنه ومنذ ذلك التوقيت وحتى الآن "صعد بالتدريج"، وذلك ما ارتبط بالمسار الهجومي التصاعدي الذي اتخذه إزاء ملف اللاجئين.
وفي الوقت الذي أكد فيه مرارا على أنه سيعيدهم إلى سوريا "قسرا لا طوعا"، استخدم لغة أكثر حدة، في الأيام القليلة الماضية، لدرجة أنه شارك صورة حافلة مع "ظافر (اسم حزبه) توريزم" على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال إنه "سيتم إعادة طالبي اللجوء" بها.
واعتبر أوزداغ أن الإعادة إلى "الوطن"(سوريا) ستتم "وفقا للقانون ومن خلال الاتفاقات الدبلوماسية وعن طريق البر"، في موقف كان قد مهّد له قبل ذلك، بإعلانه بدء التواصل مع الخارجية السورية التابعة للنظام السوري، من أجل تنسيق ذلك.
"معارض استثنائي"
لا يقتصر الحديث عن ملف السوريين في تركيا وخطط إعادتهم إلى بلادهم على أوزداغ فقط، بل انسحب مؤخرا ليشمل بقية أحزاب المعارضة، وحتى الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) وحليفه "الحركة القومية".
وكان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، كشف، الثلاثاء الماضي، عن تحضير أنقرة لمشروع يتيح العودة الطوعية لمليون سوري إلى بلادهم، وفقا لما ذكرت وكالة أنباء الأناضول الحكومية.
لكن هناك ما كان يمّيز خطوات ذلك السياسي زعيم الحزب المؤسس حديثا، وهو أنه تناول الملف من "زاوية عنصرية بحتة"، بحسب مراقبين أتراك، فيما ذهب لانتقاد طبيعة التعاطي مع ملف اللجوء. ليس فقط باستهداف الحزب الحاكم، بل أحزاب المعارضة الأخرى أيضا، من بينها "حزب الشعب الجمهوري" و"حزب الجيد"، الذي فصله في مارس 2021.
ينشط أوزداغ بشكل أساسي عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، والذي يتابعه فيه قرابة مليون، إضافة إلى وسائل الإعلام ذات النفس المعارض، والتي باتت تستقبله بصورة كبيرة، خلال الأشهر الماضية، نظرا لحالة الجدل التي بات يثيرها بشكل شبه يومي.
عدا عن ذلك، كان السياسي الذي قضى معظم حياته السياسية في حزب الحركة القومية التركي (يميني قومي) قد اتجه، مؤخرا، إلى نشر تسجيلات مصورة من داخل الشارع، حيث ظهر فيها وهو يستقبل عددا من الأشخاص والعائلات السورية في ولايات متفرقة، مخاطبا إياهم بضرورة العودة إلى سوريا، مقارنا "الامتيازات التي حازوا عليها بتلك الخاصة بالمواطنين الأتراك الأصليين".
"محطة صدام"
من خلال مواقفه الحادة ضد اللاجئين في البلاد جعل أوميت أوزداغ من نفسه "شخصية مثيرة للجدل في تركيا"، بحسب ما يقول الباحث السياسي التركي، هشام جوناي.
وقد يكون لهذه الشخصية جذور تعود لسنوات طويلة، ويضيف جوناي: "خاصة أن والده كان ضابطا في الجيش، ومن ضمن مجموعة الضباط الذين حاولوا الانقلاب على عدنان مندريس (أول رئيس وزراء تركي منتخب أعدمه العسكر بعد انقلاب 1960)".
وبعد هذه الحادثة يشير الباحث التركي إلى أن والده نقل ليعين كملحق في السفارة التركية بالعاصمة اليابانية طوكيو، "وفي هذه العاصمة ولد ابنه أوميت أوزداغ، وعاش فيها طفولته"، مشيرا إلى أن "والده كان قوميا متشددا يعتز بالقومية التركية، وذلك ما انسحب عليه أيضا بعد عودته إلى تركيا في نهاية 1963".
ويوضح الباحث التركي، في حديث لموقع "الحرة": "هو يرى بذلك نهجا سياسيا مختلفا نوعا ما عن النهج السياسي الآخر. لديه أجندة خاصة تختلف عن باقي الأحزاب، لاسيما أنها تعتمد على فكر سياسي بعيد عن مسايرة الجميع، كالذي يسير من خلاله حزب العدالة والتنمية لجني الأصوات أكثر".
وفي الوقت الذي كان فيه أوزداغ، قبل أيام يواصل "حملات التحريض" ضد اللاجئين المقيمين في تركيا دخل في "محطة صدام" ومشادات كلامية مع وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو.
وسرعان ما انعكس ما سبق على حديث المستخدمين في وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام التركي، والتي ما تزال حتى الجمعة تفرد تغطيات لمواكبة "الرد والرد الآخر".
وفي مقابلة مع إحدى المحطات الإعلامية في تركيا، كان صويلو قد خرج بسلسلة تصريحات بشأن ملف اللجوء في البلاد، وعندما سأله المذيع عن رأيه ببعض المواقف الخاصة بأوزداغ قال: "لا تسألني، وإلا سأغادر هذا المكان. أنا لا أضع إنسانا بدلا من رجل بالنسبة لي.. (وشتمه) إنه ابن العمليات. طفل سوروس، ومن الواضح أنه ضابط مخابرات".
وأضاف الوزير التركي أن أوزداغ "رجل مشين، ويستخدم تكتيك سوروس"، في إشارة منه إلى الممول الأميركي من أصل مجري جورج سوروس.
بعد ذلك، شارك أوميت أوزداغ برسالة على حسابه على "تويتر"، وقال مخاطبا صويلو إنه سيتجه إلى مقر وزارة الداخلية، يوم الجمعة، مضيفا: "إذا كان لديك القليل من الشجاعة، فانتظرني عند بوابة الوزارة دون الاختباء خلف الشرطة التركية الشريفة".
وبالفعل اتجه أوزداغ إلى مقر "الداخلية التركية"، ونشرت وسائل إعلام سلسلة تسجيلات مصورة له، وهو يهاجم صويلو، مستخدما عبارات: "لقد شهدت تركيا كلها والعالم كم هو جبان سليمان صويلو الذي أهانني وأهان عائلتي".
"الاستيلاء الصامت"
في غضون ذلك لم يكن للمشادات وحالة الصدام التي حصلت بين أوزداغ وصويلو دون خلفيات. وقبل يومين أعلن نائب وزير الداخلية، إسماعيل تشاتاكلي، أن إدارة الهجرة ستقدم شكوى جنائية ضده، بسبب نشرهم معلومات مضللة عن اللاجئين السوريين في تركيا.
وجاء ذلك على خلفية نشر فيلم حمل عنوان "الغزو الصامت"، وتبنى أوزداغ تمويله بشكل علني عبر حساباته الشخصية.
وتختصر فكرة الفيلم الذي أثار الكثير من الجدل ودفع السلطات التركية لاعتقال مخرجته "هاندي كاراجاسو" بأن إسطنبول ستكون في 2042 مدمَّرة، ورئيس تركيا المستقبلي من اللاجئين السوريين الذين يطاردون الأتراك ويسعون لقتلهم.
ما الذي يدفعه إلى ذلك؟
يتأثر الشارع التركي بما يدلي به السياسيون الأتراك، وهو ما قد يحول أي موقف أو تعليق يصدر عنهم إلى حديث واسع النطاق، وقد يترجم أيضا على الأرض بصورة متسارعة.
وخلال الأشهر القليلة الماضية كانت مشاعر العداء ضد اللاجئين السوريين في تركيا قد تصاعدت، مع قيام عدد من السياسيين وقادة أحزاب المعارضة بحملات لفرض قيود أكثر صرامة عليهم، وعلى رأسهم أوزداغ.
ويقول الباحث السياسي، هشام جوناي، إن "الأحزاب الصغيرة التي خرجت بعد النظام الرئاسي، وما تلاها من اعتبارات تتعلق بالرئيس وحاجته لنسبة 51 بالمئة من مجمل الأصوات بدأت تلعب دورا محوريا يوازي أهميتها وأهمية الأحزاب الكبيرة".
ويوضح جوناي: "مثلا.. حزب الحركة القومية يسير الآن مع العدالة والتنمية. لو قارنا هذين الحزبين من حجم تصويت لنرى أن الأخير يزيد بـ3 أضعاف، ولكنه في ذات الوقت محتاج له لكي يتجاوز حاجز الـ50 بالمئة".
و"حزب النصر مؤسس حديثا، وفي الوقت الحالي يبحث عن مكانة في حلبة السياسة التركية".
ويضيف الباحث التركي: "بذلك رأى أوميت أوزداغ في موضوع اللاجئين مساحة يمكن أن يلعب عليها. هذه المساحة تتماشى مع فكره السياسي من جهة ومع السياق الذي تسير من خلاله بقية أحزاب المعارضة".
لكن وعلى الرغم من الدعوات والمواقف التي أعلنت عنها بقية الأحزاب بخصوص ملف السوريين، وخاصة "حزب الشعب الجمهوري" و"حزب الجيد"، إلا أن أوزداغ استخدم خطابا مختلفا.
وهذا الاختلاف يتمثل بـ"انتهاج نهج حاد قياسا ببقية خطابات السياسيين"، و"استغلال الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، بالتوازي مع امتعاض الطبقة الأكبر من المجتمع، وهي طبقة الفقراء، وبتحميلهم المسؤولية كاملة للاجئين"، وفق جوناي.
ويتابع: "من هنا يجد أوميت أوزداغ مساحة ليكسب شعبية ويجد مكانة في وسائل الإعلام، والتي بدأت تحتضنه بالفعل، وتوجه له الدعوات ليجد منبرا ويعبر من خلاله. هو الآن يحظى بنسبة مشاهدة عالية في تركيا".
"حياة سياسية متقلبة"
قبل المؤتمر العادي الثامن لـ"حزب الحركة القومية" الذي كان سيعقد في 19 نوفمبر 2006، أعلن أوزداغ أنه سيترشح للرئاسة ضد دولت بهجلي (الزعيم الحالي).
ودفعت هذه التصريحات الحزب لفصله قبل يومين من المؤتمر، ليعود مرة أخرى إليه في 2010 بقرار من المحكمة، ومن ثم ليفصل في ذات القصة في نوفمبر 2016.
وبعد تلك الرحلة السياسية انضم أوزداغ في 2017 إلى "حزب الجيد" ذي الجذور القومية، والذي يتخذ "موقفا وسطيا".
وشغل فيه منصب نائب الرئيس للاستراتيجية والاتصال والدعاية والترويج، كما انتخب نائبا عن إسطنبول، إلى أن تم طرده في نوفمبر 2020 بسبب مواقفه التي وصفت بالعنصرية، ما دفعه بعد ذلك إلى تقديم استقالة في مارس 2021.
في عام 2021 أسس أوزداغ "حزب النصر" في 26 أغسطس 2021، بعدما قاد حركة سياسية لعدة أشهر.
ووفقا لاستطلاعات الرأي، فإن نسبة الأصوات الخاصة به الآن تتجاوز حاجز الـ2 بالمئة.
وعلى الرغم من "صغر الرقم"، فإن الباحث السياسي جوناي يرى أنه "يعتبر نجاحا بالنسبة إليه، علاوة أننا أصبحنا نتحدث عن الأجندة التي فرضها على الواقع السياسي التركي بنفسه".
ولا يمكن فصل توجه أوزداغ، بحسب الباحث السياسي "عن التوجهات القومية في باقي الدول"، مشيرا: "حزب لوبان في فرنسا مثلا لا يختلف كثيرا عنه. الآن بدأ ينافس على منصب الرئاسة. سابقا كانوا يستهزئون به لكنه الآن يسارع الوتيرة ويحاول أن يجد مكانا في السياسة التركية من خلال هذا التوجه العنصري".
شارك هذا الخبر
عون يبحث مع وزير الطاقة مشروع الكابل البحري بين لبنان وقبرص
مليارات الدولارات: أرباح وإيرادات "بيبسيكو"
لقاءات في اليرزة: هيكل يستقبل تيمور جنبلاط وحنكش
لجنة الدفاع توصي بحماية حرش بيروت وتحسم ملفات الترقيات الأمنية
وزارة المالية تلزم بترخيص مسبق لليانصيب الخيري والدعائي
شهيب: دروز الجبل هم أول من ثار ضد نظام بشار الأسد...وحدها الدولة العادلة تحمي
العلاقات الثنائية موضوع بحث جعجع والسفير التونسي
الرئيس عون يلتقي رئيس الحكومة نواف سلام قبيل جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa